الداخلية التركية: مقتل اثنين من مهاجمي شركة الصناعات الجوية والفضائية في أنقرة

logo
صراع الكوريتين
فيديو

بعد عقود من التوتر.. هل تقترب الحرب الكورية من "نقطة الانفجار"؟

23 أكتوبر 2024، 8:53 ص

تناقضات عميقة وتاريخ من الصراع لايزال حيًّا منذ أكثر من سبعة عقود هنا في شبه الجزيرة الكورية، بين دولتين تشتركان في التاريخ والجذور وتختلفان في كل شيء.. إنها حكاية صراع لا ينتهي وحرب باردة لم تهدأ..

"في العمق" نتكلم عن الخلاف العتيق بين الكوريتين الشمالية والجنوبية والذي قد ينفجر في أيّ لحظة. 

 

70 عامًا من الانقسام والمواجهة

تبادلٌ لإطلاق النار وتفجير مكاتب اتصال مشتركة واستفزازات بإطلاق بالونات منها دعائية وأخرى مليئة بالقمامة، إضافة لتفجير الطرق التي تربط بين البلدين..

كلها إشارات واضحة على أن الأزمة بين الكوريتين ربما لن تنتهي أبدًا.. ولعل المفارقة تكمن في أن أمريكا والاتحاد السوفيتي سابقًا هما من أشعلتا فتيل الصراع.

ما بعد الحرب العالمية الثانية، قامت قوات الحلفاء بتفكيك الإمبراطورية اليابانية، وأصبحت شبه الجزيرة الكورية ورقة تفاوضٍ بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. 

لم يكن الحليفان السابقان يثقان ببعضهما، ولذلك عام 1948 وبغرض التحقق من تأثير بعضهما البعض أسستا دولتين كوريتين يفصلهما حدود سميت بخط العرض 38..

قاد كيم إل سونغ كوريا الشمالية لتكون دولةً شيوعيةً ويدعمها الاتحاد السوفيتي، أما في الجنوب فقد قامت كوريا الجنوبية كدولةٍ رأسماليةٍ بقيادة سينغمان ري وتدعمها الولايات المتحدة. 

كان الأمل أن تعادل الدولتان ميزان القوى في شرق آسيا، لكن سرعان ما اتضح أن أيًّا من الدولتين لم تر شقيقتها شرعيةً..

بعد سلسلةٍ من المناوشات الحدودية احتلت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية في يونيو عام 1950 وأشعل ذلك الاحتلال حربًا بالوكالة بين القوتين النوويتين وكانت أولى حرائق الحرب الباردة.

ضغطت الولايات المتحدة على مجلس الأمن للتصريح باستخدام القوة في مساعدة كوريا الجنوبية، وخصص الرئيس الأمريكي هاري ترومان قواتٍ للمهمة دون طلب موافقة الكونغرس الذي يملك وحده سلطة إعلان الحرب.. وفق الأرشفة التاريخية لمجلة National Geographic الأمريكية.

أخبار ذات علاقة

"بداية الحريق".. اتهامات روسية لأمريكا بتأجيج شبه الجزيرة الكورية

 

افترضت الولايات المتحدة أن الحرب ستُحسم سريعًا، لكن سرعان ما ثبت العكس.. في الأيام الأولى من الصراع تقدمت قوات الأمم المتحدة في أراضي كوريا الشمالية وباتجاه الصين الاشتراكية، التي استجابت بنشر أكثر من ثلاثة ملايين جندي داخل كوريا الشمالية وفي الوقت نفسه كان الاتحاد السوفيتي يزود بالعتاد والتدريب القوات الصينية والكورية الشمالية، ويُرسل طيارين لشن هجماتٍ على قوات الأمم المتحدة.

