logo
العالم

مع زيادة التوترات مع واشنطن.. هل ستشارك فرنسا "مظلتها" النووية؟

مع زيادة التوترات مع واشنطن.. هل ستشارك فرنسا "مظلتها" النووية؟
رأس نووي فرنسيالمصدر: وسائل إعلام فرنسية
02 مارس 2025، 10:16 م

قال خبراء سياسيون إن  فرنسا لا يمكنها مشاركة مظلتها النووية بسهولة، نظرًا لما تمثله هذه المسألة من سيادة واستقلال استراتيجي للدولة. 

وفي ظل تصاعد التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، باتت أوروبا تفكر بجدية في تعزيز استقلالها الدفاعي.

وفي هذا السياق، عاد النقاش حول إمكانية أن تكون المظلة النووية الفرنسية جزءًا من منظومة دفاعية أوروبية مشتركة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثار هذا الجدل مجددًا خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة برتغالية، حيث قال: "إذا أراد زملائي المضي قدمًا نحو مزيد من الاستقلالية الدفاعية وقدرات الردع، فسيتعين علينا فتح هذا النقاش."

لكن هل يمكن لفرنسا، التي طالما حافظت على استقلالية سلاحها النووي، أن تشارك هذه القوة الرادعة مع بقية أوروبا؟ خبراء الأمن والدفاع لديهم آراء متباينة حول هذه القضية.

فرنسا والمظلة النووية: هل المشاركة خيار مطروح؟

منذ تأسيسها، كانت القدرة النووية الفرنسية مستقلة تمامًا، حيث يمتلك رئيس الجمهورية وحده سلطة اتخاذ القرار بشأن استخدامها في حالة تهديد المصالح الحيوية للبلاد. 

فرنسا، إلى جانب المملكة المتحدة، هما الدولتان الأوروبيتان الوحيدتان اللتان تمتلكان أسلحة نووية، حيث تمتلك باريس 290 رأسًا نوويًا، بينما تمتلك لندن 225 رأسًا نوويًا، وهي أرقام تبقى بعيدة عن الترسانة الضخمة لكل من الولايات المتحدة وروسيا.

لكن مشاركة فرنسا لسلاحها النووي مع دول أوروبية أخرى هو أمر معقد سياسيًا وعسكريًا.

وقالت هيلويس فاييه، الباحثة في مركز الدراسات الأمنية بمعهد العلاقات الدولية الفرنسي لـ"إرم نيوز" إن هذه المسألة ليست مطروحة في الوقت الحالي، لكنها لا تستبعد تطورات مستقبلية قد تؤدي إلى نوع من الالتزام المشترك.

وأضافت: "لا توجد اليوم أي نية رسمية لمشاركة السلاح النووي الفرنسي، ولكن يمكن أن يتم ذلك في شكل التزام شفهي أو مكتوب من الرئيس الفرنسي."

المملكة المتحدة: قيود فنية وسياسية أمام استقلال القرار النووي

ووفقاً للباحثة السياسية الفرنسية، فإنه على الجانب البريطاني، فإن رئيس الوزراء هو الوحيد المخول باتخاذ قرار استخدام السلاح النووي.

وأضافت: إلا أن هناك معضلة تقنية قد تحد من قدرة بريطانيا على اتخاذ قرارات مستقلة في هذا الشأن، حيث تعتمد لندن على الولايات المتحدة في تشغيل وصيانة صواريخها النووية.

وهذه التبعية لواشنطن تجعل من الصعب على المملكة المتحدة التصرف بحرية، إذ أن أي خطوة نووية بريطانية تتطلب موافقة أمريكية ضمنية.

وفي ظل هذه الظروف، تبقى فرنسا أكثر استقلالية من الناحية التقنية والسياسية فيما يتعلق باستخدام سلاحها النووي، مما يعزز من موقعها كمرشح محتمل لتوفير مظلة نووية أوروبية. ولكن هل ستقبل باريس بالمخاطرة بمشاركة قرارها النووي مع بقية العواصم الأوروبية؟

أخبار ذات علاقة

"الردع النووي".. رسالة أوروبية "مزدوجة" لبوتين وترامب

 من جهته، قال فرانسوا هيسبورغ، المستشار في المؤسسة الدولية للدراسات الاستراتيجية  لـ"إرم نيوز"، إن فكرة مشاركة الردع النووي ليست مستبعدة تمامًا، لكنها تتطلب تغييرات جوهرية في العقيدة الدفاعية الفرنسية.

ولطالما تمسكت فرنسا بمبدأ الاستقلالية النووية، ولكن في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في أوروبا، قد تظهر ضغوط سياسية جديدة للدفع نحو نوع من التنسيق النووي مع بعض الدول الأوروبية، خاصة ألمانيا. ومع ذلك، فإن هذا يتطلب توافقًا سياسيًا واسعًا داخل فرنسا وأوروبا، وهو أمر غير سهل التحقيق".

وبحسب هيسبورغ، فإن تطورات مثل تراجع التزام الولايات المتحدة بأمن أوروبا أو تصاعد التهديدات الروسية قد تعزز مناقشة هذا الخيار، لكن الأمر يظل بعيدًا عن التنفيذ الفعلي في المستقبل القريب.

مستقبل الردع النووي الأوروبي في مهب الريح

بين الطموح الأوروبي في تحقيق استقلالية دفاعية، والمخاوف الفرنسية من تقويض سيادتها الاستراتيجية، يبقى مستقبل المظلة النووية الفرنسية غامضًا.

وقد يكون التعاون العسكري الأوروبي في مجالات أخرى أمرًا ممكنًا، لكن حين يتعلق الأمر بالسلاح النووي، فإن فرنسا قد لا تكون مستعدة لتقاسم هذا النفوذ بسهولة.

أخبار ذات علاقة

هل تنشر فرنسا مقاتلات "رافال" النووية في ألمانيا؟

 وفي ظل الوضع الجيوسياسي الحالي، ومع استمرار تباعد المواقف بين أوروبا والولايات المتحدة، ستظل قضية المظلة النووية الفرنسية مطروحة على طاولة النقاش، ولكن دون إجابة قاطعة في الوقت الراهن.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات