زيلنسكي: ربما لن نستعيد أراضينا قريبا لكن لن نتنازل أبدا عنها لروسيا فهي ملك للأوكرانيين

logo
العالم

فرصة أم مناورة.. مساع روسية للشراكة مع واشنطن في المعادن النادرة

فرصة أم مناورة.. مساع روسية للشراكة مع واشنطن في المعادن النادرة
ترامب وبوتين في لقاء سابقالمصدر: رويترز
20 مارس 2025، 6:40 م

في خطوة تعكس تداخل الاقتصاد والسياسة في العلاقات الدولية، أعلن كيريل دميترييف، رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي، عن خطط للتعاون مع الولايات المتحدة في تطوير رواسب  المعادن الأرضية النادرة، بعد رفض أوكرانيا مطالب واشنطن بإنشاء صندوق بقيمة 500 مليار دولار يمنحها جزءًا من عائدات هذه الموارد. 

وتفتح المبادرة  الروسية الباب أمام سيناريوهات جديدة، إذ يرى محللون أنها قد تمثل مناورة استراتيجية لموسكو لتعزيز موقعها الاقتصادي والدبلوماسي، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى تأمين إمداداتها بعيدًا عن الهيمنة الصينية. 

التعاون الذي أعلن عنه بعد مشاركة دميترييف في محادثات بين المسؤولين الروس والأمريكيين عُقدت في السعودية يثير تساؤلات إن كان بداية لتحولات أعمق في المشهد الجيوسياسي، أم مجرد ورقة ضغط روسية في معادلة التوازنات الدولية؟

وتُعدّ المعادن الأرضية النادرة مكونًا استراتيجيًا في الصناعات التكنولوجية المتقدمة، من الإلكترونيات والبطاريات إلى الصناعات العسكرية.

ومع تزايد المخاوف الأمريكية بشأن الهيمنة الصينية على هذا القطاع، تسعى واشنطن إلى تنويع مصادرها، ما يفتح الباب أمام احتمال التعاون مع روسيا، رغم التوترات السياسية بين البلدين.

ورقة المعادن

حتى الآن، لم تصدر الإدارة  الأمريكية أي تصريحات رسمية بشأن الاستجابة لهذا العرض الروسي، لكن سعي واشنطن لتأمين مصادر جديدة للمعادن النادرة قد يدفعها إلى دراسة الفرصة بجدية.

وتحتل روسيا المرتبة الخامسة عالميًا في احتياطيات المعادن الأرضية النادرة، إذ تقدر هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية مخزونها بنحو 3.8 مليون طن متري، بعد كل من الصين والبرازيل والهند وأستراليا.

في المقابل، تشير وزارة الموارد الطبيعية الروسية إلى أن احتياطيات البلاد الفعلية أعلى بكثير، إذ تبلغ 28.7 مليون طن، منها 3.8 مليون طن قيد التطوير أو جاهزة للاستغلال.

أخبار ذات علاقة

من المعادن للنووي.. ترامب يطرح صفقة "صادمة" على زيلينسكي

ومع هذا التحرك الروسي، يبدو أن موسكو تسعى لاستخدام المعادن النادرة كورقة ضغط اقتصادية، سواء لموازنة العقوبات الغربية أو لتعزيز موقعها الاستراتيجي في سوق المعادن العالمية.

أما واشنطن، فقد تجد نفسها أمام معضلة صعبة: هل تتعاون مع موسكو لتأمين احتياجاتها الاستراتيجية، أم تواصل البحث عن بدائل أخرى رغم التوترات السياسية القائمة.

تحولات استراتيجية

أكد الدكتور سمير أيوب، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن العلاقات بين واشنطن وموسكو تؤدي دورًا محوريًا في الاقتصاد العالمي، سواء كانت تشهد توترًا أو تحسنًا تدريجيًا.

وفي تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أشار أيوب إلى أن الاجتماع الأخير بين الوفدين الروسي والأمريكي في جدة يمثل خطوة غير مسبوقة على هذا المستوى، حيث ضم الوفد الروسي خبراء اقتصاديين وجيولوجيين، ما يعكس استعداد موسكو لتوفير المعادن النادرة التي تحتاجها الولايات المتحدة.

وأضاف أيوب أن هذا التحرك الروسي جاء كرد مباشر على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لوّح بإمكانية استغلال أوكرانيا كمصدر رئيس للمعادن النادرة، سواء من خلال اتفاقيات أو عبر ضغوط مقابل الدعم العسكري.

وأوضح أيوب أن روسيا، بحنكتها السياسية، نجحت في سحب هذه الورقة من كييف وطرحت نفسها كبديل استراتيجي لواشنطن، ما يعكس أن الصراع الحالي لم يعد عسكريًا فقط، بل أصبح يمتد إلى الاقتصاد والطاقة والموارد الطبيعية، وهي عناصر أساسية في الصناعة الأمريكية، خاصة في قطاعي الطيران والمحركات.

