ويتكوف: الاتفاق مع إيران يتوقف على التحقق من تخصيب اليورانيوم والأسلحة
المدن الذكية والمستدامة أكثر كفاءة وحيوية، ويساهم في جعلها أمرا واقعا، إنترنت الأشياء الذي يربط جميع الأجهزة الإلكترونية والتقنيات رقميا، من المركبات والجسور والثلاجات وأنابيب المياه وممرات المشاة وحاويات النفايات.
ضرورة التحول
وبإمكان حساسات تلك الأجهزة تزويد المدن ببيانات وافية عن كيفية استخدامها، فمثلا؛ تفيد البيانات الدقيقة عن حركة المرور في الحد من الاختناقات المرورية في المدن الذكية.
وبوسع مواقف السيارات المتصلة عبر إنترنت الأشياء خصم أجور الوقوف لدى خروج السيارة.
وتعمل بعض المدن على أتمتة حاويات ومكبات وشاحنات جمع النفايات، بالإضافة لمشاريع تطوير سيارات الأجرة ذاتية القيادة، وآفاق أخرى كثيرة لا حدود لها.
وتطور أكثر من 500 مدينة حول العالم، برامج مدن ذكية، إذ تحتوي المدن بشكلها الحالي على موارد هائلة لمواطنيها، إلا أن الكثافة السكانية تسبب عجزا في البُنى التحتية، ما يجعلها خطيرة وقذرة بكفاءة منخفضة، ويزيد الحاجة إلى إيجاد حلول رقمية تمنحنا أدوات لإحداث تغيير إيجابي.
واعتمدت بعض الدول؛ مثل كندا وكوريا الجنوبية قاعدة بلوكتشين لجمع البيانات وحفظها بصورة أفضل وأكثر أمانا.
وتشمل الابتكارات الحديثة أيضا، إمكانية التصويت بطريقة سريعة وغير قابلة للاختراق، من هاتفك الذكي، وحساب مجموع فواتير الخدمات آنيا، بدلا من حسابها مرة واحدة في الشهر فقط، بالإضافة لأجهزة استشعار التلوث للمساعد على خفض مستويات انبعاث الكربون.
وتسهم المدن الذكية أيضا، في رفع معايير معيشة السكان، وتشكل وثبة تطور هائلة للمناخ والمجتمع العالمي.
مدينة "إكس زيرو" الكويتية
وبرزت في الأعوام الأخيرة محاولات عربية طموحة لبناء مدن ذكية ومستدامة، بعد تنامي الوعي الشعبي بضرورة التصدي للتغير المناخي واتخاذ الحكومات لخطوات رسمية رامية إلى مجاراة هذا الوعي الجمعي.
وفي هذا الإطار، أعلنت السلطات الكويتية حديثا، عن خططها لبناء المدينة الأكثر قابلية للتنقل بواسطة المشي في العالم، وتأخذ المدينة شكل زهرة، ويسمح تصميمها بتقليل الحاجة قدر الإمكان لاستخدام السيارة، وتأمين مساحة كبيرة مناسبة للتنقل الراجل.
ويمكن أن تستقبل مدينة "إكس زيرو" 100 ألف ساكن ضمن مجتمع مستدام، يوفر 30 ألف وظيفة خضراء، ومقسمة إلى مناطق مختلفة للفعاليات الطبية والتعليمية والرفاهية وغيرها.
ويمتاز أسلوب الحياة في المدينة بخلوه من الانبعاثات الكربونية، من خلال تحقيق حياة تتماهى مع الطبيعة.
وصممت شركة "يو آر بي" (مقرها الإمارات) مدينة "إكس زيرو" الكويتية لتوفر الأمن الغذائي وأمان الطاقة ضمن اقتصاد أخضر صديق للبيئة.
وقال مدير الشركة التنفيذي بهاراش باغيريان، إن "ابتكار المدن المستدامة الذي يدمج معايير الحياة المرتفعة، مع أقل تأثير سيء على البيئة، لم يعد خيارا بل ضرورة".
