أمين عام "الناتو": محادثات إنهاء الحرب في أوكرانيا بوساطة واشنطن ليست سهلة
بين الانقسامات الأوروبية بشأن دعم كييف في حربها ضد الدب الروسي، والمفاجآت العسكرية الروسية التي لا تزال تُعلن يومًا تلو الآخر، تعيش أوكرانيا مخاوف من الهزيمة، ممزوجة بترقب عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لرئاسة البيت الأبيض في يناير المقبل، إذ تحاول كييف بشتى الطرق الحصول على المزيد من الدعم العسكري الغربي.
وقبل أيام، حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن بلاده "ستُهزم" أمام الجيش الروسي إذا ما قُطعت عنها المساعدات العسكرية الأمريكية، خاصة بعد التقدم الروسي غير المسبوق في الشمال والشرق الأوكراني، بالإضافة إلى تزايد الخسائر الأوكرانية داخل كورسك الروسية.
وفي أعقاب هذا التحذير، وبعد تعرض أوكرانيا لهجوم بصاروخ بالستي روسي، طالبت كييف بأحدث أنظمة الدفاع الجوي.
جاء هذا المطلب متزامنًا مع أوامر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتوسيع إنتاج الصواريخ البالستية، متوعدًا بالوقوف بحزم ضد أعداء بلاده.
وفي هذا الإطار، جدّد وزير الدفاع الأوكراني - عبر مقطع فيديو مصور نُشر مؤخرًا - مَطالب بلاده من الغرب بضرورة توفير أنظمة دفاع جوي جديدة قادرة على حماية الأرواح في مواجهة التحديات الروسية المستجدة.
وتشهد القارة الأوروبية حالة من الانقسام بشأن استمرار دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا.
وأعلن مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن دول الاتحاد استنفدت مخزوناتها العسكرية بسبب الإمدادات المقدمة إلى كييف، قائلًا: "لا يمكنكم تخيل حجم الإمدادات العسكرية إليها، لذا يجب تجديد الاحتياطات المستنزفة".
وفي سياق متصل، تسعى الحكومة الألمانية إلى خفض قيمة مساعداتها لأوكرانيا من 8 مليارات يورو هذا العام إلى 4 مليارات يورو العام المقبل، مع الاعتماد على الفوائض الناتجة عن الأصول الروسية المجمدة لمواصلة دعم كييف. ورغم ذلك، تُعد برلين ثاني أكبر مساهم في دعم أوكرانيا بعد الولايات المتحدة.
وتساءل كثيرون: هل يُلبي شركاء أوكرانيا دعواتها للحصول على أحدث أنظمة الدفاع الجوي؟
قال رامي القليوبي، أستاذ زائر في كلية الاستشراق بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، إن شركاء أوكرانيا يسابقون الزمن لتقديم المزيد من المساعدات العسكرية قبل تولي دونالد ترامب الرئاسة في الـ20 من يناير المقبل.
وأوضح القليوبي، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن السياسات الغربية تهدف إلى منع هزيمة أوكرانيا، مع الحرص على تجنب التصعيد النووي مع روسيا. لذلك، قدمت الدول الغربية لأوكرانيا أنظمة دفاع وهجوم متقدمة، مثل صواريخ "أتاكمز" الأمريكية و"ستورم شادو" البريطانية، التي سمحت لأوكرانيا باستهداف العمق الروسي.
ومع ذلك، أشار القليوبي إلى أن الأنظمة الدفاعية الجديدة لا توفر حماية كاملة لأوكرانيا من الصواريخ البالستية الروسية، مثل صاروخ "أوريشنيك" العابر للقارات، الذي يتميز بمدى يصل إلى 5000 كيلومتر وسرعة تفوق سرعة الصوت؛ ما يجعل اعتراضه مستحيلًا باستخدام الأنظمة الغربية الحالية.
مخاوف غربية
من جانبه، قال د. نبيل رشوان، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن طلب أوكرانيا أنظمة دفاع جديدة يعكس مخاوفها المتزايدة بعد إطلاق روسيا لصاروخ "أوريشنيك". لكنه استبعد أن توافق الدول الغربية على تقديم مزيد من الأنظمة في الوقت الراهن.
وأوضح رشوان لـ"إرم نيوز"، أن أوكرانيا حصلت بصعوبة على منظومة الدفاع الجوي "باتريوت"، لكنها لم تتمكن بعد من تأمين أجوائها بالكامل أمام الصواريخ الروسية التقليدية، فضلًا عن الصواريخ المتوسطة المدى أو الفرط صوتية.
وأضاف: "من غير المتوقع أن تحصل أوكرانيا على أنظمة دفاع جديدة قريبًا، إلا إذا احتدم النزاع بشكل يجعل الغرب متورطًا مباشرة، ما قد يدفعه إلى تزويد كييف بمزيد من وسائل الدفاع الجوي".
وأشار رشوان إلى أن روسيا وجّهت ضربة قوية لأوكرانيا باستهداف مصنع للصواريخ في دنيبرو باستخدام صاروخ "أوريشنيك"؛ ما أدى إلى تراجع الهجمات الأوكرانية بالصواريخ الأمريكية والبريطانية، وأثار صدمة في الغرب، حيث ألغى البرلمان الأوكراني جلساته خشية استهدافه من قبل روسيا.
ورغم الجهود الغربية المستمرة لدعم أوكرانيا، تظل التحديات التي تواجه كييف كبيرة، خاصة مع تصاعد التهديدات الروسية. ومع استمرار الانقسام الأوروبي وعدم رغبة الغرب في التصعيد المباشر، تبقى مطالب أوكرانيا للحصول على أنظمة دفاع متقدمة، معلّقة إلى إشعار آخر.