نتنياهو: مستعدون للحوار بشأن المرحلة النهائية للحرب حيث يتم نزع سلاح حماس وإخراج قادتها من غزة
اعتبر خبراء في الشأن الدفاعي الأوروبي أن فرنسا تسعى إلى تعزيز الاستقلالية الدفاعية للقارة عبر استضافة اجتماعين دفاعيين.
وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية استباقية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحضيرًا لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، إذ تسعى أوروبا إلى وضع إطار جديد لـ"الضمانات الأمنية" التي تطالب بها كييف.
في خطوة تعكس طموحات فرنسا في تعزيز استقلالية القرار الأوروبي في الشؤون الدفاعية، استضافت باريس اجتماعًا مزدوجًا لرؤساء أركان الجيوش ووزراء الدفاع الأوروبيين، بحضور ممثلين عن حلف الناتو، ولكن في غياب الولايات المتحدة.
هذه الاجتماعات تأتي في وقت حساس، إذ يشهد الصراع الروسي الأوكراني تحولات قد تمهد لمرحلة وقف إطلاق النار، وهو ما يستدعي إعادة رسم الاستراتيجيات الدفاعية الأوروبية بعيدًا عن المظلة الأمريكية التقليدية.
الاجتماعات، التي جرت في مقر وزارة الدفاع الفرنسية، ناقشت ملفات رئيسة عدة، من بينها إعادة تقييم القدرات الدفاعية الأوروبية في ظل التحديات الأمنية المتزايدة، وتعزيز التعاون العسكري بين الدول الأوروبية بعيدًا عن الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة، كذلك وضع إطار أمني جديد لأوكرانيا في مرحلة ما بعد الحرب، استجابةً لمطالب كييف بضمانات أمنية دائمة.
الغياب الأمريكي عن هذه الاجتماعات لم يكن مصادفة، بل هو جزء من ديناميكية متغيرة في العلاقات عبر الأطلسي.
فمنذ انتخاب دونالد ترامب مجددًا رئيسًا للولايات المتحدة، زادت المخاوف الأوروبية من احتمال تراجع الالتزام الأمريكي تجاه أمن القارة العجوز.
تصريحات ترامب السابقة، التي أشار فيها إلى إمكانية خفض الدعم لحلف الناتو، عززت إصرار الأوروبيين على بناء دفاعاتهم الذاتية.
كما أن واشنطن لم تخفِ امتعاضها من محاولات باريس الدفع نحو "استقلالية استراتيجية" داخل أوروبا، إذ تعتبر أن هذه التحركات قد تضعف تماسك الناتو في مواجهة التهديدات الروسية والصينية.
تضمن جدول الأعمال خلال الاجتماعين عدة محاور حساسة تتعلق بمستقبل الدفاع الأوروبي والعلاقات مع أوكرانيا.
من بين أبرز النقاط التي تمت مناقشتها زيادة ميزانيات الدفاع الأوروبية، إذ شدد المجتمعون على ضرورة التزام الدول الأوروبية بزيادة إنفاقها الدفاعي، بما يتجاوز 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المعيار الذي طالما طالبت به واشنطن داخل الناتو.
كما ركّز المجتمعون على تقوية الصناعة العسكرية الأوروبية، بما في ذلك إنتاج الطائرات المقاتلة والمدرعات، والأنظمة الدفاعية المتقدمة، لتقليل الاعتماد على الواردات الأمريكية.
وكانت مسألة الضمانات الأمنية لكييف في صلب المناقشات، فقد اقترحت بعض الدول الأوروبية آليات دعم طويلة الأمد لأوكرانيا، تشمل التدريب العسكري، ونقل التكنولوجيا، ونشر قوات استشارية في البلاد بعد انتهاء النزاع.
وجرت أيضا مناقشات حول إمكانية تشكيل قوة تدخل سريعة مستقلة عن الناتو، تكون قادرة على الاستجابة السريعة للأزمات دون الحاجة إلى موافقة الولايات المتحدة.
بدوره، قال الخبير العسكري فرانسوا هايسبورغ إن هذه الاجتماعات تشكل نقطة تحول في مسار السياسة الدفاعية الأوروبية.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "ماكرون لطالما دعا إلى استقلالية استراتيجية أوروبية، لكن هذه المرة، تبدو الخطوات أكثر واقعية نظرًا للتغيرات الجيوسياسية.
وتابع هايسبورغ: "السؤال الكبير الآن هو: هل تستطيع أوروبا تحمل أعباء أمنها دون واشنطن؟ الخطاب السياسي موجود، لكن القدرات العسكرية الأوروبية لا تزال بحاجة إلى استثمارات ضخمة وسنوات من العمل للوصول إلى مستوى يسمح بالاستغناء عن الدعم الأمريكي".
ومن جانبه، قال الباحث في مؤسسة البحوث الاستراتيجية والخبير في العلاقات عبر الأطلسي، برونو تيرتريه، إن "هذا التحرك الأوروبي يمكن أن يشكل اختبارًا لوحدة حلف الناتو".
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن "الناتو يعتمد بشكل كبير على القوة الأمريكية، وأي محاولة لبناء دفاع أوروبي مستقل يجب أن تأخذ في الاعتبار التوازنات داخل الحلف.
وأوضح تيرتريه أنه "إذا شعرت بعض الدول الأوروبية، مثل بولندا أو دول البلطيق، أن هذه التحركات تهدد الضمانات الأمريكية، فقد يؤدي ذلك إلى انقسامات داخل الناتو نفسه".
وتابع: "المفتاح هنا هو كيفية تحقيق توازن بين الاستقلالية الأوروبية والحفاظ على العلاقة الاستراتيجية مع واشنطن. إذا تم تنفيذ هذا المشروع بشكل حكيم، فقد يكون خطوة إيجابية نحو توزيع أكثر عدالة للعبء الدفاعي داخل التحالف الغربي".