نتنياهو: أقدر عاليا التدخل الأمريكي ضد الحوثيين وواشنطن لا تدخر جهدا في الرد عليهم بشدة
بين رغبة روسيا في توسيع دائرة الصراع داخل القارة العجوز، وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ظهرت مُفاجآت عكست رغبة الولايات المتحدة بإنهاء النزاع في أوكرانيا، تزامنًا مع نشر موسكو قاذفات نووية قرب ولاية ألاسكا الأمريكية.
وأعلن بلينكن، أن واشنطن تسعى إلى تجنب أي صدام مباشر مع روسيا، التي تمتلك أسلحة نووية، وأنها لا تُريد صراعًا مباشرًا بين القوى النووية.
وأشار بلينكن في كلمة ألقاها بمجلس العلاقات الخارجية، إلى أن الولايات المتحدة تواصل دعم أوكرانيا، لكنها تفعل ذلك مع الأخذ في الاعتبار المخاطر الحالية لتصعيد الصراع.
وأوضح أن وقف إطلاق النار في أوكرانيا لن يكون مفيدًا إلا بشروط واشنطن وكييف، وأن ضمان وقف إطلاق النار في هذه المرحلة سيكون تطورًا جيدًا للأحداث، إذا أمكن تحقيق ذلك بشروط تضمن تلبية المطالب الأساسية لواشنطن وكييف.
وسبق أن طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مبادرات لحل سلمي للصراع في أوكرانيا، والتي على إثرها ستوقف موسكو إطلاق النار على الفور، وتعلن استعدادها للمفاوضات بعد انسحاب القوات الأوكرانية من أراضي المناطق المعاد توحيدها مع روسيا.
وفي خضم هذه التصريحات المُفاجئة في الموقف الأمريكي، أعرب بوتين عن استعداده للقاء الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، وذلك "في أيّ وقت"، في ظلّ تكهّنات كثيرة عن مفاوضات محتملة للسلام في أوكرانيا، بحسب "فرانس برس".
ومع التحولات في الموقف الأمريكي، أجمع خبراء على أن تصريحات بلينكن ليس لها أي أهمية في هذا التوقيت، خاصة أنها تحمل بين طياتها مراوغة لوقف إطلاق النار، وعدم الاعتراف بالأراضي التي سيطرت عليها موسكو داخل أوكرانيا.
وفي هذا الصدد، قال مدير مركز "JSM" للأبحاث والدراسات، الدكتور آصف ملحم، إن تصريحات بلينكن ما هي إلا حيلة أمريكية تحمل بين طياتها الخديعة، خاصة أنه يقول إن وقف طلاق النار يجب أن يمر عبر شروط واشنطن وكييف، فهو بذلك يحاول تحجيم قيام روسيا بعمليات عسكرية ضد أوكرانيا، وفي نفس التوقيت عدم الاعتراف بالأراضي التي ضمتها روسيا في شرق أوكرانيا ضمن عمليتها العسكرية الحالية.
وأضاف ملحم، لـ"إرم نيوز"، أنه في حال وقف إطلاق النار بهذا السيناريو الأمريكي، وبعد فترة من الزمن، سيتم إعادة تسليح أوكرانيا، تمهيدًا لقصف الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، وذلك بدعم من الغرب.
وتابع: "بلينكن استبدل مصطلح تجميد الصراع بكلمة وقف إطلاق النار؛ لذلك نلاحظ أن روسيا تبدي تحفظًا على كلمة وقف إطلاق النار".
ولفت ملحم إلى أن روسيا نظرت بكثير من التحفظ إلى مبادرة الصين وجنوب أفريقيا، رغم احترام موسكو لتلك الدول.
وأوضح أن بلينكن يحاول بتلك التصريحات إلقاء الكرة في ملعب روسيا، قائلًا إن كييف لا تمانع وقف الحرب ووقف إطلاق النار، لكن التجربة تؤكد عكس ذلك، بدليل اتفاقيات "مينسك"، وفق تعبيره.
وحول الصدام بين روسيا والولايات المتحدة، أكد ملحم أنه "لا أحد يريد هذا الصدام؛ لأن ذلك يعني حربًا نووية شاملة ستدمر كوكب الأرض، كما أنه من غير المربح لأمريكا مواجهة روسيا، التي تتفوق على الولايات المتحدة في الأسلحة النووية".
وقال ملحم إنه لهذه الأسباب "تتبع أمريكا إستراتيجية الاستنزف مع روسيا، على غرار ما حدث في أفغانستان؛ لذلك نرى أن أمريكا جرّت روسيا إلى المستنقع الأوكراني لاستنزافها حتى تسقط من الداخل".
من جانبه، قال رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار، الدكتور عماد أبو الرُب، إن هناك تباينا كبيرا بين الجمهوريين والديمقراطيين، إذ يحاول الديمقراطيون تعزيز الموقف الأوكراني حتى يجبروا روسيا على إبداء مرونة في التفاوض، وتتراجع عن بعض الشروط لصالح أوكرانيا.
وأضاف أبو الرب، لـ"إرم نيوز"، أن تصريحات بلينكن لن تكون لها أهمية؛ لأنه سوف يغادر وزارة الخارجية مع إدارة جو بايدن.
وأوضح أن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، سوف يحاول إيجاد نوع من المقاربة بين روسيا وأوكرانيا، وإمكانية تحقيق تهدئة مؤقتة للبدء في مفاوضات من شأنها الوصول إلى تسوية سلمية.
وأكد أبو الرب أهمية دور الوسطاء لتعزيز جلوس الطرفين الروسي والأوكراني على مائدة المفاوضات، لتحقيق توازن في المواقف، بحيث يكون هناك اتفاق دولي وضمانات أمنية حتى لا يتم تقويض القانون الدولي اليوم أو مستقبلًا.
وفي ذات السياق، أكد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور نبيل رشوان، أن تصريحات بلينكن حول وقف إطلاق النار في أوكرانيا بشروط واشنطن وكييف، لن يعتد بها من قبل الروس؛ لأنه على وشك الرحيل ضمن إدارة بايدن قبل 20 يناير/كانون الثاني المقبل، وهو موعد تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب.
وأضاف رشوان، لـ"إرم نيوز"، أنه فيما يتعلق بشروط كييف للتفاوض، فإن هناك مرونة من جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي، الذي لا يمانع التنازل عن جزء من الأراضي في شرقي أوكرانيا لصالح روسيا، مقابل الحصول على ضمانات بضم أوكرانيا لحلف الناتو.
وتابع: "يبدو أن الغرب وأمريكا أقنعوا زيلينكسي بهذا الحل، مقابل دعوة أوكرانيا للانضمام لحلف الناتو"، رغم أن كبار زعماء حلف الناتو مثل أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا لم يتخذوا هذه الخطوة.
وخلص رشوان إلى أن زيلينكسي يعتبر انضمامه للناتو قمة الانتصار على روسيا، لكن يبقى السؤال الصعب، وهو: هل ستوافق روسيا على هذا الانضمام مقابل صفقة الأراضي الأوكرانية لصالحها أم لا؟