تواجه ألمانيا مرحلة سياسية معقدة بعد نتائج الانتخابات الأخيرة، حيث لم ينجح أي حزب في تحقيق الأغلبية المطلقة؛ ما يجعل تشكيل الحكومة الجديدة تحديًا كبيرًا.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن تحالف يمين الوسط بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي تصدر الانتخابات بحصوله على نحو 29% من الأصوات، إلا أن هذه النسبة لا تمنحه الحق في الحكم منفردًا.
وقالت الصحيفة، إن أبرز العقبات التي تواجه تشكيل الحكومة هي ما يُعرف بـ"جدار الحماية" أو "براندماور"، وهو التعهد الذي قطعته الأحزاب الرئيسة بعدم التحالف مع حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، الذي حلّ في المركز الثاني.
ورغم أن التحالف بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي وحزب البديل من أجل ألمانيا سيكون من الناحية الحسابية هو الأكثر وضوحًا، فإن زعيم الاتحاد، فريدريش ميرتس، استبعد هذا الخيار بشدة، معتبرًا أن الدخول في تحالف مع اليمين المتطرف سيكون بمثابة "بيع لروح" حزبه، رغم أنه غازل ناخبي هذا الحزب خلال حملته الانتخابية.
وأضافت أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو تشكيل تحالف ثنائي بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي من يسار الوسط، وهو ما قد يسهل عملية الحكم نسبيًّا، لكن هذا التحالف يتطلب تنازلات سياسية كبيرة من الطرفين.
أما الخيار الآخر، وهو الأقل شعبية، فيتمثل في تشكيل تحالف ثلاثي بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر، ويُطلق عليه "ائتلاف كينيا" نظرًا لتطابق ألوان أحزاب هذا التحالف مع ألوان علم دولة كينيا. هذا الخيار قد يكون الملاذ الأخير في حال فشل باقي السيناريوهات.
في حال تمكن ميرتس من تشكيل الحكومة، فإنه يسعى إلى تنفيذ خطة من 15 نقطة لمعالجة أزمة الهجرة. تشمل هذه الإجراءات تشديد الرقابة على الحدود، وتسريع عمليات الترحيل لطالبي اللجوء المرفوضين، وإلغاء بعض التسهيلات الحالية، مثل حق لمّ شمل الأسر لطالبي اللجوء، وإنهاء إمكانية الحصول على الجنسية الألمانية بعد ثلاث سنوات من الإقامة.
كما يسعى إلى إلغاء إمكانية الحصول على الجنسية المزدوجة للمهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي، وهي إجراءات قد تثير جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والحقوقية داخل ألمانيا وخارجها.
اقتصاديًا، تعهد ميرتس بإصلاحات جوهرية لمعالجة الركود الذي تعاني منه البلاد، من خلال خفض الروتين الحكومي، وتقليل الضرائب، وإجراء تعديلات على "كابح الديون" الذي تسبب في انهيار الحكومة السابقة بسبب الخلافات حول سياسات الإنفاق.
أما على الصعيد الخارجي، فإن الحكومة المقبلة ستواجه ضغوطًا متزايدة لزيادة الإنفاق الدفاعي، حيث يُطالب الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو برفعه إلى ما يتجاوز 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وسط توقعات بمضاعفة هذه النسبة لتعزيز القدرات العسكرية الألمانية.