هدنة غير كافية.. وحرب لم تنتهِ 

بعد ثلاث سنوات من القتال، وقّعت الأطراف المتنازعة هدنة في السابع والعشرين من يوليو 1953 لكن كوريا الجنوبية رفضت التوقيع على اتفاقية سلام.. لذلك ورغم توقف القتال لم تنتهِ الحرب فعليًّا وحتى اليوم لا يزال أثر هذه الحرب حاضرًا بآلاف الجنود المفقودين، وملايين الأرواح التي أُزهقت.

لا تزال الكوريتان منقسمتين، لكن آمال الوحدة ظهرت عام 2000، حين أصدرت الدولتان إعلانًا مشتركًا ينص على أنهما سيُطلقان "جهودًا منسقةً" لإعادة الاتحاد، ومجددًا عام 2018 بعد قمةٍ تَصافح فيها زعيما البلدين وتعانَقا.

لكن تلك الآمال سرعان ما خبَت وعادت الأعمال الاستفزازية إلى الحدود.

هكذا تدير كوريا الشمالية سياستها

اعتمدت كوريا الشمالية دبلوماسية التلويح بامتلاك القوة منذ سنوات / حين اتخذت مبدأ التهديد بالاختبارات الصاروخية والنووية ضد جيرانها وضد الولايات المتحدة.. إذا ما فشلت الاختبارات ستبدو ضعيفة، أما إذا نجحت فستبدو خطيرة "يقول مراقبون".

ثَبُتَ نجاح دبلوماسيتها رغم اقتصادها المنهك الذي عمدت إلى إظهاره للعالَم إعلاميًّا، كونها دولة مغلقة وبوليسية فلا يمكن اختراقها بسهولة، حيث مدّت القوى العظمى كوريا الشمالية بالغذاء والمساعدات لغرض إقناعها بعدم تطوير الأسلحة.

فتوافق كوريا الشمالية في بعض الأحيان على التوقف، ولكن سرعان ما تستأنف أنشطتها النووية لغرض تعزيز موقفها سياسيًّا. 

نجحت دبلوماسيتها في رفع مكانتها الإقليمية والدولية إلى حد جلوسها مع القوى العظمى على طاولة المفاوضات في محاولة لإقناعها بعدم بناء أو تطوير أسلحة.. لكن عندما يشتد الخناق عليها تعاود اختباراتها العسكرية وتدّعي أن اختباراتها موجهة إلى الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، حيث يمثل الاختبار بحد ذاته تهديدًا.

أخبار ذات علاقة

أشاد بدورها في "الردع".. كيم يتفقد صواريخ عابرة للقارات

 

لماذا يستكين المجتمع الدولي أمام خطورة كوريا الشمالية؟

في أكتوبر 2022 انتقدت افتتاحية الغارديان ما وصفته بمحدودية قدرة المجتمع الدولي على التصرف مقارنة بتزايد القدرات النووية لكوريا الشمالية أو عدم اهتمامه بمعالجة ذلك.

مشيرة إلى أن هذا النمط يبدو واضحًا من الوهلة الأولى، حيث تلا وابل الصواريخ حينها الذي أطلقتها بيونغ يانغ الخطاب الجديد المخيف، إذ قالت وسائل الإعلام الرسمية في بيونغ يانغ إن الموجة الأخيرة من التجارب تحاكي ضربات على أهداف كورية جنوبية وأمريكية بأسلحة نووية تكتيكية.

ولفتت الصحيفة إلى أن احتمال كسب الولايات المتحدة ثقة كوريا الشمالية يبدو معدومًا بعد الصعود والهبوط في تعاملاتها مع الرئيس السابق دونالد ترامب.

ورغم المخاطر الكبيرة، يبدو أن المجتمع الدولي لا يرغب في إنهاء هذا الصراع بالكامل فقد يرى البعض أن الحفاظ على توازن القوى بين الكوريتين يخدم مصالح جيوسياسية..

وبالنسبة للصين وروسيا وجود كوريا الشمالية يشكل جدارًا ضد النفوذ الغربي، بينما تعتبر الولايات المتحدة التحالف مع كوريا الجنوبية جزءًا من إستراتيجيتها لاحتواء النفوذ الصيني في المنطقة، وهكذا يبقى السلام بين الكوريتين بعيد المنال وسط هذه المصالح المتضاربة.

