الخارجية الأمريكية: نشكر الإمارات على تأمين تبادل السجناء بين واشنطن وموسكو
بعد شهرين فقط من تسلّمه منصب الرئاسة، تكشف إدارة دونالد ترامب عن مسار تصادمي مع القضاء الأمريكي، في تحدٍّ غير مسبوق للسلطات القضائية، يُنذر بمواجهة حادة قد تتجاوز النزاع السياسي إلى أزمة دستورية تهزّ أركان النظام الفيدرالي الأمريكي.
في هذا الشهر، تجاهلت السلطة التنفيذية بشكل علني أمرًا قضائيًا بوقف ترحيل مهاجرين إلى السلفادور، فيما دعا الرئيس نفسه إلى عزل القاضي صاحب الحكم، ضمن سلسلة من الهجمات المتواصلة التي شنها على الجهاز القضائي، وشركات المحاماة، والصحافة، وكل مؤسسة رأت في قراراته تجاوزًا لصلاحيات الرئاسة أو تهديدًا لسيادة القانون، وفق ما أورده تقرير لصحيفة "الغارديان".
ويشن ترامب، مدفوعًا بحملة ثأر موسّعة، هجومًا مباشرًا على خصومه باستخدام أدوات الرئاسة، عبر أوامر تنفيذية وعبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد طال هذا الهجوم حتى الآن قضاة فيدراليين، ووزارة العدل، ومكاتب محاماة مرموقة، بل حتى وسائل إعلام كبرى، في محاولات وصفها خبراء قانونيون بأنها سعي حثيث لإسكات المعارضين وتقويض ركائز الديمقراطية الأمريكية.
أحكام قضائية متوالية أوقفت أو علّقت أوامر تنفيذية لترامب، بما في ذلك قرار قاضٍ في واشنطن بمنع ترحيل مئات الفنزويليين، ما دفع ترامب إلى توجيه هجوم لاذع على القضاء، وردّ عليه رئيس المحكمة العليا جون روبرتس ببيان نادر أعرب فيه عن القلق من المساس باستقلال القضاء.
في السياق ذاته، انتقدت نانسي غيرتنر، القاضية السابقة وأستاذة القانون في جامعة هارفارد، سلوك الرئيس قائلة إن ما يفعله "يستند إلى قواعد الاستبداد" ويهدف إلى نزع الشرعية عن المؤسسات المنتقدة له، من جامعات ومكاتب محاماة إلى القضاء نفسه.
وامتدت حملة الانتقام إلى ثلاث من كبريات شركات المحاماة في البلاد، من بينها "كوفينغتون آند بيرلينغ" و"بيركنز كوي"، اللتان عاقبهما ترامب بسبب ارتباطهما بجهات أو شخصيات لها علاقة بقضايا ضده، من بينها المستشار الخاص جاك سميث، ومكتب حملة هيلاري كلينتون. وقد تم منع هذه الشركات من دخول مبانٍ حكومية والتعامل مع وكالات فيدرالية، في خطوة وصفها خبراء بأنها "عقاب مالي وسياسي".
لكن القضاء واجه تلك التحركات، حيث أوقفت القاضية بيريل هاويل تنفيذ بعض تلك الأوامر، واعتبرتها انتهاكًا صريحًا للتعديل الأول من الدستور الأمريكي، الضامن لحرية التعبير والعمل القانوني.
في تطور إضافي، تعرّضت عشرات الشخصيات القانونية المرتبطة بقضايا ضد حلفاء ترامب للإقصاء من وزارة العدل، بينما وُجّهت تهديدات صريحة لبعض القضاة، من بينها تهديد بتفجير ضد قاضية في المحكمة العليا.
ويحذر قانونيون من أن هذه الهجمات لا تهدد فحسب القضاة أو المحامين، بل تضعف النظام القضائي نفسه وتفتح الباب أمام استبداد تنفيذي يعيد تشكيل التوازن بين السلطات.
البروفيسور دانييل ريتشمان، المدعي الفيدرالي السابق، يرى أن "الانتقام الصريح من المحامين والقضاة عطّل حياتهم وأثار قلقًا أمنيًا جديًا"، مؤكدًا أن "مشكلة ترامب لم تعد مع الممارسة القانونية، بل مع القانون ذاته".
أما البروفيسور ستيفن جيلرز من جامعة نيويورك، فاعتبر أن "الأوامر التنفيذية ضد مكاتب المحاماة هي أعمال انتقامية تهدف إلى إخافة الجميع"، مشيرًا إلى أن القضاء هو العائق المؤسسي الوحيد الباقي في وجه طموحات ترامب التوسعية.
وفي أحدث تجلّيات الأزمة، هاجم ترامب الإعلام أيضًا، واصفًا بعض الشبكات الكبرى بأنها "فاسدة" و"غير قانونية"، معتبرًا أنها تُحرّض القضاة وتُشكّل خطرًا على النظام، في تصعيد خطابي يثير مزيدًا من القلق بشأن حرية الصحافة في عهده.
من جانبه، اعتبر عضو الكونغرس جيمي راسكين أن ما يحدث هو "أخطر تهديد للديمقراطية الأمريكية من داخلها"، مضيفًا أن ترامب "يهاجم كل مؤسسة قد تقف في وجهه، من القضاء إلى الإعلام، في محاولة لترسيخ فوضى سياسية لا يمكن إصلاحها".