اعتبر خبراء سياسيون فرنسيون، أن إجراءات فرنسا المتعلقة بالهجرة "تردع" وتحد من تدفق الهاجرين، لكنها "لا تُعالج الأسباب الجوهرية" للملف.
ورأوا أن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو بشأن تدفق المهاجرين تعكس نهجًا أكثر صرامة تجاه الهجرة غير الشرعية، لكنها تكشف عن عقبات قانونية ودبلوماسية تعيق تنفيذ سياسات الترحيل بفعالية.
وبلغ عدد الذين حصلوا على تصاريح إقامة لأول مرة 336,700 شخص خلال العام الماضي، بزيادة 1.8% مقارنة بعام 2023، بحسب الوزير ريتايو، الذي بيّن أن فرنسا تواجه تدفقًا غير مسبوق للمهاجرين، وهو ما وصفه بأنه "أمر خارج عن السيطرة".
وأشار في مقابلة مع صحيفة "لوجورنال دو ديمانش"، إلى أن الأولوية تكمن في تقليل عدد الوافدين، لا سيما في ظل "معايير قانونية تعرقل عمليات الترحيل"، إضافة إلى "عدم تعاون بعض الدول الأصلية في استقبال المرحلين".
واقترح الوزير الفرنسي زيادة فترات الاحتجاز في مراكز الترحيل، وإعطاء المحافظين صلاحيات لتعليق قرارات القضاة، التي تقضي بإطلاق سراح الأفراد الذين يُنظر إليهم على أنهم يشكلون تهديدًا أمنيًا.
ورأى بيير لوران، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، أن تصريحات ريتايو تعكس "إصرار الحكومة على تقليص أعداد الوافدين بأي ثمن، حتى لو كان ذلك عبر إجراءات قانونية مثيرة للجدل".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "ربط الهجرة بزيادة معدلات الجريمة ليس بالأمر الجديد في الخطاب السياسي الفرنسي، لكنه لا يأخذ في الاعتبار العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع الناس للهجرة".
بدورها قالت كلير دوبونت، المتخصصة في شؤون الهجرة لدى مؤسسة جان جوريس، إن "تشديد سياسة التأشيرات قد يحد جزئيًا من تدفق المهاجرين، لكنه لن يعالج الأسباب الجوهرية التي تدفعهم إلى فرنسا".
وأشارت لـ"إرم نيوز"، إلى أن "فرنسا بحاجة إلى استراتيجية شاملة تشمل التعاون مع الدول الأصلية، وإصلاح نظام استقبال اللاجئين، وليس فقط التركيز على جانب الردع".
من جهته، اعتبر توما جوتييه، المحلل السياسي في معهد مونتين، أن الحكومة تواجه معضلة بين الالتزامات القانونية والضغوط السياسية.
وأوضح لـ"إرم نيوز" أن "فرنسا مرتبطة باتفاقيات أوروبية ودولية تجعل الحد من الهجرة أمرًا معقدًا من الناحية القانونية".
وأشار المحلل جوتييه إلى أن "التشدد في منح التأشيرات قد يكون له تأثير فعلي على تقليل تدفقات المهاجرين في المستقبل، لكنه لن يحل مسألة الهجرة غير الشرعية".
في إطار تعزيز الرقابة، أعلن الوزير ريتايو عن إنشاء خلية استخباراتية مشتركة تحت مسمى "Certim"، تضم أجهزة أمنية متعددة، لمكافحة شبكات تهريب المهاجرين.
وكشف عن نية الحكومة تكثيف المراقبة الإلكترونية عبر الطائرات بدون طيار وتقنيات تتبع المركبات لاعتراض المهاجرين غير الشرعيين قبل وصولهم إلى الأراضي الفرنسية.
وذكر الوزير ريتايو أن القانون الجديد يفرض عقوبات تصل إلى 20 عامًا من السجن وغرامات تصل إلى 1.5 مليون يورو على المتورطين في تهريب المهاجرين.