وتتصاعد التساؤلات حول ما إذا كانت الحرب الفتاكة بين الكوريتين تقترب أكثر من أي وقت مضى. 

في حال وقوعها كيف سيكون شكل الحرب؟

في يناير 2024، أغلق الزعيم كيم قنوات الاتصال التي تعمل على إعادة توحيد الكوريتين، ثم مضى ليُعلن أن له الحق في "إبادة كوريا الجنوبية" وعدّل دستور البلاد وفقًا لذلك .

وصحيحٌ أن كوريا الشمالية قد لا يكون لديها فرصةٌ للانتصار في الحرب ضد الجنوب في ظل الدعم الأمريكي لسول، لكن تداعيات الحرب قد تشهد وفق خبراء إطلاق ملايين قذائف المدفعية وآلاف الصواريخ على العاصمة الكورية الجنوبية، وهي موطن الشطر الأكبر من الاقتصاد الكوري الجنوبي الضخم، ولهذا ستكون تداعيات صراعٍ كهذا عالمية النطاق.

ومن سوء حظ سول أنها تقع على بُعد 40 كم فقط من المنطقة منزوعة السلاح، وقد وضعت كوريا الشمالية بطول ذلك الخط نحو 12 ألف قطعة مدفعية مزودة بملايين القذائف، ناهيك عن آلاف الصواريخ والقنابل.

وبحسب تحليل أجرته مؤسسة راند عام 2020 سيؤدي استمرار وابل المدفعية والصواريخ لمدة دقيقة واحدة إلى سقوط 15 ألف ضحية في سول، وإذا استمر القصف لأكثر من ساعة فسيقفز الرقم إلى 100 ألف ضحية.

فما قدرات البلدين العسكرية؟

من ناحية القوة البشرية: كوريا الشمالية لديها جيش يضم 1.8 مليون جندي، و4.5 مليون احتياطي، وقوة بشرية متاحة تصل إلى 13 مليون شخص. أما كوريا الجنوبية فإن جيشها يضم 580 ألف جندي، و1.3 مليون احتياطي، وقوة بشرية متاحة تبلغ 25.7 مليون شخص.

وبالنسبة للأسلحة التقليدية: كوريا الشمالية لديها 951 طائرة حربية، 6045 دبابة، و10 آلاف عربة مدرعة، و994 قطعة بحرية. أما كوريا الجنوبية فتمتلك  1649 طائرة حربية، 2614 دبابة، و14 ألف عربة مدرعة، و12 مدمرة، وحاملتي طائرات.

واللافت في الميزانية العسكرية السنوي: كوريا الشمالية  3.5 مليار دولار، بينما كوريا الجنوبية:44.7 مليار دولار.

وبالنسبة للترسانة النووية: كوريا الشمالية: لديها ما بين 10 و16 سلاحًا نوويًّا، وأكثر من ألف صاروخ بالستي، ومخزون كبير من الأسلحة الكيميائية. أما كوريا الجنوبية فلا تمتلك سلاحًا نوويًّا

ويقول خبراء الحرب إن الفَرق الأساس هو أن كوريا الشمالية تعتمد على جيش ضخم وترسانة صواريخ نووية، بينما كوريا الجنوبية تملك ميزانية عسكرية ضخمة وتكنولوجيا عسكرية متقدمة بما في ذلك حاملات طائرات ومدمرات.

وفي المحصلة لا يزال النزاع التاريخي بين الكوريتين جزءًا من توازن القوى في منطقة شرق آسيا، وبينما يسعى العالم إلى تجنب حرب شاملة، يبقى الخطر قائمًا، ويظل مصير الشعبين رهينة لإستراتيجيات سياسية وعسكرية قد تؤدي إما إلى سلام بعيد المنال، وإما إلى كارثة لا يمكن التكهن بنتائجها.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC