الرئاسة الفرنسية: قرار الجزائر بطرد دبلوماسيين غير مبرر
اعتبر خبراء اقتصاديون، أن العقوبات الدولية واختلالات البيئة الإدارية تُشكلان عقبتين رئيسيتين أمام تعافي الاقتصاد الإيراني، الذي يُعاني من استمرار التراجع في معدلات الاستثمار والنمو.
وشهدت الأسواق الإيرانية، يوم السبت، انهيارًا جديدًا في قيمة العملة الوطنية، حيثُ تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي حاجز المليون ريال لأول مرة في تاريخ البلاد، وذلك في ظل تراجع الثقة بالعملة المحلية وتصاعد الضغوط الاقتصادية ضمن "سياسة الضغط الأقصى"، التي تُمارسها الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب.
وبلغ سعر الدولار في السوق الحر 1,043,000 ريال، بعد استئناف الأنشطة التجارية وانتهاء عطلة رأس السنة الفارسية "نوروز"، ومع إعادة فتح السوق السبت، استمرت وتيرة التراجع، وسط مخاوف من استمرار انهيار الريال، لا سيما في ظل استمرار الغموض السياسي والاقتصادي في البلاد.
وفي شارع "فردوسي" الشهير وسط العاصمة طهران، والمعروف بأنه المركز الرئيسي لتجارة العملة الأجنبية، عمدت بعض مكاتب الصرافة إلى إطفاء شاشات أسعار الصرف الإلكترونية، في إشارة إلى حالة الترقب وعدم اليقين التي تسود السوق، وعجز التجار عن تحديد سقف لانهيار العملة.
وحذر الخبير في الاقتصاد محمد تقي فياضي، من احتمال حدوث "صدمة عنيفة في سوق الصرف" خلال العام الجاري، إذا استمرت أزمة العجز في الميزانية وتراجعت صادرات النفط الإيراني إلى ما دون 500 ألف برميل يوميًا.
وقال في حديثه لـ"إرم نيوز"، "إن الاقتصاد الإيراني لا يزال يواجه أزمة تضخم حادة، إذ يتراوح معدل التضخم حالياً بين 40 إلى 45%"، مرجّحاً استمرار مستوى التضخم خلال العام الجاري، الذي "ربما يتجاوز 50% في حال تفاقم الأوضاع"، بحد توقعاته.
وأضاف الخبير فياضي أن الأسباب الجذرية للتضخم تعود إلى "العجز الكبير في الميزانية، والاختلالات في النظام المصرفي، وسوء إدارة الشركات الحكومية، والاعتماد المفرط على طباعة النقود لتمويل الإنفاق الحكومي".
بدوره قال الخبير الإقتصادي الإيراني مهرداد سبه وند، إنه "منذُ توّلي (الرئيس الإيراني) مسعود بزشكيان منصب الرئاسة في شهر آب/أغسطس من العام الماضي، فقدت العملة الإيرانية أكثر من نصف قيمتها".
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن "حكومة الراحل إبراهيم رئيسي نجحت جزئياً في تقليل الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الحرة، لكن أي تراجع في إيرادات العملة الصعبة، خاصة من النفط، قد يعيد التوتر إلى السوق ويؤدي إلى ارتفاع كبير في سعر الدولار".
ورجح الخبير سبه وند أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق نووي أو تفاهم مع الغرب، قد يصل سعر الدولار في السوق إلى أكثر من 100 ألف تومان (مليون ريال)، أما في حال حصول انفراجة دبلوماسية فقد يستقر السعر بين 90 إلى 100 ألف تومان.
وشدد على أن "الاقتصاد الإيراني يعاني من نظام مختل ومليء بالاختلالات البنيوية، سواء في الميزانية، أو في أداء البنوك، أو في ملف الدعم الحكومي"، مطالبًا بإرادة سياسية قوية لإصلاح هيكلي، وتخفيف الإنفاق غير المنتج، ومكافحة الفساد والامتيازات.
وحذّر من أن استمرار النهج الحالي قد يجعل السنوات المقبلة أصعب اقتصادياً من أي وقت مضى، داعياً إلى التخطيط المُبكر لميزانية العام المقبل بشكل متوازن يراعي التحديات الحالية والمتوقعة.
من جهته قال الخبير الاقتصادي الإيراني محمد مهدی بهكيش، إن العقوبات الدولية أثرت بشدة على الاقتصاد الإيراني، موضحاً أن تراجع صادرات النفط، الذي يُعتبر المصدر الرئيسي للعملة الصعبة، أضعف قدرة الدولة على تلبية الاحتياجات الاقتصادية.
وبيّن في حديثه لـ"إرم نيوز"، أنه "حتى الصادرات غير النفطية تواجه صعوبات كبيرة في ظل القيود المصرفية والعقوبات، ما يضعف بدوره من فرص جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية".
وأشار الخبير بهكيش إلى أنه إلى جانب العقوبات، يواجه المستثمرون عقبات كبيرة في الإجراءات الإدارية المعقدة والمتغيرة باستمرار، الأمر الذي يدفعهم إلى تجنّب السوق الإيرانية لصالح بيئات أعمال أكثر مرونة في دول أخرى.
وشدد على ضرورة تحسين العلاقات الدولية وتخفيف العقوبات كمقدمة أساسية لعودة النمو، وتبسيط القوانين وتقليص البيروقراطية لتشجيع الاستثمار، وتحسين الشفافية في الاقتصاد والإصلاح الضريبي، وتنمية الصادرات وتقليص الاعتماد على النفط عبر دعم الإنتاج المحلي.
ودعا الخبير بهكيش إلى وضع خطط بعيدة المدى تهدف إلى إصلاح بنية الاقتصاد الإيراني، وتوفير بيئة مستقرة وآمنة للمستثمرين، مؤكدًا أن الثقة عنصر حاسم في جذب رؤوس الأموال، إذ إنها تُكتسب من خلال التزامات واضحة وسياسات اقتصادية متّسقة ومستقرة.