صحة غزة: 25 قتيلا ونحو 70 جريحا من جراء القصف الإسرائيلي خلال الساعات الـ24 الماضية
اعتبرت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، أن أوكرانيا أصبحت نقطة انقسام كبيرة بين الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ما يُهدد أسس حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وبحسب الصحيفة، كان "الناتو" بعد بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير 2022، أكثر تماسكًا من أي وقت مضى، إذ أظهرت إدارة الرئيس جو بايدن التزامًا قويًّا تجاه أوروبا، وأرسلت قوات إلى ألمانيا وسهلت إقامة جسر جوي لنقل الأسلحة والذخائر إلى أوكرانيا، كما انضمت السويد وفنلندا إلى "الناتو"، بعد تخليهما عن حياد تاريخي.
وزادت الدول الأوروبية ميزانيتها الدفاعية، وعادت الولايات المتحدة لتأخذ دور القيادة ضمن تحالف الديمقراطيات، لكن بعد عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تم قلب هذا الزخم تمامًا.
وأشارت الصحيفة إلى أن أوكرانيا، التي جمعت الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين في البداية، أصبحت الآن نقطة خلاف.
وبيّنت أنه بالنسبة إلى ترامب وأتباعه، لم تعد أوكرانيا مجرد دولة تكافح من أجل بقائها ضد المعتدي، بل أصبحت دولة فاسدة، وطالتها التهم بأنها تسببت في تمديد الصراع واستفادت من المساعدات الغربية.
واعتبرت الصحيفة أن هذا التحول يعكس تغييرًا جذريًّا مقارنة بسياسة إدارة بايدن، ويحول أوكرانيا إلى عنصر رئيس في الانقسام الجديد عبر الأطلسي.
وأوضحت أن الانتقادات الموجهة إلى الحلفاء الأوروبيين، تحت إدارة ترامب التي كانت حاضرة في ولايته الأولى، تحولت إلى عداء صريح، مشيرة إلى أنه في الخطاب الشعبوي لحركة "ماغا" (اجعل أمريكا عظيمة مجددًا)، تم ربط أوكرانيا بالديمقراطيين الأمريكيين وبأوروبا، التي تُتهم بترويج الأيديولوجيات التقدمية.
وذكرت الصحيفة أنه في هذا السياق، تُعتبر روسيا حليفًا مثاليًّا، حيث تدافع عن القيم التقليدية والمسيحية ضد الغرب الذي يُعتبر منحرفًا، وقد استغلت موسكو هذه الديناميكية ببراعة، لتصبح حليفًا في الحرب الثقافية ضد الأيديولوجيا "الواوكي" المنتشرة في أوروبا وأمريكا.
ويُظهر ترامب إصراره على إنهاء الحرب، لكنه يبدو غير مكترث بتبعات اتفاق سلام قد يُكافئ المعتدي الروسي، حيثُ استبعد في مفاوضاته المباشرة مع موسكو، الأوكرانيين والأوروبيين من الحوار؛ مما أثار صدمة في الساحة الجيوسياسية، بحسب الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة أن هذا التحول تجسد في تصويت الولايات المتحدة في الأمم المتحدة إلى جانب الصين وإيران وكوريا الشمالية، حيث لم يتم ذكر "العدوان الروسي"، وهي خطوة أرسلت إشارات قوية من شأنها زعزعة استقرار العلاقات عبر الأطلسي.
وفشل القادة الأوروبيون في تغيير مسار السياسة الخارجية الأمريكية، بعد محاولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إقناع ترامب بأهمية دعم أوكرانيا، بل أظهرت محاولاتهما وجود خلاف بين رؤى الجانبين عبر الأطلسي.
وفي حين أصر ماكرون على ضرورة الحصول على ضمانات أمريكية لأي اتفاق سلام، ركز ترامب بشكل أساسي على الموارد المعدنية في أوكرانيا، مطالبًا كييف بالتنازل عن جزء كبير من هذه الموارد مقابل المساعدات الأمريكية.
وأكدت الصحيفة أن ترامب يتبع سياسة خارجية مبنية على منطق "الصفقات"، وهو ما يراه مؤيدوه نهجًا عمليًّا، بينما يراه معارضوه استغلاليًّا.
ويعتبر ترامب أن التحالفات الدولية، بما في ذلك التحالف مع أوروبا، هي التزامات غير متوازنة تضر بالولايات المتحدة، في نظره، تم إنشاء الاتحاد الأوروبي لاستغلال الولايات المتحدة.
وأثارت عودة ترامب إلى البيت الأبيض قلقًا متزايدًا بشأن قابلية بقاء "الناتو"، وفي حين أن فكرة إعادة توزيع المسؤوليات الدفاعية في أوروبا ليست بحد ذاتها مشكلة، فإن الخطاب الهجومي والتوجه الأحادي لإدارة ترامب قد هز ثقة الحلفاء الأوروبيين، بحسب "لوفيغارو".
وشددت الصحيفة على أن إعلان ترامب عن الانسحاب العسكري الأمريكي من أوروبا، وانتقاداته العلنية للدول الأوروبية، ودعمه الضمني لروسيا، أظهر إعادة اصطفاف استراتيجي قد يضعف "الناتو" على المدى الطويل.
وذكرت أن هذا الانقسام قد يخدم أهداف روسيا، التي تسعى إلى تقسيم الغرب، مبيّنة أن الانطباع السائد الآن هو أن أوروبا قد تصبح أكثر عزلة، إذ إن عودة روسيا إلى الساحة الدولية وتنامي قوة الصين قد يضعان "الناتو" في وضع صعب.