الداخلية التركية: مقتل اثنين من مهاجمي شركة الصناعات الجوية والفضائية في أنقرة

logo
العالم

خاص- وسط "شلل" أذرعها و"تآكل" قوة ردعها.. "حيرة إستراتيجية" تُربك إيران

خاص- وسط "شلل" أذرعها و"تآكل" قوة ردعها.. "حيرة إستراتيجية" تُربك إيران
خامنئي يكرّم قائد القوة الجوية بعد الهجوم على إسرائيلالمصدر: أ ف ب
23 أكتوبر 2024، 9:45 ص

تعيش إيران فيما يمكن وصفه بـ"حيرة إستراتيجية"، ولا سيما في طريقة تعاملها مع ميليشياتها المسلحة وحربها مع إسرائيل، وهي إذ تقف بين عدة نيران في وقت واحد؛ فإما أن تستخدم كافة صواريخها البالستية لدرجة النفاد، أو تلجأ لـ"خيار شمشون"، أو تغلق مضيق هرمز، أو تستخدم الحل النووي، وكل هذا سط شلل واضح في أذرعها وتآكل في قودة ردعها.

خلال العقدين الماضيين، على الأقل، دأب المسؤولون الإيرانيون على إطلاق مختلف أنواع التهديدات حول ما يمكن أن يقوموا به في حال تعرضوا للاستهداف العسكري. 

وشملت التهديدات إغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره حوالي 20% من الاستهلاك العالمي للنفط (21 مليون برميل يومياً في 2023)، وما بين 25 و30% من شحنات الغاز المسال العالمية. 

التهديدات شملت ضرب القواعد الأمريكية في المنطقة وضرب إسرائيل، ورسمت صورة مفادها أنه من شبه المستحيل أن تتعرض إيران لأي ضربة عسكرية، وأن تلك الضربة، إن حدثت، ستكون مقدمة لمواجهات عسكرية كارثية. 

صورة الردع الإيراني اهتزت أول مرة، عندما اغتالت إدارة دونالد ترامب قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في مطلع يناير/كانون الثاني 2020، بعيد هبوط طائرته قادماً من دمشق إلى بغداد. 

الرد الإيراني عبر قصف قاعدة "عين الأسد" لم يرمم صورة الردع؛ فالقاعدة عراقية ويقيم فيها جنود أمريكيون لم ينزف منهم أحد. 

والسردية المتداولة شبه المؤكدة هي أن إيران أبلغت الولايات المتحدة، عبر وسطاء، بحاجتها الماسة للرد وبطبيعة الرد وموقعه وأنها لا تريد الحرب. ودونالد ترامب يومها تقبل الرد لانشغاله بالانتخابات الرئاسية.

أحداث يناير/كانون الثاني 2020 كانت هزة عابرة، ولكن أحداث 2024 كانت نقطة تحول دراماتيكية بالنسبة لصورة الردع الإيرانية. 

اغتيالات

عمليات اغتيال إسرائيل للقادة العسكريين الإيرانيين في سوريا تصاعدت بشكل غير مسبوق منذ بداية العام وصولاً لاستهداف مبنى قنصلي إيراني في دمشق في 1 أبريل/نيسان. 

والاستهداف قضى فيه سبعة عناصر من الحرس الثوري الإيراني أبرزهم العميد محمد رضا زاهدي مسؤول الحرس الثوري الإيراني لسورية ولبنان. 

الرد الإيراني المركب، بالصواريخ البالستية والصواريخ الجوالة والطائرات المسيرة، في 13 أبريل/نيسان، لم يرمم صورة الردع بالشكل المطلوب. فقد ضربت إسرائيل بعد أيام بطارية للدفاع الجوي من طراز S-300 في أصفهان ثم اغتالت إسماعيل هنية، ضيف إيران الرسمي، في 30 يوليو/تموز. 

في المرة الأولى، عند ضرب المبنى القنصلي، انتظرت إيران أسبوعين لترد، وبعد اغتيال هنية انتظرت شهرين لترد في 1 أكتوبر/تشرين الأول بإطلاق حوالي 200 صاروخ بالستي. 

ولكن بالرغم من هذه الضربة بقيت صورة الردع مهشمة. فالضربة لم تقتل أو تجرح أحداً، والمواقع التي أصابتها كانت إما مدرجات طيران تم إصلاحها أو هناجر محصنة لم تتأثر بالضربة. 

وبعض التحليلات تقول إن تكلفة الضربة أعلى بكثير من قيمة الأضرار التي ألحقتها. وإسرائيل أكدت أنها سترد، والولايات المتحدة أكدت أن الرد الإسرائيلي قادم وأنه كبير. 

والمسؤولون الإيرانيون انتقلوا من الحديث عن الرد الفوري للحديث عن الرد غير المتعجل بما يعكس رهاناً محتملاً من الجانب الإيراني على تبلور مخرج سياسي مما حصل بما يمنع التدحرج نحو الهاوية.

حراك إيراني

الحراك الذي يقوم به وزير الخارجية الإيراني في الشرق الأوسط منذ أيام يمثل محاولة لإقناع دول المنطقة بالتحرك للضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل لخفض التوتر. 

