كوريا الجنوبية تعلن مقتل 18 شخصا في أسوأ حرائق للغابات تشهدها البلاد
يذهب خبراء فرنسيون إلى أن اقتراح الرئيس إيمانويل ماكرون بإمكانية نشر قوات أوروبية في أوكرانيا يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في السياسة الفرنسية تجاه النزاع.
وفي هذا السياق، يرى جان بيير مولينيه، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، أن "فرنسا تحاول تعزيز دورها كلاعب دبلوماسي رئيسي في أوروبا من خلال تنظيم اجتماع لقادة الأركان العسكريين للدول المستعدة لضمان سلام مستقبلي في أوكرانيا".
وأضاف، لـ"إرم نيوز"، أن "هذا الاجتماع هو جزء من سعي باريس إلى فرض نفسها كمركز للحلول الدبلوماسية، لكن اقتراح نشر قوات أوروبية، حتى بعد توقيع اتفاق سلام، قد يثير مخاوف بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي".
ومن جانبه، اعتبر فرانسوا هيزبرج، الخبير في مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية (FRS)، أن تصريحات ماكرون تمثّل "قفزة نوعية في الخطاب الفرنسي حول الحرب في أوكرانيا"، لكنه حذّر من أن "فكرة نشر قوات أوروبية، ولو لأغراض حفظ السلام، قد تُستغل من قبل موسكو لتبرير مزيد من التصعيد العسكري".
وأوضح، لـ"إرم نيوز"، أن "فرنسا تتحدث عن وجود غير قتالي لهذه القوات، لكن أي وجود عسكري على الأرض قد يُنظر إليه على أنه تدخل مباشر في النزاع".
باريس تتجه لتعزيز الدفاع الأوروبي دون زيادة الضرائب
وفي خطابه التلفزيوني مساء الأربعاء، أعلن ماكرون عن استثمارات إضافية في قطاع الدفاع الأوروبي، مؤكدًا أن هذه الاستثمارات "لن تؤدي إلى زيادة الضرائب"، بل ستتم من خلال "إعادة تخصيص الموارد في الميزانية".
كما شدد على ضرورة "اتخاذ قرارات حاسمة" خلال القمة الأوروبية الاستثنائية المقررة في بروكسل يوم الخميس، مشيرًا إلى أن فرنسا تقترح منذ سنوات السماح للدول الأعضاء بزيادة إنفاقها العسكري دون أن يؤثر ذلك على العجز المالي.
تصنيع الأسلحة في أوروبا.. نحو استقلال استراتيجي
وبحسب ماكرون، فإن أحد الأهداف الرئيسية لهذه الاستثمارات هو تعزيز الإنتاج العسكري الأوروبي، حيث أشار إلى ضرورة "تمويل مشترك ضخم" لشراء وتصنيع الذخائر والأسلحة والمعدات الحديثة داخل القارة.
كما أكد أنه سيجتمع قريبًا مع وزرائه المختصين وقادة الصناعات الدفاعية لوضع خطط تسريع إعادة التصنيع العسكري في مختلف المناطق الفرنسية.
مخاوف من تداعيات استراتيجية خطيرة
ويرى برونو تيرتريه، نائب مدير مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية (FRS)، أن إعلان ماكرون يحمل "رسالة مزدوجة": فمن جهة، يؤكد التزام فرنسا بالأمن الأوروبي، لكنه من جهة أخرى، "يدفع أوروبا نحو دور أكثر وضوحًا في الصراع، وهو أمر قد يكون له تداعيات غير متوقعة".
وأضاف، لـ"إرم نيوز"، أن "نشر قوات أوروبية، حتى في إطار حفظ السلام، يعني تحمّل مسؤولية مباشرة في أي تصعيد محتمل، وهو ما قد يثير انقسامًا داخل الناتو والاتحاد الأوروبي".
تطور الموقف الفرنسي من الحرب الأوكرانية
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، سعت فرنسا إلى تبني نهج متوازن بين دعم كييف عسكريًا ودبلوماسيًا، وبين تجنب الانخراط المباشر في الصراع.
وفي البداية، ركزت باريس على المساعدات الإنسانية والدعم اللوجستي، لكنها سرعان ما زادت من دعمها العسكري، بما في ذلك إرسال دبابات وعربات قتالية متطورة إلى أوكرانيا.
وفي الأشهر الأخيرة، ومع تصاعد حدة القتال وتزايد الضغط على الدول الأوروبية لتعزيز مساهماتها الدفاعية، بدأ الموقف الفرنسي في التحول تدريجيًا نحو لعب دور أكثر فاعلية في تنسيق الجهود الأوروبية، وهو ما يتجلّى في دعوة ماكرون الأخيرة لعقد اجتماع لقادة الأركان العسكريين للدول المستعدة للمساهمة في تحقيق سلام مستقبلي.