وزير خارجية إيران: منفتحون على مفاوضات نووية غير مباشرة مع واشنطن
قال مسؤول رفيع في إدارة الرئيس جو بايدن لـ"إرم نيوز" إن الأخير يعمل، على مدار الساعة، لتحقيق اختراق كبير في الشرق الأوسط، قبيل مغادرته البيت الأبيض في العشرين من يناير الحالي، حتى وإن كان الشعور العام في الوقت الحاضر أن هذه الإدارة بخيارها هذا، فضلت أن تلعب في هذه القضية المصيرية، عندما نفد الوقت بالكامل، وتحاول الآن أن تحقق إنجازًا في المنطقة، في الوقت بدل الضائع من عمرها.
وإن بدا هذا التشكيك من الخارج منطقي إلى أبعد الحدود، لاتزال إدارة بايدن تدافع بقوة عن منجزها في واحدة من المناطق الأكثر اضطرابًا في العالم، مشددة في دفاعها عن صحة وجهات نظرها، بالنجاح، في مرحلة ما بعد خسارة حزب الرئيس للانتخابات في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، وكذلك التضييق على إيران في سوريا؛ ما أدى بنهاية المطاف إلى إضعاف قدرة طهران على تقديم المساعدة العسكرية والمالية لأكبر حلفائها في المنطقة، النظام السوري السابق، والذي انتهى إلى السقوط وهروب رأسه إلى خارج البلاد.
يقول مسؤولو إدارة بايدن إنهم يحتفظون بتفاؤلهم كاملًا في إمكانية التوصل إلى اتفاق يخص هذه المرة الحرب في غزة والملف الآخر المرتبط بها وهو ملف الرهائن المحتجزين لدى الحركة منذ السابع من أكتوبر في العام 2023.
هذا الحديث يعود إلى الواجهة مجددًا هنا بالعاصمة واشنطن بعد أن أطلق وزير الخارجية أنتوني بلينكن سلسلة تصريحات حول الأزمة في المنطقة خلال زيارته الحالية للعاصمة الفرنسية باريس.
فرنسا التي كانت ولا تزال شريكًا أمريكيًا محوريًا في اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان تريد منها واشنطن ومن بقية الشركاء الأوروبيين لعب مزيد من الادوار؛ قصد مساعدة هذه الإدارة للتوصل إلى تحقيق إنجاز في المنطقة؛ قبل مغادرتها البيت الأبيض، بعد أقل من اسبوعين من الآن.
يقول بلينكن أنه يرى هذه المرة فرصة وإمكانية، لتحقيق هذا الاتفاق لم تكن متاحة سابقًا. كبير الدبلوماسيين الأمريكيين عرج على الوضع في جنوب لبنان، معيدًا التذكير بأن الاتفاق الذي تحقق هناك كان بفضل جهود أمريكية فرنسية مشتركة لكنه أضاف إلى ذلك أن ثلث القوات الإسرائيلية التزمت بالانسحاب، مشددًا على أن الوقف الحالي لإطلاق النار في جنوب لبنان بإمكانه أن يقود إلى تحقيق اتفاق مستدام بين لبنان وإسرائيل.
خطوات إدارة الرئيس بايدن تجد انتقادات واسعة من قبل الديمقراطيين قبل غيرهم؛ بسبب تقدير سائد بين هؤلاء أن هذه الإدارة كان حري بها إطلاق هذا النوع من المبادرات وتحقيق هذه المكاسب في وقت كان الحزب يحتاج إليها في مرحلة الانتخابات شهر نوفمبر الماضي لكن سوء أداء الإدارة في الشرق الأوسط أسهم في الخسارة السياسية التي مني بها الحزب في انتخابات الرئاسة والكونغرس الأخيرة.
عندما يعود بلينكن إلى الحديث مجددًا عن إمكانية نجاح فريقه الديبلوماسي في التوصل إلى إعلان اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، خلال الأسبوعين الأخيرين له، في مبنى الخارجية ذلك لأن جهدًا إقليميًا كبيرًا ونشاطًا مكثفًا من قبل الشركاء الإقليميين لمساعدة الأطراف على التقدم في المفاوضات القائمة على أكثر من مستوى في الوقت الحاضر.
ترتفع بطبيعة الحال وتنخفض نسبة التفاؤل في تقدير الوسيط الأمريكي في قرب التوصل إلى اتفاق؛ بسبب التباين في المواقف وحسابات المكاسب بين الربح والخسارة لدى كل طرف بعد أكثر من عام من الحرب المشتعلة في القطاع لكن رؤية إدارة بايدن أن الوقت أصبح مناسبًا، وكذلك؛ لأن المحيط الإقليمي شهد تغيرًا دراماتيكيًا في الشهور التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الأمريكية بصورة فاقت جميع التوقعات.
