ترامب: سنحقق أموالا طائلة من وراء الرسوم الجمركية
في ظل تصاعد التحديات الأمنية التي تواجهها فرنسا، يثار التساؤل حول كيفية تمويل إعادة التسليح، خاصة بعد تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون الأخيرة.
وفي هذا السياق، ناقش رئيس الوزراء فرانسوا بايرو هذا الموضوع خلال مقابلة مع إذاعتي "يورب1" وشبكة "سي.نيوز" حيث لم يستبعد إمكانية اللجوء إلى مدخرات الفرنسيين لتمويل هذه العملية، مشيرًا إلى أن الاقتراض الوطني يُعد "إمكانية قائمة".
وشدد على أن "القرار لم يُحسم بعد"، وأن الحلول المطروحة لا تزال قيد الدراسة وقد تستغرق أسابيع وربما شهرين قبل أن يتم التوصل إلى استراتيجية واضحة.
وأضاف بايرو: "يجب التحلي بالهدوء في هذه المرحلة، فالفرنسيون بحاجة إلى التأكد من أن القائمين على إدارة شؤون البلاد يتعاملون مع الوضع بقدر كبير من التروي والمسؤولية".
وأكد أن الهدف الأساسي هو "إعادة رسم طريقة تعبئة الموارد الوطنية" لخدمة هدفين رئيسين: تعزيز القدرات الدفاعية، وإعادة بناء أسس التماسك الاجتماعي.
حل محفوف بالمخاطر
من جانبه، قال لوك بوزو، خبير اقتصادي في مركز "Montaigne" للدراسات، لـ"إرم نيوز" إن خيار الاقتراض الوطني قد يكون حلًا مرحليًا لكنه محفوف بالمخاطر. لافتًا إلى أن "الاعتماد على مدخرات المواطنين لتمويل إعادة التسلح قد يبدو خيارًا سياسيًا جذابًا، لكنه يحمل تحديات اقتصادية كبيرة".
واعتبر أن زيادة الديْن العام قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في المستقبل، ما قد يشكل ضغطًا إضافيًا على المالية العامة، لا سيما في ظل تفاقم العجز في الميزانية.
وأضاف أن نجاح هذه المبادرة سيعتمد على مدى ثقة الفرنسيين في الحكومة، مشيرًا إلى أنه "إذا لم يكن هناك وضوح حول العوائد المحتملة لهذه الاستثمارات، فقد يفضّل المواطنون الاحتفاظ بمدخراتهم بدلًا من توجيهها إلى سندات حكومية قد لا تحقق لهم فوائد ملموسة".
أبعاد سياسية
من جهته، قال لوران بورجيه، محلل سياسي في مؤسسة المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية لـ"إرم نيوز" إن خيار الاقتراض الوطني يحمل أبعادًا سياسية بقدر ما يحمل أبعادًا اقتصادية.
وأوضح أن "طرح فكرة تعبئة مدخرات الفرنسيين لإعادة التسلح قد يكون وسيلة لكسب الدعم الشعبي لسياسات الدفاع، لكنه يثير تساؤلات حول مدى استعداد المواطنين للمساهمة في مشروع حكومي بهذا الحجم، خاصة في ظل ارتفاع التضخم وتزايد الضغوط المعيشية".
ويشير بورجيه إلى أن نجاح الخطة يعتمد على مدى شفافية الحكومة في إدارة الأموال، مؤكدًا أنه "يجب أن تكون الحكومة قادرة على طمأنة الفرنسيين بأن هذه الاستثمارات ستؤدي فعلًا إلى تعزيز الأمن القومي دون التأثير سلبًا على الاقتصاد".
محاذير التمويل
بدورها، حذرت دلفين برونيه، باحثة في معهد الاقتصاد الفرنسي "CEPII" في تصريحات لـ"إرم نيوز" من أن الاعتماد على مدخرات المواطنين لتمويل إعادة التسلح قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة.
وأضافت أن "فرنسا تواجه تحديات مالية كبرى، وإذا لم يتم إدارة الاقتراض الوطني بحكمة، فقد يؤثر سلبًا على الاستهلاك المحلي، ويؤدي إلى انكماش اقتصادي، وهو ما يتناقض مع أهداف تعزيز النمو".
وشددت على أنه يجب على الحكومة التفكير في خيارات تمويل أخرى مثل التعاون الأوروبي أو إعادة هيكلة بعض النفقات العامة، بدلًا من تحميل المواطنين جزءًا كبيرًا من كلفة إعادة التسلح.
وفي ظل هذه النقاشات، لا يزال الاقتراض الوطني خيارًا مطروحًا لكنه محفوف بالتحديات الاقتصادية والسياسية. وبينما تسعى الحكومة الفرنسية إلى إيجاد حلول مستدامة لتمويل إعادة التسلح، يبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن ماكرون وحكومته من إقناع الفرنسيين بأن الاستثمار في الدفاع هو استثمار في مستقبلهم؟