وأضاف: "تقدم مدينة (إكس زيرو) حلولا مستدامة متكاملة بين الأعمدة الثلاثة للاستدامة؛ المجتمع والاقتصاد والبيئة"؛ وفقا لموقع ديلي ميل.
وتابع: "تمتاز بيئة المدينة بأنها مصممة لرفع مستوى الصحة وجودة الحياة والتنوع البيئي، وتصل بين مختلف مرافق الحياة في المدينة".
وتسمح بنية المدينة بالاعتماد على الزراعة العمودية وزراعة الحدائق المنزلية، وتشكل نسبة 65% من المدينة مساحات مفتوحة للحدائق والملاعب.
وتقدم المدينة بدائل خضراء للنقل؛ مثل الدراجات والمركبات الصغيرة الكهربائية، فضلا عن المشي والركض في مسارات مخصصة بطول 35 كيلومترا.
ومن المخطط أن تعمل المنازل بطاقة نظيفة متجددة بنسبة 100%، مع إعادة تدوير المياه في شبكات ذكية، وتجميع مياه المطر، وتحتوي المدينة على منشآت سياحية مستدامة من فنادق فارهة ومنتجعات سياحية خضراء.
تجارب إماراتية
ونذكر أيضا، تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، التي شرعت بالفعل بالتخطيط للتحول إلى مدنٍ ذكية وخضراء تُحقق التنمية المستدامة لأجيال المستقبل، بإرهاصاتٍ بدأت تظهر في أبوظبي ودبي.
وأنشأت سلطات أبو ظبي مدينة "مصدر" الذكية لتكون بمثابة نواة أولى تهدف لاستيعاب التوسع الحضري السريع، والحد من التلوث بالاعتماد على الطاقة النظيفة وإعادة تدوير المخلفات بالطرق التقنية الحديثة.
وبالإضافة لمدينة مصدر المستدامة، تُعد المدينة المستدامة في دبي، أول مشروع سكني ينتج الطاقة النظيفة في العالم العربي والمنطقة وهي تجسيد عملي للاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
وبدأت إمارة دبي بإنشائها عام 2014، وأنجزت عام 2017 المرحلة الأولى منها لتضم 500 فيلا سكنية و89 شقة مع حزام أخضر حولها للحفاظ على جودة الهواء.
بالإضافة لإنشاء مزرعة مكونة من 11 قبة لمعالجة المناخ وإنتاج النباتات وتوزيعها على السكان وتسويقها تجاريا.
وتنتج المدينة المستدامة بدبي طاقتها بالكامل من مصادر متجددة، باستثمار الطاقة الشمسية وتحويلها إلى كهرباء والاستفادة من منظومة وفرتها هيئة كهرباء ومياه دبي لتوليد الكهرباء على سطوح الوحدات السكنية والتجارية.
فضلا عن تنفيذ مجموعة من برامج إعادة التدوير والحد من النفايات، وإطلاقها مجموعة من المبادرات البيئية المتنوعة إلى جانب انضمامها لعضوية منظمات بيئية عالمية وتوفيرها فرصا تعليمية وتدريبية بهدف رفع الوعي وتحويل مفهوم الاستدامة إلى واقع ملموس في المجتمع.
وتعمل الإمارات أيضا على مشاريع مستدامة أخرى؛ مثل مدينة وردة الصحراء، ومنطقة دبي الجنوب، وواحة دبي للسليكون.
مدينة ذكية في مصر
ووضعت السلطات المصرية خطة لتحويل منطقة برج العرب التابعة لمحافظة الإسكندرية إلى مدينة ذكية تعتمد التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي والأتمتة.
ويصب المشروع في إطار التوجه الرسمي الرامي إلى تمكين الشركات الناشئة والصغيرة من تحويل منطقة برج العرب التقنية إلى نموذج للمدن والمجتمعات الذكية.
والمشروع ثمرةً لتعاون مع شركة واحات السيليكون ومجمع برج العرب للإبداع، ويهدف لتوطين التقنيات العالمية وتأهيل الشركات الناشئة والصغيرة لتنفيذ المشروعات المماثلة بالاعتماد على الخبرات والموارد البشرية المصرية.
