عاجل

واللا: على قادة الجيش التكيف في حال تعيين ساعر وزيرا للدفاع وإلا ستحدث استقالات بين كبار القادة

logo
بيت نزار قباني
فيديو

شاعر الحب والتمرد.. "إرم نيوز" في بيت نزار قباني بدمشق

16 يوليو 2024، 8:29 ص

الطريق إلى حيّ مئذنة الشحم في دمشق القديمة، مليء بالرهبة، وكلما اقتربنا من بيت نزار قباني أكثر، تفاقم التوجّس، وتساءلت خيالاتنا: كيف سنقابل "قارورة العطر" التي احتضنت طفولة نزار وقصائده الأولى؟

على باب البيت استقبلتنا لوحة تقول: "هنا سكن نزار قباني، أبرز شعراء العربية"، وضعها سكانه الأوفياء، الذين رحبوا بزيارتنا قائلين: "إن بيت نزار معتاد على استقبال الضيوف".

ومثل سائر البيوت الدمشقية، كان البهو الموصل لأرض الديار، مزروعًا بالزخارف والزجاج المعشّق، كأنه يقدم جماليات المكان على دفعات للزائر، حتى لا يصاب بالهول.

اقتفاء أثر نزار قباني في المكان لم يكن سهلًا، هذه هي الياسمينة التي تغنّى بها نزار، قالت الحاجة أم محمد نظام، وتلك هي البحرة وشجرة النارنج، والدرج الطويل الموصل إلى غرفته عندما كان طفلًا.

الأرجوحة ما زالت في مكانها، وهذه طيور اليمام التي يسميها الشاميون "الستيتية"، تتقاسم الطعام مع عصافير الدوري.

لم نُفاجأ، عندما استقبلتنا صورة كبيرة لنزار قباني في صدر "الليوان"، حيث تطل من الأعلى شبابيك غرفته المسدلة بستائر فاتحة، المكان هنا أشبه بقصيدة، ولا غرابة أن يشحذ موهبة نزار ويدفعها للإبداع.

مفردتان حضرتا بقوة في شعر نزار قباني، هما الأم والبيت، والآن بتنا نعرف لماذا، فالبيت الدمشقي، يتماهى مع الأم، حتى يصعب التفريق بينهما.

سألنا الحاجة أم محمد، عن خصوصية المنزل، وهل أثر في أحد الأبناء، فجعله شاعرًا أو فنانًا؟ فابتسمت وأكدت صحة الأمر. تحدثت الحاجة، عن سكينة غريبة، تدفعهم للتأمل: "تلك ميزة البيوت الدمشقية، فكيف الحال إذا كنا في بيت "نزار قباني".

شعور غريب بالاستمرارية انتابنا، ونحن نراقب الطفلة "تولين"، وهي تلعب بأرجوحة الدار، تحت الياسمينة التي تغزل بها نزار مرارًا. وعبر الهاتف أخبرنا محمد ابن الحاج رياض، عن أثر المكان في إيقاد موهبته الشعرية قائلاً: "الأمكنة لديها ذاكرة لا تموت، وهي مع الوقت تتحول لطاقة إيجابية تنتقل للأجيال،  نشرب من الماء نفسه، ونشم الهواء نفسه، وبالتأكيد، لهذا أثره الكبير".

ولد نزار قباني في هذا البيت العام 1923، وفي العام 1968، اشترى عباس نظام المنزل، وحرصت العائلة على تسميته ببيت نزار، هكذا يعرفه أبناء حي مئذنة الشحم، كما تشير إلى ذلك اللوحة الموضوعة على باب "الزقاق".

روعة المكان، ظهرت كثيرًا في أشعار نزار قباني، وهو القائل: للياسمـين حقـوقٌ في منازلنـا، وقطة البيت تغفو حيث ترتـاحُ، هنا جذوري، هنا قلبي، هنا لغـتي، فكيف أوضح؟ هل في العشق إيضاحُ؟

أثَّر البيت الدمشقي، والشام، كثيرًا في شعر نزار قباني، وفي كل مرة كان يُسأل فيها عن بيته، كان يجيب: "هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة".

حمل نزار قباني الكثير من خصال جده رائد المسرح العربي أبي خليل القباني، عرف بـ "شاعر المرأة"، ولكنه كتب الكثير من الشعر الوطني، وخلّد قصائده الكثير من الفنانين العرب بأغنيات عشقها الجمهور العربي.

تأخر الوقت بـ"إرم نيوز"، ولم تشبع العينُ بعد من بيت نزار قباني، فاستأذنا الحاجة أم محمد، وودّعنا شجرة الياسمين، والليوان، ونوافذ غرفة نزار المطلة من الأعلى على أرض الديار، خرجنا وكانت القصائد ترافقنا طول الطريق.

مات نزار قباني في العام 1998، ودفن في مقبرة الباب الصغير، القريبة من بيته، وقبل رحيله بوقت قصير، سُمّي شارعٌ في دمشق باسمه، وكتب حينها نزار: "دمشق أهدتني شارعًا".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC