إعلام عبري: آلاف الإسرائيليين خرجوا بمظاهرة عشوائية في تل أبيب تطالب بإقالة نتنياهو
أثار الهجوم الصاروخي الروسي على مدينة سومي الأوكرانية، والذي أسفر عن مقتل 34 مدنيًا وإصابة أكثر من 100 آخرين، موجة من الإدانات الدولية، وطرح تساؤلات جديدة حول مصير مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب.
من الجانب الأوكراني، وصفت كييف الضربة بأنها "جريمة حرب متعمدة"، وفي واشنطن، وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الهجوم بأنه "أمر مروع" دون توجيه إدانة صريحة لروسيا، مضيفًا: "قيل لي إنهم ارتكبوا خطأ".
وهذا الموقف أثار استياء أوكرانيًا، حيث دعا الرئيس زيلينسكي نظيره ترامب إلى زيارة المناطق المتضررة وتفقد الدمار، في إشارة إلى الحاجة لموقف أكثر صرامة من واشنطن.
من جهته، اعتبر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أن الضربة على سومي "تذكير صارخ بخطورة الوضع، وأن جهود الإدارة لإنهاء الحرب تصطدم بتحديات متزايدة"، في وقت تبدو فيه فرص نجاح أي صفقة سلام سريعة أقل وضوحًا على وقع التصعيد العسكري المستمر بين موسكو وكييف.
المحلل السياسي الخبير في الشؤون الروسية، الدكتور محمود الأفندي، أكد أن الضربة الصاروخية التي استهدفت منطقة سومي الأوكرانية تأتي في سياق استراتيجية روسية لإنشاء منطقة عازلة على حدود مقاطعة كورسك.
وأشار إلى أن القوات الروسية باتت تسيطر على معظم المناطق هناك، ولم يتبق سوى قريتين تحت سيطرة الجيش الأوكراني، لا تتجاوز مساحتهما الإجمالية 45 كيلومترًا مربعًا.
وأوضح الأفندي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن التقدم الروسي داخل منطقة سومي يستهدف تأمين الحدود، ومنع تكرار الهجمات الأوكرانية على مقاطعة بريانسك الروسية.
واعتبر أن هذه الخطوة تُمثل أحد الأهداف الرئيسة للعملية العسكرية الروسية، وذلك بعد أن انطلقت الهجمات الأوكرانية من مواقع تقع خارج نطاق العمليات العسكرية الروسية المُعلنة سابقًا.
وأضاف أن التطورات الأخيرة جاءت عقب محاولة من الرئيس الأوكراني لتوسيع نطاق الهجوم باتجاه كورسك، ما دفع روسيا إلى قلب موازين المعركة واقتراب قواتها إلى مسافة 15 كيلومترًا فقط من مركز مدينة سومي.
وذكر الأفندي أن الصواريخ الروسية استهدفت مواقع عسكرية للقوات الأوكرانية، بينها عناصر وصفهم بـ"المرتزقة الأجانب".
وعن موقف الإدارة الأمريكية، قال إن روسيا التزمت فعليًا بتفاهم غير رسمي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدم استهداف منشآت الطاقة خلال الفترة من 18 مارس/ آذار إلى 18 أبريل/ نيسان، لكنها لم توافق على توسيع هذا التفاهم ليشمل وقف العمليات ضد الوحدات العسكرية الأوكرانية.
وتابع أن "زيلينسكي يسعى لتحميل موسكو مسؤولية العدد الكبير من القتلى، وإظهار أن روسيا خرقت الهدنة، رغم أن الاتفاق كان يقتصر فقط على منشآت الطاقة، وليس على وقف استهداف الجيش الأوكراني".
وأكد الأفندي أن كييف استهدفت بالفعل منشآت طاقة روسية خلال الفترة ذاتها، في حين أن الضربات الروسية في سومي لم تشمل تلك المنشآت، ما يجعل موسكو "ملتزمة بروح الاتفاق"، وفق رأيه.
وأضاف أن هذه التحركات تأتي في إطار محاولات زيلينسكي لتعبئة الإعلام الغربي ضد روسيا، في ظل سعيه لإظهار أن موسكو لا تحترم الهدنة، رغم عدم وجود هدنة شاملة.
من جانبه، اعتبر مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد سلام، أن الهجوم الروسي على مدينة سومي، يُمثل تصعيدًا خطيرًا قد يعوق الجهود الأمريكية الرامية لإنهاء الحرب.
وأوضح سلام، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رغم وصفه للهجوم بـ"الفظيع" واعتباره "خطأ محتملًا"، حرص في الوقت ذاته على إبقاء قنوات التفاوض مفتوحة مع موسكو، حتى لو تطلّب الأمر تبرير أو تهوين بعض الأفعال الروسية.
وأضاف أن إدارة ترامب توظف هذه الأحداث لتعزيز موقفها السياسي داخليًا، عبر تحميل الإدارات السابقة - خاصة إدارة بايدن - مسؤولية تصاعد الأزمة، مع تقديم ترامب نفسه كصاحب رؤية لإنهاء الحرب عبر التفاوض.
وأشار إلى أن تصريحات شخصيات بارزة مقربة من ترامب، مثل وزير خارجيته مارك روبيو ومبعوثه الخاص إلى أوكرانيا كيث كيلوغ، توحي بأن البيت الأبيض يسعى لاستثمار الهجوم في دفع كييف نحو قبول "صفقة سلام" بدلًا من التصعيد العسكري المباشر، رغم التوتر الذي خلّفه القصف في أوساط المجتمع الدولي.
ورأى مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية أن الضربة الصاروخية ليست حادثًا منفصلًا، بل تندرج ضمن استراتيجية روسية أوسع تهدف إلى زعزعة استقرار الداخل الأوكراني وفرض تنازلات سياسية وعسكرية، وهو ما يعقّد فرص تحقيق سلام عادل، بحسب تعبيره.
ولفت إلى أن وصف الهجوم بأنه "خطأ" من قبل واشنطن يقلق كييف ويضعف من قدرة الولايات المتحدة على حشد إجماع دولي داعم لمبادرتها، معتبرًا أن المسار التفاوضي الذي يقوده ترامب يصطدم باستراتيجية روسية واضحة تعتمد التصعيد التدريجي والهيمنة الميدانية، ما يقلل فرص نجاح أي اتفاق سريع من الناحيتين السياسية والأخلاقية.