الخارجية الروسية: العالم سئم من التهديدات التي لا تنتهي ضد إيران
أكد مختصون في الشؤون الآسيوية والعلاقات الدولية أن التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة ثلاثية بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية، لمواجهة تداعيات قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بفرض تعريفات جمركية، سيعزز التجارة والاستثمارات المتبادلة بين الدول الثلاث؛ ما يقلل اعتمادها على السوق الأمريكية ويخفف تأثير السياسات الجمركية التي تتبناها واشنطن.
وأوضح الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه في حال نجاح الدول الثلاث في إبرام هذا الاتفاق، ستكون له انعكاسات إيجابية تتمثل في تقليل الحاجة إلى التصدير للولايات المتحدة عبر تكوين أسواق جديدة لبكين وطوكيو وسول في آسيا وأوروبا.
كما سيعمل على تعزيز النفوذ الاقتصادي الدولي من خلال تشكيل جبهة موحدة تعزز قدراتها التفاوضية عند التعامل مع واشنطن في القضايا التجارية؛ ما يمنحها تأثيرا أكبر على الساحة الاقتصادية العالمية.
لكن رغم هذه الفوائد المحتملة، أشار الخبراء إلى وجود تحديات تعرقل إتمام هذا الاتفاق، أبرزها الضغوط الجيوسياسية التي تمارسها الولايات المتحدة على اليابان وكوريا الجنوبية لمنعهما من تعزيز التعاون مع الصين، نظرا لكونهما حليفتين لواشنطن عسكريا. كما تشكّل الخلافات السياسية والنزاعات الإقليمية وذاكرة الحروب بين الدول الثلاث، إضافة إلى المنافسة الصناعية القائمة، عقبات قد تعرقل تحقيق الأهداف المرجوة.
وكانت الصين وكوريا الجنوبية واليابان اتفقت، مؤخرا، على إجراء مفاوضات "سريعة" بهدف إبرام اتفاقية تجارة حرة ثلاثية، وفق بيان مشترك صادر عن اجتماع ضم مسؤولين كبارا من الدول الثلاث. ودعا البيان إلى تسريع المفاوضات بشأن الاتفاقية، إضافة إلى تهيئة "بيئة تجارية واستثمارية مستقرة".
ويتزامن ذلك مع تعهّد ترامب بفرض رسوم جمركية مخصصة لكل شريك تجاري اعتبارا من 2 أبريل، بهدف تصحيح ما يصفه بـ"الممارسات التجارية غير المنصفة".
يقول الخبير في العلاقات الدولية، محمد بايرام، إن نجاح الاتفاق سيعزز التكامل الاقتصادي الإقليمي للدول الثلاث، ويسهم في إعادة توجيه الاستثمارات وسلاسل التوريد. وأوضح أنه في حال تمكنت هذه الدول من تقليل اعتمادها على السوق الأمريكية عبر تعزيز التجارة البينية، فإن ذلك سيحدّ من تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية أو غيرها من التدابير الحمائية، خاصة وأن حجم التجارة بينها كبير للغاية.
وأضاف بايرام، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الاتفاق لن يساعد فقط في تعويض الخسائر الناتجة عن التعريفات الأمريكية، بل سيسهم أيضا في إعادة هيكلة سلاسل التوريد؛ ما قد يقلل الحاجة إلى التصدير للولايات المتحدة ويعزز التركيز على الأسواق البديلة مثل دول جنوب شرق آسيا وأوروبا.
إلا أن بايرام حذّر من أن واشنطن قد تمارس ضغوطا إضافية على اليابان وكوريا الجنوبية لمنعهما من المضي قدما في هذا الاتفاق، عبر تهديدهما بفرض عقوبات أو قيود تحدّ من وصول شركاتهما إلى الأسواق الأمريكية.
وأشار إلى أن الخلافات السياسية بين الدول الثلاث، مثل النزاعات الإقليمية وذاكرة الحروب، قد تعرقل أيضا نجاح الاتفاق، لكنه يرى أن تسريع المفاوضات وتطبيق الاتفاقيات بفاعلية قد يدفع ترامب إلى إعادة النظر في سياساته الجمركية.
رؤية صينية حول الاتفاق
من جانبها، ترى الباحثة الصينية والمختصة في الشؤون الآسيوية، سعاد ياي شين هوا، أن الاتفاق الاقتصادي الثلاثي بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية سيشكل خطوة إيجابية في مواجهة السياسات الحمائية التي تنتهجها إدارة ترامب.
وأكدت، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الاتفاق سيسهم في إنشاء منطقة تجارة حرة ضخمة، خاصة أن الصين وكوريا الجنوبية واليابان تمثل جزءا كبيرا من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، كما أن حجم التجارة بينها ضخم للغاية. واعتبرت أن مثل هذا الاتفاق سيعزز التجارة والاستثمارات المتبادلة؛ ما يقلل اعتماد الدول الثلاث على السوق الأمريكية ويخفف من تأثير الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب.
تعزيز الاستقرار التجاري
أوضحت ياي شين هوا أن الاتفاق المحتمل يمكن أن يسهم في استقرار سلاسل التوريد وتعزيز القدرات التنافسية الصناعية، حيث تعتمد الدول الثلاث بعضها على البعض في سلاسل التوريد الصناعية. وأشارت إلى أن التوصل إلى اتفاق اقتصادي في هذا الصدد سيساعد في خفض التكاليف التجارية وزيادة القدرة التنافسية لمجموعة من الصناعات في المنطقة.
وأضافت أن الاتفاق، في حال إتمامه، سيعزز أيضا قوة التفاوض للدول الثلاث؛ ما يمنحها موقفا أقوى في التعامل مع واشنطن، ويدفع نحو تقليل السياسات الحمائية الأمريكية وتعزيز قواعد التجارة الدولية. كما سيشكل الاتفاق دفعة نحو إصلاح منظمة التجارة العالمية وتعزيز النظام التجاري متعدد الأطراف؛ ما يسهم في استقرار التجارة العالمية.
تحديات محتملة
لكن ياي شين هوا حذّرت من وجود عقبات قد تؤثر على سير المفاوضات، من بينها الخلافات التجارية بين بكين وطوكيو وسول، وعدم التوازن في الميزان التجاري بين الدول الثلاث، إضافة إلى المنافسة الصناعية القائمة؛ ما قد يعرقل تحقيق الأهداف المرجوة.
وفي ظل هذه التحديات، تواصل الدول الثلاث محادثاتها في سول، حيث يعقد وزراء التجارة جولات تفاوضية مكثفة للوصول إلى اتفاق يحقق مصالحهم المشتركة.