حماس تنفي قطع الاتصالات أو وقف المحادثات المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى

logo
العالم

مع صعود اليمين المتطرف.. الهجرة لأوروبا "من الترحيب إلى الترحيل"

مع صعود اليمين المتطرف.. الهجرة لأوروبا "من الترحيب إلى الترحيل"
ضبط مهاجرين غير شرعيين في إسبانياالمصدر: (أ ف ب)
12 مارس 2025، 6:43 م

يرى خبراء سياسيون فرنسيون متخصصون في شؤون اليمين المتطرف أن أوروبا تمر بمرحلة تحول جذري في سياسات الهجرة، حيث انتقلت من نهج الترحيب باللاجئين إلى استراتيجية ترحيل صارمة تستهدف طالبي اللجوء المرفوضين. 

ويثير هذا التغيير، الذي يتزامن مع صعود اليمين المتطرف، تساؤلات عن مدى تأثير التيارات الشعبوية على السياسات الأوروبية، والتداعيات المحتملة لهذه المقاربة الجديدة على المجتمعات الأوروبية.

من الترحيب إلى الترحيل القسري

خلال العقد الماضي، كانت أوروبا مركزًا رئيسيًا لاستقبال اللاجئين، خاصة بعد أزمات الهجرة الكبرى التي تفجرت نتيجة النزاعات في سوريا، وأفغانستان، ومناطق أخرى. لكن بعد موجات اللجوء التي بلغت ذروتها في 2015-2016، بدأت العديد من الحكومات الأوروبية في إعادة النظر في سياسات الاستقبال والدمج، تحت ضغط الأحزاب اليمينية المتطرفة التي جعلت من الهجرة قضية رئيسية في أجندتها السياسية.

وتعكف المفوضية الأوروبية على تنفيذ خطة جديدة تهدف إلى تسريع عمليات الترحيل لطالبي اللجوء الذين تم رفض طلباتهم. وتشمل هذه الخطة تشديد الرقابة على الحدود، وتعزيز التعاون مع الدول الأصلية للمهاجرين، إضافة إلى فرض عقوبات على الدول التي ترفض استقبال مواطنيها المبعدين من أوروبا.

وفقًا لمصادر أوروبية، فإن نسبة تنفيذ قرارات الترحيل لا تزال منخفضة، حيث لم يتم ترحيل سوى 21% من طالبي اللجوء المرفوضين في 2023. 

ولهذا، تعمل بروكسل على وضع آليات جديدة لزيادة هذه النسبة، تشمل توقيع اتفاقيات ثنائية مع الدول المصدّرة للمهاجرين، وزيادة التنسيق بين الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية في دول الاتحاد الأوروبي.

صعود اليمين المتطرف

لا يمكن فصل هذا التحول في السياسة الأوروبية عن صعود اليمين المتطرف في العديد من الدول، مثل فرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، والسويد. فقد نجحت أحزاب اليمين القومي في التأثير على الخطاب السياسي السائد، حيث باتت قضايا الهجرة والأمن الحدودي تحتل مكانة مركزية في الحملات الانتخابية.

وفي فرنسا، دفع التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان الحكومة إلى تبني مواقف أكثر تشددًا تجاه المهاجرين غير الشرعيين، ما انعكس في سياسات وزير الداخلية برونو ريتايو الذي دعا إلى ضرورة إعادة النظر في اتفاقيات اللجوء الأوروبية. أما في إيطاليا، فقد اتخذت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني خطوات فعلية للحد من تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط، من خلال اتفاقيات مع ليبيا وتونس لضبط الحدود البحرية.

وفي ألمانيا، حيث تقود حكومة يسارية الوسط، يتزايد الضغط من الأحزاب اليمينية مثل "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) لفرض إجراءات أكثر صرامة ضد طالبي اللجوء. ويرى المحللون أن الأحزاب التقليدية باتت مضطرة إلى تبني سياسات متشددة لتجنب فقد المزيد من الناخبين لصالح اليمين المتطرف.

أخبار ذات علاقة

الانتخابات الرومانية "تربك" المشهد السياسي في أوروبا

أوروبا و"الصفر مهاجر"

يرى جان إيف كامو، الباحث الفرنسي المتخصص في شؤون اليمين المتطرف، لـ"إرم نيوز"، أن أوروبا تتحرك بخطى ثابتة نحو نموذج أكثر تشددًا في التعامل مع ملف الهجرة. 

وأضاف: "نشهد اليوم تحوّلًا جذريًا في سياسات الهجرة في أوروبا، مدفوعًا بصعود اليمين المتطرف. الأحزاب القومية لم تعد مجرد أصوات معارضة، بل أصبحت شريكًا في صناعة القرار، سواء من خلال الحكومات التي تترأسها في بعض الدول، أو من خلال الضغط المستمر على الأحزاب التقليدية."

واعتبر أن ما يحدث الآن في أوروبا هو محاولة للوصول إلى سياسة 'الصفر مهاجر'، أي تقليص الهجرة الشرعية وغير الشرعية إلى أدنى مستوياتها الممكنة. 

وتابع: "هذه المقاربة ستؤدي إلى إعادة النظر في اتفاقيات حقوق الإنسان، وربما خلق تصدعات داخل الاتحاد الأوروبي بين الدول التي تؤيد التشدد وتلك التي لا تزال متمسكة بسياسات الاستقبال."

مخاطر تلوح في الأفق

من جانبه، يرى بيير هنري دومون، الخبير القانوني المتخصص في قضايا الهجرة، لـ"إرم نيوز" أن هذا التحول يحمل مخاطر قانونية وإنسانية قد تعرض أوروبا لانتقادات دولية. 

وأوضح: "إجراءات الترحيل التي يتم تسريعها حاليًا قد تتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، خاصة عندما يتم إعادة المهاجرين إلى دول تعاني من أوضاع سياسية وأمنية غير مستقرة. كما أن بعض الدول الأصلية قد ترفض استقبال مواطنيها، مما يجعل عملية الترحيل مستحيلة قانونيًا."

ويتابع: "هناك أيضًا مخاوف من أن يؤدي هذا النهج إلى تصاعد حالات الانتهاك ضد المهاجرين، سواء داخل مراكز الاحتجاز في أوروبا أو عند إعادتهم إلى بلدانهم. الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى ضمان أن سياساته الجديدة لا تتعارض مع التزاماته الدولية."

مستقبل الهجرة في أوروبا

مع استمرار صعود اليمين المتطرف، يبدو أن سياسة الهجرة في أوروبا ستشهد مزيدًا من التشدد في السنوات المقبلة. ومع ذلك، فإن هذه المقاربة قد تواجه تحديات قانونية وسياسية، لا سيما إذا تصاعدت ردود الفعل المناهضة داخل المجتمعات الأوروبية، أو إذا ثبت أن هذه الإجراءات غير فعالة في الحد من تدفق المهاجرين.

أخبار ذات علاقة

مصير ألمانيا على المحك.. اليمين المتطرف يتربص بصناديق الاقتراع (فيديو إرم)

  في ظل هذا المشهد، يبقى السؤال المطروح: هل ستنجح أوروبا في تحقيق توازن بين حماية حدودها والحفاظ على قيمها الإنسانية؟ أم أن موجة التشدد ستؤدي إلى تحولات جذرية في النموذج الأوروبي التقليدي لحقوق الإنسان؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات