رابطة "شنتشن" للتجارة الإلكترونية بالصين: الرسوم الأمريكية "ضربة غير مسبوقة
دعت أحزاب اليسار في فرنسا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى عدم فرض "تضحيات جديدة على الفرنسيين" لمصلحة الأمن الأوروبي.
وجاءت دعوات اليسار بعد أن أعلن ماكرون في خطاب بشأن أوكرانيا "استثمارات إضافية" في مجال الدفاع دون زيادة الضرائب، وركز فيه على "حقبة جديدة" في ظل التحول الاستراتيجي للولايات المتحدة تجاه روسيا.
وأعرب قادة أحزاب اليسار، سواء من اليسار المتطرف أو الاشتراكيين أو الخضر، عن مخاوفهم وقلقهم المشترك من المساس بـ"النموذج الاجتماعي".
وقال الباحث جان بيير مولان، المتخصص في السياسات الدفاعية في معهد الدراسات الاستراتيجية في باريس، إن خطاب ماكرون يعكس "تحولًا جذريًا في النهج الفرنسي تجاه التهديدات الأمنية، لكنه يثير تساؤلات جدية حول تأثيره في الوضع الاجتماعي".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "تخصيص موارد إضافية للدفاع دون زيادة الضرائب يضع تحديات هائلة أمام الميزانية الفرنسية، وقد يؤدي إلى إعادة هيكلة الإنفاق العام بطرق تمس قطاعات أخرى".
ومن جانبه، رأى مارك دوسيه، الباحث في مركز الدراسات الجيوسياسية الأوروبية، أن خطاب ماكرون "لم يكن مجرد تحذير من التهديد الروسي، بل هو محاولة لإعادة تعريف الدور الفرنسي داخل أوروبا".
وأكد أن "ماكرون يحاول خلق إجماع أوروبي حول تعزيز القدرات الدفاعية، لكنه يواجه معارضة داخلية قوية من اليسار، الذي يخشى أن يأتي هذا التعزيز على حساب الخدمات العامة والرفاه الاجتماعي".
وبيّن الباحث دوسيه أن "هناك توافقا بين مختلف تيارات اليسار على ضرورة دعم أوكرانيا وتعزيز الاستقلالية الاستراتيجية لأوروبا، لكن الخلاف يكمن في كيفية تمويل ذلك".
وأشار إلى أن بعض الأطراف يرون أن "الحل يكمن في فرض ضرائب على الأثرياء أو الاستدانة الأوروبية بدلاً من تحميل العبء على الفئات الأكثر ضعفًا".
وذكر الباحث دوسيه أن الجدل حول هذه القضية يتزايد مع اقتراب القمة الأوروبية في بروكسل، مرجحًا أن تكون الاستثمارات الدفاعية على رأس جدول الأعمال، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت أوروبا ستتمكن من تحقيق استقلالها الاستراتيجي دون أن تدفع الشعوب ثمنًا اجتماعيًا باهظًا.
بدوره، رأى أوليفييه فور، السكرتير الأول للحزب الاشتراكي، أن "دعم أوكرانيا واجب"، تمامًا كما يجب أن يكون "السعي نحو الاستقلالية الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي هدفًا".
وشدد على أن "تحقيق ذلك يجب ألا يكون عبر تضحيات جديدة للفرنسيين، أو تدهور الخدمات العامة، أو التخلي عن التحول البيئي"، مضيفًا أن "أوروبا ليست غارقة في الديون، بإمكانها الاقتراض، ويجب مصادرة الأصول الروسية".
من ناحيتها، وصفت مارين توندولييه، زعيمة حزب الخضر، الوضع في أوروبا بأنه "الأخطر منذ عام 1945"، معتبرة أن وجود أوكرانيا والاتحاد الأوروبي "مهدد من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحليفه الجديد في البيت الأبيض، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".
وأكدت أن حزبها "ليس ضد" زيادة ميزانية الدفاع، لكنها حذرت من أن "تحميل الفئات الأكثر هشاشة تكاليف الاقتصاد الحربي من خلال ميزانية تقشفية أمر مرفوض تمامًا".
وقال مانويل بومبارد، المنسق الوطني لحزب فرنسا الأبية: "شعرت أن الرئيس يعتزم مطالبتنا بتقديم تنازلات على مستوى نموذجنا الاجتماعي، والعمل لفترة أطول".
وأضاف لقناة "LCI" أن "هذا الأمر غير وارد على الإطلاق، لا يمكنه استغلال خوف وقلق الفرنسيين لفرض سياسة لا نريدها"، محذرًا من التلاعب بالمشاعر الوطنية.
وقال النائب عن الحزب إيريك كوكرال عبر قناة "بي.إف.إم" إن "ماكرون لديه رؤية تعود إلى القرن العشرين"، منتقدًا استمرار فرنسا في عضوية حلف شمال الأطلسي "الناتو"، الذي يضم دولًا أوروبية وأمريكية شمالية منذ عام 1949.
وكتب زعيم الحزب جان لوك ميلانشون: "نعم، ماكرون محق. نحن نعيش تغييرًا في الحقبة، لكن الذين أوصلونا إلى هذا المأزق وجعلوا من الولايات المتحدة نموذجًا مثاليًا لم يعد بإمكانهم قيادة المسار".
وأكد، عبر حسابه على منصة "إكس"، أن "الأولوية القصوى تأمين حدودنا عبر القارات الخمس، من الناحية البيئية والعسكرية والاجتماعية. تسقط الحرب!".
ويدعو حزب فرنسا الأبية منذ سنوات إلى الانسحاب من "الناتو"، وقدم مقترحًا برلمانيًا بهذا الشأن في كانون الأول/ديسمبر من عام 2021.
وبدوره، دعا الحزب الشيوعي الفرنسي إلى "الخروج من الناتو" و"بناء أمننا الأوروبي المستقل".
وأعرب السكرتير الوطني فابيان روسيل في بيان عن معارضته موقف ماكرون، الذي أكد أنه يريد "فتح نقاش استراتيجي حول حماية حلفائنا الأوروبيين من خلال قوة الردع النووي الفرنسية"، رغم أن قرار استخدام السلاح النووي "كان وسيظل دائمًا بيد رئيس الجمهورية".
وقال روسيل: "هذا ليس ضمانًا للسلام، بل هو خطر يؤدي إلى مواجهة نووية في أوروبا. بعد ثلاث سنوات من العدوان الروسي الإجرامي وغير المبرر على استقلال أوكرانيا، وبعد سقوط مليون ضحية، أصبح واضحًا أنه لن يكون هناك حل عسكري، بل فقط حل سياسي ودبلوماسي".