وزير الخارجية البريطاني: يجب أن نضع أوكرانيا في أقوى موقف ممكن وإلا سيعود بوتين ويطالب بالمزيد
رأى خبراء سياسيون فرنسيون أن تصاعد النقاش حول مستقبل "المظلة النووية" في أوروبا بات يفرض على فرنسا إعادة تقييم دورها الاستراتيجي في القارة، خاصة في ظل الغموض الذي يحيط بالتزامات الولايات المتحدة الدفاعية، وسط حديث مكثف عن نشر فرنسا مقاتلات "رافال" النووية في ألمانيا.
واعتبر المحلل في مركز الأبحاث الفرنسي للدراسات الجيوسياسية، جون برنارد بيناتل، أن "التحولات الأخيرة في التوازنات العسكرية تدفع باريس إلى استعراض قدرتها الردعية النووية".
وأشار بيناتل، لـ"إرم نيوز"، إلى إمكانية نشر طائرات "رافال" الفرنسية المسلحة نووياً في ألمانيا، كإشارة سياسية وعسكرية قوية.
ومن جانبه، قال الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، بيير لوران، إن هذه الخطوة تعكس مسعى باريس إلى تعزيز دورها القيادي في الدفاع الأوروبي، محذراً من أنها قد تثير توترات داخل حلف الناتو.
وأضاف لوران، لـ"إرم نيوز"، أن "برلين قد تجد نفسها في موقف حرج بين الالتزام بحلف الناتو والانفتاح على المبادرات الفرنسية"، مؤكداً أن أي قرار بهذا الشأن سيتطلب توافقاً سياسياً واسعاً داخل ألمانيا.
وبدأ الجدل حول المظلة النووية الأوروبية، العام 2018، عندما نشر عالم السياسة الألماني، كريستيان هاكي، مقالاً في صحيفة "فيلت أم زونتاج" تساءل فيه عن مدى استمرار الحماية الأمريكية لألمانيا عبر مظلتها النووية.
وتوصل هاكي إلى أن هذه الضمانة لم تعد مؤكدة، داعيًا برلين إلى تطوير قوة ردعها الخاصة، لكن هذه الفكرة لم تجدِ صدى لدى المسؤولين الألمان الذين فضلوا استمرار الترتيبات النووية الحالية ضمن حلف الناتو.
وبموجب هذه الترتيبات، تحتفظ الولايات المتحدة بالسيطرة العملياتية على الأسلحة النووية التكتيكية B-61 المتمركزة في ألمانيا، بينما تتولّى مقاتلات "تورنادو" الألمانية تنفيذ المهمة إذا دعت الحاجة.
وعندما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في عام 2020 إلى "حوار استراتيجي أوروبي" حول دور الردع النووي الفرنسي، ردت برلين ببرود، متمسكة بالمظلة الأمريكية.
ووفق بيناتل، فإنه "مع إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتجدد المخاوف بشأن التزام الولايات المتحدة بأمن أوروبا، خاصة في ظل توجهات واشنطن للتركيز أكثر على منطقة المحيطين الهندي والهادئ".
وفي هذا السياق، برزت تصريحات زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني فريدريش ميرتس، الذي شدد على ضرورة تعزيز استقلالية أوروبا عن الولايات المتحدة.
وتساءل ميرتس علناً عن إمكانية توسيع الحماية النووية الفرنسية والبريطانية لتشمل ألمانيا، مؤكداً أن هذه المسألة طُرحت من قبل باريس دون تلقي ردٍ واضح من برلين.
ووسط هذه التطورات، نقلت صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية عن مسؤول فرنسي قوله إن باريس تدرس نشر مقاتلات "رافال" التابعة لقواتها الجوية الاستراتيجية في ألمانيا.
وأوضح المسؤول الفرنسي أن هذه الخطوة ستكون "رسالة قوية"، رغم عدم وجود تأكيد رسمي حتى الآن.
وعلى عكس بريطانيا، التي ألغت مكونها النووي الجوي، وتعتمد بشكل شبه كامل على واشنطن، تبقى فرنسا الوحيدة القادرة على إرسال مثل هذا الإشعار الاستراتيجي لأوروبا.
وعلى الصعيد الداخلي، يسعى ميرتس إلى رفع ميزانية صندوق الدفاع الألماني إلى 200 مليار يورو، إلا أن هذا يتطلب تعديلاً دستورياً، وهو أمر قد يواجه معارضة من الأحزاب اليمينية واليسارية المتطرفة التي تملك أقلية تعطيلية.
ووفق وكالة "بلومبيرغ"، تفكر الحكومة في تمرير هذا التعديل قبل بدء الدورة التشريعية الجديدة المقررة، في 24 مارس/آذار المقبل، عبر تصويت في البرلمان الحالي.
وفي ظل هذه التحولات، يرى الخبراء أن فرنسا قد تلعب دوراً رئيساً في إعادة تشكيل الردع النووي الأوروبي، سواء عبر الحوار الاستراتيجي أو من خلال خطوات رمزية مثل نشر مقاتلاتها النووية في ألمانيا.