حزب الله يؤكد أنه "لا يمكن أن يقبل" بأن تواصل اسرائيل هجماتها على لبنان
طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تطور ميداني لافت، القوات الأوكرانية المحاصرة في منطقة كورسك الروسية بالاستسلام، بينما ناشد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الروسي الحفاظ على حياة هؤلاء الجنود.
في أغسطس الماضي شنت القوات الأوكرانية هجومًا عبر الحدود وسيطرت على أجزاء من منطقة كورسك، وعلى إثرها، تمكنت القوات الروسية مؤخرًا من استعادة السيطرة على معظم هذه المناطق، ما أدى إلى محاصرة آلاف الجنود الأوكرانيين.
واستجابةً لنداء ترامب، أكد بوتين أن روسيا ستضمن سلامة الجنود الأوكرانيين إذا استسلموا، مشددًا على ضرورة إصدار كييف أوامر لقواتها بالاستسلام.
يأتي هذا التطور في وقت حساس، حيث يسعى ترامب للتوسط في وقف إطلاق نار لمدة 30 يومًا بين روسيا وأوكرانيا بعد أن أرسل مبعوثه ستيف ويتكوف للقاء بوتين، وأعرب عن تفاؤله بإمكانية إنهاء الحرب قريبًا.
وبناءً على هذه التطورات، يبدو أن مصير الجنود الأوكرانيين المحاصرين في كورسك سيكون له تأثير كبير على محادثات السلام المستقبلية، وقد يشكل نقطة تحول في مسار الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا.
تحول في الخطاب الروسي
وأكد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، كارزان حميد، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غيّر لهجته بشأن أسرى الجنود الأوكرانيين في روسيا، خاصة مع الحديث عن هدنة مؤقتة بين الطرفين.
وقال حميد لـ"إرم نيوز"، إن بوتين، الذي كان في السابق يصف هؤلاء الجنود بالإرهابيين ويهدد بمحاكمتهم، بات يشترط استسلامهم مقابل معاملتهم وفق القوانين الدولية.
وأشار إلى أن موسكو كانت تضع شرطًا أساسيًا قبل الدخول في أي مفاوضات سلام أو مناقشة الهدنة، وهو استعادة السيطرة على جميع أراضي كورسك التي اقتحمتها القوات الأوكرانية بعد 8 أغسطس 2024.
وتابع: "لهذا، تبنّى بوتين نهج المماطلة لكسب الوقت، حتى يتمكن من تطويق القوات الأوكرانية وعزلها تمامًا داخل الأراضي الروسية، خاصة بعد أن حاصرها لمدة 30 يومًا دون إمدادات لوجستية".
وبين أن دخول القوات الروسية إلى مدينة سودجا في كورسك كان نقطة تحول رئيسة دفعت بوتين إلى طرح فكرة استسلام الجنود الأوكرانيين.
وأكد أن هذه التحركات العسكرية مدروسة من الجانب الروسي، حيث يسعى الكرملين إلى استكمال تطويقه للقوات الأوكرانية المحاصرة هناك.
وفي هذا السياق، وصف حميد قرار زيلينسكي بإرسال قوات النخبة لاجتياح كورسك بأنه "خطأ استراتيجي"، صدم حلفاء كييف، وكان الهدف من هذه الخطوة إرباك الجيش الروسي وإحداث خلل في موازين القوى، كما فعل يفغيني بريغوجين، القائد السابق لقوات فاغنر، عندما تمرد على موسكو.
وأشار حميد إلى أن "كييف اضطرت قبل يومين إلى إصدار أمر لقواتها المتمركزة على الحدود الروسية الأوكرانية بالانسحاب إلى الداخل الأوكراني، دون التطرق إلى مصير الجنود العالقين في وسط كورسك، الذين باتوا يقاتلون من أجل البقاء أكثر من محاولة إجبار موسكو على التراجع".
وأضاف أن بوتين، رغم حديثه عن الهدنة، ينتظر تحقيق مكاسب ميدانية ملموسة قبل أي التزام نهائي بها، حيث يسعى إلى استكمال إحكام الطوق حول القوات الأوكرانية المحاصرة.
ووفق حميد، فإن السيناريو الأقرب في حال فشل هذه القوات في الفرار، هو أن يلقى أفرادها مصير الفارين من الخدمة العسكرية، وهو تحدٍ تواجهه كييف منذ ثلاث سنوات بسبب تزايد معدلات الفرار من المعارك.
وحول الموقف الأمريكي، قال حميد إن "مناشدة ترامب بعدم قتل الأسرى الأوكرانيين جاءت بناءً على معلومات استخباراتية عن وضعهم الميداني الصعب، كما لم يستبعد أن تتدخل واشنطن بشكل مباشر لإخراج هؤلاء الجنود من كورسك، من خلال اتفاق مع موسكو قد يتضمن ضمانات أميركية أخرى".
من جانبه، أكد د. نبيل رشوان، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن حصار الجيش الروسي للجنود الأوكرانيين في مقاطعة كورسك يجعل استسلامهم أمرًا شبه حتمي، خاصة بعد انقطاع الإمدادات القادمة من أوكرانيا منذ نحو شهر.
وأوضح رشوان في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن مصير هؤلاء الجنود قد يرتبط بعملية تبادل للأسرى بين روسيا وأوكرانيا، خصوصًا مع الحديث عن هدنة لمدة 30 يومًا.
ولفت إلى أن زيلينسكي كان قد طرح في وقت سابق فكرة تبادل الأسرى وفق مبدأ "الكل مقابل الكل"، مما قد يجعل من استسلام قواته ورقة تفاوضية.
وأكد رشوان أن استسلام الجنود الأوكرانيين لن يعرقل محادثات السلام، لكنه سيمنح موسكو نفوذًا أكبر في المفاوضات، بينما يضعف موقف كييف، التي فقدت 20% من أراضيها، فضلًا عن خسارة موقع استراتيجي مهم مثل كورسك.
وأشار إلى أن كييف كانت تسعى من خلال مهاجمة كورسك إلى رفع معنويات جيشها وإظهار قدرتها على اختراق الأراضي الروسية، ولكن في حال استسلام القوات المحاصرة، قد تتعرض الروح القتالية للجيش الأوكراني لضربة قاسية، مما يزيد تعقيد موقف أوكرانيا في الحرب.
