صحة غزة: ارتفاع عدد القتلى إلى 921 منذ استئناف إسرائيل ضرباتها على القطاع
دخلت أوكرانيا في حالة من الصدمة والقلق بعد اللقاء المتوتر الذي جمع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بنظيره الأمريكي دونالد ترامب، ونائب الرئيس جيه دي فانس، في المكتب البيضاوي، حيث ألقى اللقاء بظلاله على مستقبل الدعم الأمريكي لكييف، وأثار تساؤلات حول تداعياته على أرض المعركة.
في الداخل الأوكراني، انقسمت الآراء حول موقف زيلينسكي، فبينما اعتبره البعض بطلاً دافع عن مصالح أوكرانيا ولم ينحنِ أمام الضغوط، رأى آخرون أن المواجهة العلنية مع ترامب قد تكون خطأ إستراتيجياً أضاع فرصة ثمينة لإبقاء أوكرانيا على المسار الدبلوماسي مع الإدارة الأمريكية، بحسب ما أورده تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
وأظهر بعض الأوكرانيين تأييداً واضحاً لزيلينسكي، مشيدين بجرأته، خاصة بعد أن وصف ترامب بأنه "يعيش في فقاعة تضليل"، في حين رد ترامب باتهامه بأنه "ديكتاتور بلا انتخابات".
لكن في المقابل، حذّر آخرون من أن الولايات المتحدة شريك لا غنى عنه، وأن اللقاء فشل في تخفيف التوتر، بل قد يعقّد فرص التفاوض مع ترامب مستقبلاً.
وقال مسؤول أوكراني كبير، طلب عدم الكشف عن هويته: "الأمر لم يكن مثالياً، لكنه كان جيداً بما يكفي"، في إشارة إلى مقابلة زيلينسكي مع قناة "فوكس نيوز" التي جاءت بعد الاجتماع، حيث تمكن من إيصال رسالته بشكل أكثر وضوحاً إلى الجمهور الأمريكي.
وسط هذا الارتباك السياسي، تزايدت المخاوف العسكرية من استغلال روسيا للفرصة، حيث حذّر وزير الدفاع الأوكراني السابق أوليكسي ريزنيكوف من أن موسكو "قد تكثف هجماتها الجوية"، مستهدفة قدرات أوكرانيا الدفاعية، خاصة أن بعض منظومات الدفاع تعتمد على الإمدادات الأمريكية.
وبالفعل، شنت روسيا هجوماً بطائرات مسيرة على كييف بعد ساعات فقط من اللقاء، وهو ما رآه البعض اختباراً أولياً لاستعداد واشنطن لمواصلة دعم أوكرانيا.
يرى محللون أن ترامب لا يستطيع التخلي عن أوكرانيا بسهولة، لأن ذلك قد يوصم رئاسته بالفشل كما حدث مع بايدن بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان.
وقال مسؤول أوكراني سابق: "معضلة أفغانستان لن تسمح لترامب بوقف المساعدات العسكرية بالكامل. فهو لا يتمتع بنفوذ كامل، ليس فقط على الروس بل علينا أيضاً".
ومع ذلك، لا يخفي المسؤولون الأوكرانيون قلقهم من احتمال وقف الدعم الأمريكي تدريجيًا، خاصة مع إغلاق بعض البرامج الأمريكية، مثل برنامج إصلاحات الطاقة الذي كانت تدعمه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
مع تصاعد الشكوك حول الدعم الأمريكي، تتجه الأنظار نحو أوروبا وبريطانيا، حيث أعرب مسؤولون أوروبيون عن تضامنهم مع زيلينسكي، لكن يبقى السؤال: هل تستطيع أوروبا وحدها ملء الفراغ الأمريكي؟
وقالت فيكتوريا غريب، رئيسة اللجنة الفرعية للأمن في مجال الطاقة في البرلمان الأوكراني: "أخشى أن تكون هذه بداية النهاية.. إذا اجتمعت بريطانيا وأوروبا حول زيلينسكي، سنتمكن من الصمود لبعض الوقت، لكن إذا لم يحدث ذلك، فإن الوضع سيكون سيئاً للغاية بالنسبة لأوكرانيا".
وربط البعض موقف زيلينسكي من صفقة الموارد المعدنية مع ترامب بالمواقف الأوروبية، متسائلين عما إذا كان الرئيس الأوكراني يخطط للرهان على دعم أوروبي أقوى بدلاً من تقديم تنازلات لواشنطن.
لم تسلم تصرفات زيلينسكي في الاجتماع من الانتقادات الداخلية، حيث وصفه أوليكسي أريستوفيتش، المستشار السابق له، بأنه "تجاوز الخط" في رده على ترامب.
وقال أريستوفيتش: "من الواضح أن الرئيس ترامب يريد التوصل إلى حل تفاوضي، وكان على زيلينسكي أن يتعامل معه على هذا الأساس بدلاً من التصرف وكأن موقفه نهائي"، مضيفاً أن "المفاوضات الحقيقية تُجرى خلف الأبواب المغلقة، وليس أمام وسائل الإعلام".
في ظل كل هذه التحديات، تسود في كييف حالة من عدم اليقين، فبينما يرى البعض أن موقف زيلينسكي الجريء قد يعزز من دعم أوروبا له، يخشى آخرون أن يكون ذلك مقامرة محفوفة بالمخاطر، خاصة مع تزايد الضغوط العسكرية من روسيا.
ومع عدم وجود رد واضح من الإدارة الأمريكية حول مستقبل الدعم، تبقى أوكرانيا معلقة بين الأمل في استمرار المساعدات الغربية والخوف من أن تكون وحيدة في مواجهة العاصفة المقبلة.
وبحسب مراقبين، بدأ شبح اليوم التالي يخيم على كييف، التي باتت تبحث، اليوم، عن دعم متواصل من الحليف الأوروبي الذي يواجه، اليوم، تحديات أمنية خطيرة في ظل تراجع الدور الدفاعي للحليفة واشنطن.