بكل تأكيد أن الضغط الداخلي هنا في واشنطن كبير جدًا، بشأن المحتجزين الحاملين للجنسية الأمريكية بالنظر إلى تلك القائمة الطويلة من التعهدات التي أطلقتها إدارة بايدن بالعمل بلا توقف لإعادتهم، بمعية الرهائن الآخرين إلى عائلاتهم وهو الأمر الذي اقتربت منه الأطراف في أكثر من مناسبة واحدة ليعود إلى الاختفاء في كل مرة.
جديد واشنطن هذه المرة هو ذلك التماهي الكامل بين رؤيتي الإدارتين المنتهية ولايتها للرئيس بايدن، والانتقالية للرئيس المنتخب دونالد ترامب كلاهما يتفق بالكامل على أولوية الحل في غزة وضرورة الإسراع بتحقيق ذلك.
عاد ترامب مرة جديدة خلال الساعات الماضية إلى تصريحه القديم الجديد بأنه وفي حال عدم إطلاق سراح الرهائن قبل وصوله إلى البيت الأبيض بعد مراسم أداء القسم في العشرين من الشهر الحالي، فإن الشرق الأوسط سيكون على موعد مع الجحيم، في إشارة إلى تلك الخيارات التي يريد تطبيقها هناك مباشرة، بعد استلامه السلطة.
لا تريد الإدارة الجديدة أن تجد الشرق الأوسط في حالة من الارتباك غداة استلامها السلطة فهي تريد للكثير من الأهداف أن يتحقق سريعًا في فترة الأسبوعين القادمين وذلك بهدف تهيئة الأجواء أمامها لأجل ترتيبات مرحلة ما بعد الاتفاقات في لبنان وفي غزة وفي الضفة الغربية وفي سوريا أيضًا.
يقول مسؤولون في إدارة بايدن لـ"إرم نيوز" إن هناك تنسيقًا دائمًا بين الإدارتين في السياسات الخاصة بالشرق الأوسط على اعتبار أن الإدارة الانتقالية سيكون لديها مزيد من الوقت لإجراء المزيد من التقييمات للخيارات الأمريكية الأفضل للتعامل مع الوضع هناك خاصة في ظل التطور الذي دخل على المشهد بعد سقوط النظام السابق في سوريا.
ترامب كان واضحًا حتى في فترة الحملة الانتخابية أنه معني أكثر بإنهاء الحروب في المنطقة ولو اقتضى الأمر وقتها الدخول بمواجهة مفتوحة مع إيران وهي مسالة هدف من خلالها إلى إظهار أنه ملتزم انتخابيًا أمام الأمريكيين بإنهاء الحرب القائمة في الشرق الأوسط ولذلك فإنه يدعم الجهود المتسارعة لإدارة بايدن، لتحقيق منجز في القطاع في الفترة المتبقية لها في الرئاسة.
لأجل تحقيق هذه الأهداف، أقدم الرئيس المنتخب على مجموعة خطوات غير مسبوقة في تاريخ الإدارات الأمريكية الانتقالية ومنها إرسال مبعوثيه إلى الشرق الأوسط وإلى دول الجوار الإقليمي وكذلك لقائهم بمسؤولي الحلفاء الإقليميين وإرسال أعضاء من فريقه الأمني للقاء القادة الجدد في دمشق.
يريد ترامب أن يقول من خلال هذه الخطوات إن الوضع في المنطقة يشكل واحدة من أولويات ولايته الجديدة لكن الصورة التي يريد من خلالها تحقيق إنجازاته هناك لا تقبل بإمكانية استمرار الحرب في لبنان والقطاع.
في مقابل ذلك ينشغل الرئيس بايدن في أيامه الأخيرة بتكريس صورة الرئيس الناجح الذي ظل يعمل لأجل الوفاء بالتزاماته حتى الساعات الأخيرة من عمر إدارته.
يقول مقربون من بايدن إنه يريد لنجاح كبير في الشرق الأوسط أن يكون الصورة الختامية لولايته الرئاسية الوحيدة في البيت الأبيض، وفي حال تحقق له ذلك، فإن الرئيس الذي لطالما عرف عنه التعاطف مع العائلات الأمريكية في محنة يرغب في أن تكون صورة إعادة الرهائن الأمريكيين إلى عائلاتهم هي الصورة التي يختم بها سنواته الأربع في البيت الأبيض. ولكن كذلك هي خاتمة مشواره السياسي الذي امتد في العاصمة واشنطن لأكثر من نصف قرن.