وسبق أن ناقشت وزارة البيئة المصرية إمكانية بناء مدينة طبية خضراء في مدينة السادس من أكتوبر بالتعاون مع المنظمة العربية الأوروبية.
منطقة نيوم المستقبلية
وأطلقت السعودية في المنطقة الواقعة على ساحل البحر الأحمر وخليج العقبة، مشروع "نيوم" الأضخم من نوعه عالميا لبناء مدن ذكية تعتمد الطاقة النظيفة وتوفر استثمارات لربط القارات.
ويمتد المشروع على مساحة تبلغ 26.5 ألف كيلومتر مربع، مدعوما بأكثر من تريليون دولار.
وتركز منطقة "نيوم" على تسعة قطاعات استثمارية متخصصة؛ هي مستقبل الطاقة والمياه، والتنقل، والتقنيات الحيوية، والغذاء، والعلوم التقنية والرقمية، والتصنيع المتطور، والإعلام والإنتاج الإعلامي، والترفيه، والمعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات.
وتحمل المنطقة أهمية استراتيجية من ناحية الموقع، إذ تطل من الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة، ويحيط بها من الشرق جبال بارتفاع 2500 متر، ويمتاز مناخها باعتدال درجات الحرارة، ومساحاتها شاسعة تسمح باستثمار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، في اعتماد كامل على الطاقة البديلة.
وتشمل التقنيات المستقبلية لتطوير منطقة "نيوم" مزايا ذكية؛ مثل القيادة الذاتية للسيارات والطائرات، واعتماد أساليب حديثة للزراعة وإنتاج الغذاء، وتقديم رعاية صحية متقدمة، ونشر شبكات مجانية للإنترنت فائق السرعة (الهواء الرقمي) وتقديم التعليم المجاني عن بعد من خلال الشبكة العالمية.
وتقدم المدينة الخدمات الحكومية رقميا بنسبة 100% دون معاملات ورقية. ويطمح المشروع ليكون نواة لمنطقة نظيفة كليا خالية من الكربون، بدعم الطاقة النظيفة، وتشجيع المشي في شوارعها واستخدام الدراجات الهوائية، في توجه جديد لحواضر المملكة.
وضمن التوجه الرسمي ورؤية المملكة 2030، أطلقت السلطات أيضا مشروع الرياض الخضراء.
مبادرات فردية
ولا يقتصر الأمر على الجهود الرسمية، وقدم الشباب العربي مبادرات بجهود فردية ترمي إلى تحسين ظروف الحياة في مجتمعاتهم؛ وسبق أن أطلق الباحث اللبناني مروان أبو ديب مشروعا طموحا لدمج التصميم العمراني بالفن والتخطيط الحضري لتحويل المدن إلى أعمال فنية تحقق الاستدامة.
وتركز تصاميم شركة "تيكوما" التي يديرها أبو ديب على الصورة البصرية للمدن من خلال تصاميم عمرانية فنية لتكون بيئة مستدامة خدميا بدلا من صناديق أسمنتيةٍ تخلو من الحياة.
ونذكر أيضا ابتكار الباحث الكويتي الدكتور مشاري سعد المطيري، لطريقة بسيطة للحد من الازدحام المروري في المناطق الحيوية داخل المدن الكبيرة والاستغناء عن إشارات المرور.
وتقوم فكرة المشروع على الأساسية على إزالة الإشارات والخطوط الدائرية وتعديل شبكة خطوط الطريق والأسهم المرسومة، في العقد الحيوية في المدن، لتنظيم حركة السير وضمان انسيابه والحد من الحوادث المرورية وعواقبها الوخيمة.
ويبدو أن بعض دول المنطقة العربية بدأت بالفعل بتبني المشاريع الذكية والخضراء، في محاولة للحاق بالركب العالمي والتوجه الجديد المستند إلى التقدم التقني والعلمي بعد أن أثبتت تجارب لدول متقدمة جدوى تبني السياسات الصديقة للبيئة.