شينخوا: الصين مستعدة لتعزيز الاتصالات والتعاون مع روسيا وإيران ووكالة الطاقة بشأن نووي إيران
عاد الحديث مجددًا في ظل التوترات المتصاعدة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، عن الخطوط الحمراء التي قد تقود إلى مواجهة عسكرية واسعة.
وكان الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، حذر روسيا من أن الحلف سيقف دائمًا إلى جانب بولندا أو أي عضو آخر في الحلف، وأن رد فعله على أي هجوم سيكون "مدمرًا".
وأكد خبراء، أن تحذيرات الناتو لروسيا تأتي في سياق قلق أوروبي متزايد من توسع النفوذ الروسي، خاصة بعد نجاح موسكو في فرض شروطها في المفاوضات الأخيرة، وبالإضافة إلى المخاوف الأوروبية من استغلال روسيا لحالة توقف الحرب لاحقًا واستهداف دول البلطيق أو بولندا، مما يزيد من احتمالية التصعيد.
وأوضح الخبراء أن القلق والانقسام داخل الناتو بين الجناح الأوروبي والأمريكي بدأ يظهر جليا، حيث تشعر أوروبا بالقلق من تقارب محتمل بين واشنطن وموسكو قد يكون على حساب مصالحها الأمنية.
وحذروا من أن استمرار التصعيد دون حوار استراتيجي قد يؤدي إلى سباق تسلح جديد، داعين إلى تقديم ضمانات أمنية متبادلة لمنع مواجهة عسكرية محتملة.
يرى د. آصف ملحم، مدير مركز "JSM" للأبحاث والدراسات، أن رد فعل حلف الناتو تجاه روسيا يمكن قراءته في سياقات متعددة، أولها المكاسب التي حققتها موسكو في المفاوضات الأخيرة بالمملكة العربية السعودية.
وقال ملحم، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن روسيا تمكنت من فرض شروطها عمليًّا، بينما لم تحقق أوكرانيا مكاسب تُذكر، خاصة فيما يتعلق بتصدير المواد الغذائية والزراعية.
وأشار إلى أن أوكرانيا لا تواجه مشكلات كبيرة في تصدير منتجاتها، حيث تمر شحناتها عبر المياه الإقليمية الرومانية، في حين تعاني روسيا من العقوبات الاقتصادية، مما يضطرها إلى اتباع طرق غير مباشرة لبيع منتجاتها الزراعية، ما يزيد من التكاليف المالية ويؤدي إلى انخفاض الأسعار.
وأضاف أن هذه التطورات أثارت قلقًا في أوكرانيا وأوروبا، حيث تسعى الأخيرة إلى الانخراط في هذه المفاوضات لضمان عدم تخفيف العقوبات عن موسكو دون موافقتها.
واعتبر أن تصريحات الأمين العام لحلف الناتو تعكس الموقف الأوروبي، الذي يسعى لإظهار أن ملف العقوبات ليس بيد الولايات المتحدة وحدها، بل يخضع لتوازنات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي.
وأوضح ملحم أن روسيا بحاجة إلى فترة استراحة لإعادة ترتيب صفوفها بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا، حيث كشفت المعارك عن ثغرات في الجيش الروسي، ولا سيما في الصناعات العسكرية، رغم تحقيق تقدم في مجالات أخرى مثل الطائرات المسيّرة.
وأشار إلى أن موسكو، في ظل هذه الظروف، ليست مستعدة لمواجهة مباشرة مع حلف الناتو، لكنها قد تستغل الفترة القادمة لتعزيز قدراتها الاقتصادية والعسكرية.
ولفت إلى أن روسيا قد تسعى مستقبلًا إلى استهداف دول البلطيق (لاتفيا، إستونيا، وليتوانيا) أو بولندا؛ نظرًا لدورها الرئيسي في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا ومواقفها المعادية لموسكو.
الانقسام داخل حلف الناتو
أكد ملحم وجود تباين في المواقف داخل حلف الناتو بين الجناح الأوروبي والجناح الأمريكي. وأوضح أن الدول الأوروبية، رغم اعتمادها الكبير على واشنطن، تواجه تحديات اقتصادية كبرى، حيث تعاني بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، وإسبانيا من ارتفاع الديون الخارجية مقارنة بالناتج المحلي، بينما تتحمل ألمانيا العبء الأكبر في تمويل القدرات العسكرية الأوروبية.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تبدو غير مهتمة كثيرًا بأوروبا حاليًّا، مما يثير مخاوف الأوروبيين من إمكانية تقارب أمريكي-روسي قد يكون على حساب مصالحهم.
وأوضح أن واشنطن قد تتساهل مع موسكو في ملفات استراتيجية مثل الشرق الأوسط، جنوب القوقاز، آسيا الوسطى، والصين، مقابل تحقيق مكاسب أخرى، وهو ما يفسر قلق أوروبا المتزايد من احتمال تعرضها لاعتداء روسي دون دعم أمريكي كافٍ.
من جانبه، قال ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن تصاعد الخطاب بين الناتو وروسيا يعكس حالة من انعدام الثقة والقلق المتبادل.
وأكد في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن أوروبا تخشى توسع النفوذ الروسي أو تحركات غير متوقعة من موسكو، بينما تشعر روسيا بالقلق إزاء التوسع العسكري للناتو على حدودها. وأضاف بريجع، أن الحل الأمثل يتمثل في تقديم ضمانات أمنية متبادلة بدلًا من تصعيد التهديدات، مشددًا على ضرورة إطلاق حوار استراتيجي يهدف إلى ضمان استقرار أوروبا ومنع أي مواجهة عسكرية كارثية.
وأوضح أن المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والدول المحايدة، يجب أن يلعب دورًا أكبر في تهدئة التوتر، محذرًا من أن استمرار التصعيد دون تواصل فعّال قد يؤدي إلى سباق تسلح جديد يهدد الأمن الجماعي.