والتغيير في الخطاب الإيراني جاء بعدما بات من الواضح أن الرد من جانبهم على الضربة الإسرائيلية المقبلة سيقود بشكل حتمي للمزيد من الضربات الإسرائيلية، ويمكن أن يفتح الباب قريباً لضربة إسرائيلية-أمريكية واسعة تستهدف منشآتهم النووية، خصوصاً بعد أن عقمت الحلول الدبلوماسية الخاصة بالملف النووي.

مشكلة الردع الإيراني

لماذا تهشمت صورة الردع الإيرانية بهذا الشكل؟ وما أسباب هذا العجز الإيراني عن تنفيذ أي من التهديدات السابقة؟ ولماذا تحول سيناريو ضرب إيران مما يعادل يوم القيامة إلى حدث عابر قابل للتكرار والتصاعد وسط تجاهل إقليمي ودولي لعواقب تصاعد التوتر؟ 

مشكلة الردع الإيراني أنه اعتمد على نوعين فقط من القدرات، الأول هو الجماعات المسلحة التابعة لإيران والمنتشرة في العراق واليمن ولبنان وقطاع غزة.

هذا الجزء من الردع هو الأكثر استخداماً وهو أيضاً الأقل ثمناً من الناحيتين المالية والاقتصادية؛ فالحوثيون في اليمن ضربوا البنى التحتية في السعودية مرات عدة على مدى سنوات من دون أن يوجه المجتمع الدولي أي اتهام أو مساءلة لإيران. أما النوع الثاني لقدرات الردع الإيرانية فهو القدرات الصاروخية البالستية التي يصل مداها لألفي كيلومتر.

هذان النوعان من القدرات ضمنا لإيران سابقاً عدم التعرض لأي ضربة، خصوصاً من جانب إسرائيل. ولكن الحرب الحالية التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أدت إلى تحييد القدرات الصاروخية الموجودة في قطاع غزة، وإلى تقليص كبير للقدرات الصاروخية الموجودة في لبنان.

فبينما تحسب الإسرائيليون منذ أشهر لاحتمال تلقيهم عدة آلاف من الصواريخ يومياً من الجبهة الشمالية، لا تزال الكميات المطلقة عند مستوى 10% تقريباً من التوقعات السابقة، بحسب الكولونيل أساف أوريون، المدير السابق لدائرة الاستراتيجية في وزارة الدفاع الإسرائيلية والباحث في معهد واشنطن. 

وقدرة الحوثيين في اليمن والفصائل العراقية على توجيه ضربات جدية لإسرائيل، أي إطلاق عدد كبير من الصواريخ، هي قدرة محدودة للغاية بحسب ما أظهرت التجربة.

فاعلية محدودة

كما ظهر في الضربة التي نفذتها إيران لإسرائيل في 13 أبريل/نيسان محدودية فاعلية الصواريخ الجوالة والطائرات المسيرة، وذلك بعد أن اعترضت المقاتلات الأطلسية والإسرائيلية أغلب هذه الصواريخ والطائرات حتى قبل وصولها للمجال الجوي الإسرائيلي. 

ما يتبقى لإيران حالياً هو الصواريخ البالستية، ولكن هذه الصواريخ عالية التكلفة. فالصواريخ الصينية المقاربة من حيث المدى تتراوح تكلفة الواحد منها بين 5 و 15 مليون دولار أمريكي. كما أن الترسانة الإيرانية منها محدودة العدد. 

والتقديرات الأمريكية السابقة، من الجنرال فرانك ماكينزي، القائد السابق للقيادة المركزية، كانت بامتلاك إيران 3,000 صاروخ بالستي. ولكن الإسرائيليين يقولون إن القسم الأكبر من هذه الصواريخ غير دقيق ولا يمكن لإيران الاعتماد عليه. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية العامة "Kan"، في 9 أكتوبر/تشرين الأول، عن مصادر مطلعة تقديرها أن إيران كانت تمتلك 600 صاروخ بالستي دقيق، وكان ذلك قبل ضربة 1 أكتوبر/تشرين الأول. 

الصواريخ البالستية المئتان التي أطلقتها إيران في 1 أكتوبر/تشرين الأول لم تكن جميعها من الأنواع الأعلى دقة. ولكن حتى بافتراض أن نصف تلك الصواريخ كانت من النوع الدقيق فهذا يعني أن إيران تستطيع أن توجه ضربتين أخريين، أو ثلاثاً على أقصى تقدير، بحجم ضربة 1 أكتوبر/تشرين الأول. ولعل هذه المحدودية في القدرات هي ما يجعل إسرائيل أكثر ثقةً في تأكيدها أنها ستضرب قريباً، وستعيد الضرب بشكل أكبر إن ردت إيران. 

هذه المحدودية تجعل إيران في حيرة استراتيجية: فإما أن تتابع استنفاد مخزونها الثمين والمحدود من الصواريخ البالستية أو أن تمضي لخيار شمشون، وتحاول إغلاق مضيق هرمز الذي ستكون حليفتها الصين المتضرر الأكبر منه، فحوالي 70% من النفط العابر لمضيق هرمز يتجه للصين. 

وسط هذه الحيرة يبدو الرهان الإيراني على الانتظار والصبر ريثما يتبلور المخرج.

أخبار ذات علاقة

سرية للغاية وتُقلق واشنطن.. هل اقترب موعد الضربة الإسرائيلية لإيران؟ (فيديو إرم)

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC