صندوق النقد الدولي: حل التوترات التجارية أكثر أولويات الأجندة الدولية إلحاحا
اعتبر خبراء سياسيون فرنسيون متخصصون في الشأن الروسي الأوكراني أن القرار الأخير للبرلمان الفرنسي بشأن دعم أوكرانيا يحمل دلالات إستراتيجية مهمة ويعكس تحولًا في موقف فرنسا تجاه الحرب في أوكرانيا.
وحذر الخبراء من أن يفتح القرار الباب أمام خلافات داخلية وأوروبية عن مدى الالتزام بتقديم دعم أكبر لكييف، كما يواجه عقبات قانونية ودبلوماسية معقدة، خاصة فيما يتعلق بمصادرة الأصول الروسية المجمدة وبناء منظومة دفاعية أوروبية مستقلة.
ويرى جان بيير مولان، الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن التصويت على القرار يعكس "توجهًا متزايدًا داخل فرنسا وأوروبا نحو تشديد الموقف تجاه روسيا، لكنه في الوقت نفسه يكشف عن انقسامات داخلية بشأن الوسائل المناسبة لدعم أوكرانيا".
في ليلة 12 إلى 13 مارس، صوّت البرلمان الفرنسي على قرار يدعو إلى تعزيز الدعم لأوكرانيا، حيث حصل على تأييد 288 نائبًا، مقابل 54 صوتًا معارضًا، بينما امتنع حزب "التجمع الوطني" (RN) عن التصويت.
ويصف جان بيير مولان القرار بأنه "رمزي بالدرجة الأولى، لكنه يرسل إشارة سياسية قوية حول التزام فرنسا بالموقف الأوروبي الداعم لأوكرانيا".
أما كلير دوبونت، الخبيرة في مركز الدراسات الأوروبية بجامعة السوربون، فتشير في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن "القرار قد يكون تمهيدًا لخطوات أكثر صرامة ضد روسيا، لكنه يواجه تحديات قانونية ودبلوماسية، خاصة فيما يتعلق بمسألة الأصول الروسية المجمدة".
يدعو القرار، الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء إلى "تنفيذ مصادرة فورية للأصول الروسية المجمدة لتمويل الدعم العسكري وإعادة إعمار أوكرانيا".
إلا أن هذا الاقتراح أثار خلافات قانونية حادة. حيث صرّح بنجامين حداد، الوزير الفرنسي المكلف بالشؤون الأوروبية، بأن "المصادرة الكاملة لهذه الأصول تثير تساؤلات قانونية، وقد تُواجه بتحديات أمام المحاكم الدولية".
وفي هذا السياق، أوضح جان بيير مولان أن "الاتحاد الأوروبي حتى الآن يكتفي باستخدام عوائد هذه الأصول لدعم أوكرانيا، لكن تنفيذ مصادرة شاملة قد يضع الاتحاد في مواجهة قانونية مع روسيا".
من بين النقاط المثيرة في القرار، تعديل نصه ليشمل دعوة الاتحاد الأوروبي إلى "بناء منظومة دفاع أوروبية مستقلة".
كما ترى كلير دوبونت أن هذه الخطوة "تعكس قلقًا متزايدًا داخل أوروبا بشأن الاعتماد على الولايات المتحدة في القضايا الأمنية"، لكنها تضيف أن "تحقيق هذه الفكرة يتطلب استثمارات عسكرية ضخمة وإجماعًا سياسيًا أوروبيًا، وهو ما لا يزال بعيد المنال".
أحد البنود التي أثارت اعتراضات قوية كان دعم الجمعية الوطنية لعملية انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي. حيث رفضت مارين لوبان، زعيمة "التجمع الوطني"، القرار بسبب هذا البند تحديدًا، معتبرة أن أوكرانيا غير مؤهلة للانضمام حاليًا.
من ناحية أخرى، يرى جان بيير مولان أن دعم انضمام أوكرانيا "ليس مجرد موقف سياسي، بل هو رسالة إستراتيجية تهدف إلى الضغط على روسيا وإظهار أن أوروبا لن تتراجع أمام العدوان".
يدعو القرار أيضًا إلى "إنهاء استيراد الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي، ودراسة إمكانية نشر قوات حفظ سلام أوروبية في أوكرانيا"، وهي نقاط قد تزيد التوتر بين فرنسا وروسيا.
وتعتقد كلير دوبونت أن وقف استيراد الغاز الروسي "سيؤثر بشكل مباشر على الاقتصادات الأوروبية، خاصة تلك التي لا تزال تعتمد على الغاز الروسي كمصدر أساسي للطاقة".
أما نشر قوات أوروبية في أوكرانيا، فتعتبره "خطوة محفوفة بالمخاطر، لأن أي تدخل عسكري مباشر قد يؤدي إلى رد فعل روسي عنيف".
في سياق متصل، يواصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جهوده لكسب دعم الغرب، حيث صرّح بأنه يأمل في "إجراءات قوية من واشنطن" إذا رفضت روسيا اتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه مؤخرًا في جدة.
ينص الاتفاق على أن أوكرانيا "تقبل مبدئيًا بوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا مقابل استئناف فوري للتعاون العسكري والاستخباراتي مع الولايات المتحدة"، في محاولة لتخفيف التوتر بعد الخلافات التي نشبت خلال اجتماع زيلينسكي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه جي. دي. فانس في 28 فبراير.
يعتبر جان بيير مولان أن الاتفاق يمثل "محاولة لإعادة بناء الثقة بين واشنطن وكييف، خاصة بعد تردد إدارة ترامب في تقديم دعم غير مشروط لأوكرانيا".
في المقابل، تشير كلير دوبونت إلى أن "روسيا قد ترفض هذا الاتفاق، معتبرة أنه مجرد تكتيك من أوكرانيا لكسب المزيد من الدعم العسكري الغربي".