ما أسباب تمسك موسكو بالسيطرة على دونيتسك؟

مع التقدم العسكري للقوات الروسية داخل الشرق الأوكراني، وتحديدًا في منطقة دونيتسك، يتساءل مراقبون عن سبب الإصرار الروسي على هذا الإقليم.

كما يتساءلون عن السيناريوهات الأوكرانية والغربية في حال نجاح روسيا في السيطرة الكاملة على الإقليم الذي تسميه "جمهورية دونيتسك الشعبية".

وفي هذا الإطار أشار خبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن لدونيتسك أهمية استراتيجية لدى روسيا منذ القرن الـ19 وتحديدا منذ الحرب العالمية الثانية، وأن موسكو ما زالت تحاول استعادتها مرة أخرى لسيادتها.

أهمية استراتيجية

أستاذة العلاقات الدولية، الخبيرة في الشؤون الروسية، الدكتورة نورهان الشيخ، أكدت أن منطقتي دونيتسك ولوهانسك تقعان ضمن الأهداف الرئيسة من الحرب الروسية الأوكرانية.

وقالت: "ترجع أهميتهما الاستراتيجية لدى موسكو منذ حل الاتحاد السوفيتي، إذ ترغب في إعادة السيطرة عليهما مجددًا؛ نظرا للعديد من الأسباب، أبرزها موقعهما الاستراتيجي، وأنهما الطريق الأساسي نحو العاصمة كييف، وأيضا لما لهما من أهمية اقتصادية وتحديدا في دونباس التي تشارك بحوالي 30% من الناتج المحلي لأوكرانيا".

ورأت الشيخ أن القوات الروسية على وشك السيطرة الكاملة على الإقليم الشرقي المعروف بـ"جمهورية دونيتسك الشعبية"، مشيرة إلى أنها تركز عمليتها العسكرية منذ أشهر على هذا الإقليم، تاركةً كورسك والأراضي الروسية الأخرى للقوات الأوكرانية حتى هذه اللحظة.

وأوضحت أن "الانفصاليين الموالين للنظام الروسي في دونيتسك لهم دور كبير في التقدم الميداني الروسي؛ نظرًا لأن أعدادهم تتجاوز 17% من سكان أوكرانيا".

وتابعت الشيخ بالقول: "حال نجاح القوات الروسية في السيطرة على دونيتسك ستكون هذه أولى خطوات النصر الروسي، وتسهل بذلك مهمة الزحف نحو العاصمة كييف".

واستدركت بالقول: "إن هذا لن يتحقق بسهولة بسبب الدعم الغربي المتزايد لكييف، وضرباتها العسكرية بالمسيرات القتالية على المنشآت العسكرية الروسية خلال الساعات الماضية".

أمد الحرب سيطول وستبقى هذه المناطق بؤرة صراع

محمود عروقي، مركز فيجن للدراسات

من جهته، قال نائب رئيس مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية الأوكرانية، رئيس تحرير موقع أوكراني بالعربي، الدكتور محمود عروقي، إن مقاطعتي دونيتسك ولوهانسك ضمن إقليم دونباس هما ضمن المطامع الروسية.

وأوضح: "منذ عام 2014 دعمت روسيا حركات انفصالية هناك، وأنشأت ما يُعرف بثورة الميدان، وأعلنت ما يسمى جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوهانسك، غير المعترف بهما دوليا".

وذكر أن كييف لا تُنكر وجود الكثير من الموالين لروسيا "ولكن هذا لا يعني أن تذهب الأرض الأوكرانية إلى روسيا، خاصةً أن الأخيرة تحاول احتلال تلك الأماكن، ونجحت حتى الآن في احتلال لوهانسك، وتحاول تكرار هذا السيناريو داخل مقاطعة دونيتسك".

وأشار إلى أن المقاطعتين من المناطق الغنية زراعيًا واقتصاديًا لوجود مناجم تعدينية غاية في الأهمية تدخل في الكثير من الصناعات العسكرية وغيرها.

وتابع عروقي بالقول: "كييف لا تسمح بأي شكل من الأشكال لموسكو بالسيطرة على هذه الأقاليم".

وقال: "أعتقد أن عودة روسيا للحرب في 2022 بعد 10 سنوات من تجمد الصراع يشير إلى أن أمد الحرب سيطول خلال السنوات المقبلة، وستبقى هذه المناطق بؤرة صراعات حتى تنسحب روسيا منها".