وبحسب أيوب، يرى  ترامب في هذه الصفقات مكاسب على ثلاث جبهات. أولًا، استغلال الموارد الأوكرانية دون مقابل مباشر، بحكم المساعدات العسكرية المقدمة لكييف. ثانيًا، تأمين المعادن النادرة من روسيا بدلًا من أوكرانيا، ما يمنح واشنطن قدرة على المناورة الجيوسياسية. وأخيرًا، فتح المجال أمام الشركات الأمريكية للاستثمار في السوق الروسية، ما يحقق مكاسب اقتصادية كبيرة.

وأشار إلى أن  موسكو تدرك نقاط ضعف الإدارة الأمريكية، خاصة مع وجود رجال أعمال بارزين ضمن فريق ترامب، الذين يسعون إلى تحقيق أرباح من خلال استثمارات استراتيجية. وفي المقابل، تحتاج روسيا بعد ثلاث سنوات من الحرب إلى إعادة ترميم مؤسساتها الاقتصادية، ما يجعل التعاون مع الولايات المتحدة خيارًا مربحًا للطرفين.

من جهة أخرى، أوضح أيوب أن أوروبا تسعى إلى تعطيل أي تقارب بين موسكو وواشنطن، ليس فقط دعمًا لأوكرانيا، بل أيضًا لحماية مصالحها الاقتصادية. فإذا تحسنت العلاقات الروسية-الأمريكية، فإن ذلك سيؤثر سلبًا في النفوذ الأوروبي في المعادلة الجيوسياسية.

واختتم أيوب حديثه بالتأكيد أن جميع الأطراف تبحث عن حل لا يجعل أوكرانيا خاسرة بالكامل، مع ضمان تحقيق روسيا هدفها الأساسي، وهو منع انضمام كييف إلى حلف الناتو.

وأضاف أن مع تزايد التركيز العالمي على الاستثمارات والاقتصاد، خصوصًا في مجالات الطاقة والمعادن النادرة، تبدو روسيا بيئة خصبة لعقد اتفاقيات استراتيجية جديدة.

ويرى أيوب أنه من غير المرجح أن يخضع ترامب للضغوط الأوروبية، لا سيما إذا أسفر تقاربه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن اتفاقيات تنهي الصراع في أوكرانيا، وتفتح الباب أمام تعاون اقتصادي يعود بالنفع على البلدين، ما يعزز موقع روسيا بعد سنوات من الحرب.

مناورة أم تحول استراتيجي؟

أكد الدكتور عمار قناة، أستاذ العلوم السياسية، أن مسألة الاستثمار الأمريكي في المعادن النادرة قد تم طرحها سابقًا من قبل الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته، فولوديمير زيلينسكي، في محاولة لاستقطاب اهتمام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تشتهر بتركيزها على المصالح الاقتصادية وإبرام الصفقات التجارية.

أخبار ذات علاقة

أمريكا وأوكرانيا تتفقان على إبرام صفقة المعادن

وأضاف قناة، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن صندوق الثروة السيادي  الروسي يسعى إلى شراكة مع الولايات المتحدة في هذا المجال، لكنه وصف ذلك بأنه مناورة سياسية، مشيرًا إلى غياب معلومات دقيقة حول حجم وأماكن وجود المعادن النادرة في المناطق التي تسيطر عليها روسيا.

وأشار قناة إلى أن اتفاقية التعاون بين بريطانيا وأوكرانيا، التي تمتد لمدة مئة عام، تشمل التنقيب عن المعادن النادرة، ما يعكس اهتمام القوى الكبرى بهذه الموارد.

ولفت إلى تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي، الذي أبدى رغبة باريس في الحصول على حصة من هذه المعادن، ما يبرز التنافس الأوروبي على هذه الثروة الطبيعية.

وأوضح قناة أن الحديث عن تعاون روسي-أمريكي في مجال المعادن النادرة لا يزال في إطار المناورات السياسية، ولا يعكس بالضرورة تحولًا في العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

وكشف أن نحو 70% من هذه المعادن النادرة توجد في الأراضي التي سيطرت عليها روسيا أخيرًا، ما يمنح موسكو ميزة جيوسياسية في أي مفاوضات مستقبلية.

وفي ختام حديثه، شدد قناة على أن ملف المعادن النادرة يُستخدم كورقة ضغط بين الحين والآخر، وقد يكون أحد العوامل التي تدفع نحو تسوية حقيقية للأزمة الأوكرانية، لكنه ليس بالضرورة مؤشرًا على تحالف طويل الأمد بين موسكو وواشنطن.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات