وزير خارجية إيران: منفتحون على مفاوضات نووية غير مباشرة مع واشنطن
قال مدير مركز "JSM" للأبحاث والدراسات، الدكتور آصف ملحم، إن روسيا وأمريكا تبحثان عن مصالحهما على حساب أوكرانيا، لافتًا إلى المباحثات الأمريكية الروسية بشأن عودة العلاقات بين البلدين.
وأضاف ملحم، في حوار مع "إرم نيوز"، أن واشنطن تنظر إلى المُحادثات الأولية التي جرت في السعودية على أنها فُرصة لتحقيق مكاسبها الاقتصادية في أوكرانيا، فيما تحاول روسيا اغتنام هذه الفرصة للإفراج عن أموالها المُجمدة لدى الغرب.
وأوضح أن المحادثات الأمريكية الروسية لن تؤدي إلى إنهاء الحرب، خاصة أن موسكو لا تأمن واشنطن بأي شكل من الأشكال، وتسعى للبحث عن ضمانات لتحقيق أهدافها من العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
وقال ملحم:"لا يُمكن التعويل على مُخرجات اللقاء المحتمل بين ترامب وبوتين، لأن المرحلة ستكون لتجميد الصراع وليس لإنهائه بالكامل، خاصة أن واشنطن ترغب في الضغط على روسيا لمواجهة الصين، فيما تسعى روسيا لتفكيك جناحي الناتو الأوروبي والأمريكي للحفاظ على نفوذها بالمنطقة.
وتاليًا نص الحوار:
بداية.. كيف تُقيم الحراك الأمريكي الروسي، وتحديدًا بعد المحادثات التي عقدها الجانبان أخيرًا في السعودية؟
المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة ضرورة لابد منها، ولا يمكن الاستمرار في حالة المواجهة بين الطرفين إلى ما لا نهاية، لذلك فإن التفاوض بينهما ضمن هذا السياق ممكن، إلا أن المشكلة تكمن في طبيعة التوافقات بين البلدين، وعلى ماذا سيتفقان، خاصةً أن واشنطن تنظر إلى المفاوضات كفرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية في أوكرانيا، فيما تنظر روسيا إلى هذه المفاوضات لاسترجاع أموالها المجمدة في أوروبا، وتخفيف وطأة العقوبات وتصدير الغاز إلى دول أخرى.
الاجتماعات الروسية الأمريكية في السعودية.. لعودة العلاقات بين البلدين أم خطوة لإنهاء الحرب الأوكرانية؟
عندما نقول إنهاء الحرب في أوكرانيا، فنتذكر للوهلة الأولى التهديد الأمني الذي تتخوف منه أوروبا نفسها، وليست الولايات المتحدة، رغم أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن كانت تدعم هذه الحرب لأسباب اقتصادية وعسكرية لاستنزاف روسيا. لذلك فإن المفاوضات بين الطرفين لن تكون لإنهاء الحرب على الإطلاق، بل ستستمر هذه الحرب، لكنها قد تكون في طور آخر يختلف عن الحرب الحالية.
ومن المعلوم أن الدول الغربية ومنها أمريكا وافقت على تقديم صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا، ووافقت على ضرب العمق الروسي، لذلك فإن روسيا لا تأمن بأي شكل من الأشكال الجانب الغربي، والجانب الأمريكي بشكل خاص، كما أن الولايات المتحدة تفهم جيدًا أنه لا يمكن الاشتباك مع روسيا، لأن هذا الاشتباك سيؤدي إلى حرب نووية شاملة.
لماذا لم تدعُ الولايات المتحدة أوكرانيا لحضور المباحثات الأولية التي عُقدت في السعودية؟
أحد العوامل قد يكون عاملًا شخصيًا، فهناك حالة من التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مع الأخذ بالاعتبار الأسلوب التنمري للرئيس ترامب.
وباعتبار أن الولايات المتحدة هي الداعم الأكبر لأوكرانيا في هذه الحرب، فإن الولايات المتحدة هي من يتخذ القرار، والحقيقة أمريكا تنظر إلى أوكرانيا كساحة للصراع لتصفية الحسابات مع روسيا، وبالتالي رأي كييف يرضخ في النهاية لرأي واشنطن، وهذا التقييم في الواقع قد يكون غير دقيق، إذ لاحظنا أن أوكرانيا بدأت ترفع الصوت أكثر، ويبدو أن القرار الأوكراني ليس مرتبطًا 100% بالقرار الأمريكي.
هل ستسمح واشنطن وموسكو بمشاركة الدول الأوروبية في المفاوضات المحتملة مع أوكرانيا؟
بالنسبة لروسيا، قد يكون من الأفضل عدم السماح لأوروبا بالمشاركة في المفاوضات، لأن موسكو لا تملك بالأساس أي سلطة أو أوراق ضغط على القارة الأوروبية، ولكن تبقى مشاركة الدول الأوروبية ضرورية، لأن أوروبا هي جزء من المحيط الحيوي لروسيا.
وقد يكون الرد الروسي بعدم مشاركة أوروبا كنوع من الضغط المعنوي على القارة العجوز، وتعزيز الحالة التي ظهرت في أوروبا بأن الولايات المتحدة ليست حليفًا موثوقًا به، وتفضل مصلحتها على مصالح شركائها.
أما بالنسبة للجانب الأمريكي، يبدو أن إدارة ترامب لا تنظر إلى أوروبا كما كان الأمر عليه سابقًا، بل إن الولايات المتحدة تتفق أهدافها الحالية مع الحركات التي بدأت تظهر في أوروبا، والتي تريد تدمير القارة العجوز مع تصاعد اليمين المتطرف.
وتحاول واشنطن استغلال هذا الأمر لتوتير العلاقة بين أوروبا وروسيا، حتى يشتبك الطرفان ويُضعفان بعضهما البعض، وتدخل الولايات المتحدة بعد ذلك بينهما وتحصد الجوائز على أنقاض الحرب التي يمكن أن تحدث بين أوروبا وروسيا.
ما توقعاتك لمخرجات اللقاء المحتمل بين ترامب وبوتين؟
بالنسبة للقاء المحتمل بين ترامب وبوتين فإنه لن يحقق الكثير، وسيكون مرحلة نحو تجميد الصراع وليس إنهائه بالكامل، وما تطلبه واشنطن لا يمكن أن تقدمه روسيا بالكامل.
واشنطن تريد من موسكو صفقة كبيرة لمواجهة الصين، في حين تريد موسكو أن تحفظ الأمن في أوروبا، وأن يتم تفكيك العلاقة بين جناحي الناتو الأوروبي والأمريكي، وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه بين عشية وضحاها.
لذلك، فإن أي اتفاق بين الطرفين سيكون هشًا للغاية، بحيث يكون كل طرف قادرا على الخروج منه في أي لحظة، وقد يتم التوافق على بعض القضايا الاقتصاديه الثانوية، كالاستثمارات بين الطرفين، وتخفيف العقوبات، وعقد صفقات اقتصادية، وليس أكثر من ذلك.
بعد رفض كييف منح 50% من معادنها النادرة لأمريكا.. هل يتغير موقف ترامب من الدعم الأوكراني؟
المشكلة الحقيقية تكمن في أنه تم تفصيل اتفاقية لزيلينسكي حتى يوقع عليها خلال أربع ساعات، وسط تصاعد الدعوات في أوكرانيا لتوقيع اتفاقية استثمار المعادن النادرة مع الصين، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة ليست حليفًا موثوقًا، ويمكن اللجوء إلى الصين للحصول على ضمانات أمنية، لأن بكين أكثر قدرة في التأثير على موسكو من واشنطن.
زيلينسكي دعا زعماء القارة الأوروبية لبناء جيش أوروبي لمواجهة روسيا.. هل أصبحت المواجهة بين الناتو وروسيا قريبة جدًا؟
بالنسبه لدعوة زيلينسكي لبناء جيش أوروبي، فإن أمامه خيارين، إما الانضمام للمفاوضات والحصول على تسوية مربحة لأوكرانيا والبقاء في السلطة، أو الخضوع لإرادة ومعسكر الحرب والامتناع عن المفاوضات، وبذلك قد تكون أوكرانيا قد خاطرت بالمساعدات العسكرية الأمريكية، وستكون معتمدة بشكل أساس على المساعدات الأوروبية.
إذا تحقق الأمر، وبنت أوروبا جيشًا قويًا لمواجهة روسيا، فإن القارة ستكون مسرحًا للحرب، وبالتالي فإن دعوة زيلينسكي قد تكون مقبولة عند الدول الأوروبية، خاصة بعد اجتماع باريس، لكن النقاش حول هذا القرار لا يزال أمرًا معقدًا.