تعتزم منظمة الصحة العالمية إعادة النظر في استراتيجياتها واتخاذ تدابير لتقليص النفقات في ظل انسحاب الولايات المتحدة المعلن، وذلك لسدّ الثغرة المالية الكبيرة التي ستتركها واشنطن بعد مغادرتها.
وذكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن قراره يعود إلى الفارق الكبير في المساهمات المالية بين الولايات المتحدة والصين، موجهًا اتهامات للمنظمة بـ"النصب" على بلاده.
من جانبه، بعث المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الذي عاد للتو من زيارة إلى تنزانيا حيث يشهد فيروس ماربورغ انتشارًا واسعًا، برسالة داخلية لطمأنة الموظفين بشأن مستقبل المنظمة دون الدعم الأمريكي.
وقال غيبرييسوس: "نأمل أن تعيد الإدارة الأمريكية الجديدة النظر في موقفها، ونحن مستعدون للانخراط في حوار بنّاء لحماية وتعزيز العلاقة التاريخية بين المنظمة والولايات المتحدة".
وتعتبر الولايات المتحدة أكبر ممول للمنظمة وأحد شركائها الرئيسين، حيث كانت مساهماتها تشكل أكثر من 16% من ميزانية المنظمة لفترة 2022-2023، أي ما يعادل 1.3 مليار دولار.
وكان ترامب قد بدأ إجراءات الانسحاب من المنظمة في 2020 خلال ولايته الأولى، وفقاً لـ"فرانس برس".
وفي سياق الرد على هذا التهديد، اقترح غيبرييسوس مجموعة من الإجراءات لتقليص التكاليف وزيادة فعالية المنظمة، مثل تقليص النفقات المرتبطة بالسفر والاكتفاء بالبعثات التقنية الأكثر ضرورة، بالإضافة إلى تجميد التوظيف في المناصب غير الأساسية.
على الرغم من أن الانسحاب الأمريكي لن يصبح نافذًا إلا بعد عام، إلا أن المنظمة تواجه تحديات مالية كبيرة، خاصة بعد تخلف الولايات المتحدة عن دفع اشتراكاتها السنوية لعام 2024 المقدرة بحوالي 130 مليون دولار، إضافة إلى المساهمة المتأخرة لعام 2025.
ومن الأبعاد الأخرى للانسحاب، يشير الخبراء إلى أن فقدان الولايات المتحدة لنفوذها داخل المنظمة قد يؤثر سلبًا على قدراتها في ترصد الأوبئة وحماية صحتها العامة، خاصة في ظل التهديدات المستمرة لفيروسات جديدة، مثل إنفلونزا الطيور "H5N1" الذي انتشر في الولايات المتحدة مؤخرًا.
وبغياب واشنطن، فإن الآلية العالمية للترصّد الصحي قد تواجه تحديات كبيرة، إذ كانت الولايات المتحدة تمتلك شبكة واسعة من الخبراء؛ مما يجعل غيابها مصدر قلق بالغ للصحة العالمية.