logo
في العمق
فيديو

ضربات ترامب للحوثيين.. بين حماية الملاحة الدولية وكبح النفوذ الإيراني

24 مارس 2025، 6:47 م

في أكبر عملية عسكرية في الشرق الأوسط منذ عودته إلى البيت الأبيض، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعلن الحرب على الحوثيين في اليمن.

بحراً وجواً.. نفذت القوات الأمريكية سلسلة من الضربات الدقيقة على مواقع حيوية، بينما توعد ترامب الجماعة بـ"فتح نار الجحيم".. فما دلالات التصعيد في هذا التوقيت؟ وماذا يريد ترامب تحديداً من هذه الحرب؟

تصعيد مفاجئ في سياسة ترامب

الضربات العسكرية التي بدأتها الولايات المتحدة ضد الحوثيين في اليمن، التي قد تمتد لأسابيع وفقاً لتصريح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لشبكة سي بي إس نيوز، تكشف عن تحول مفاجئ في سياسة دونالد ترامب تجاه هذه الجماعة التي تتهمها واشنطن بتهديد حرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

أخبار ذات علاقة

"جحيم ترامب قادم".. الضربات الأمريكية للحوثيين قد تستمر أياما أو أسابيع

 يرى محللون أن هذه العمليات العسكرية تمثل استكمالاً، لا تناقضاً، مع السياسة التي اتبعتها الإدارة السابقة، والتي كان الرئيس ترامب قد انتقدها مراراً بسبب تورطها في حروب لا تخص الولايات المتحدة..

في 15 مارس 2025 فاجأ الرئيس ترامب العالم بإعلانه بدء عملية عسكرية حاسمة ضد الحوثيين محمّلاً إياهم مسؤولية "القرصنة والعنف والإرهاب" ضد السفن والطائرات.. وفي تصريح حازم أكد ترامب أن "أي قوة إرهابية لن تتمكن من منع السفن الأمريكية من الإبحار بحرية في الممرات المائية"، مهدداً بإنهاء أي تهديد ضد المصالح الأمريكية حتى لو تطلب الأمر "جحيماً لم يروا مثله من قبل".

ورغم أن الهجوم جاء بشكل مفاجئ دون تهديدات أمريكية مسبقة، فإن توقيته يرتبط ارتباطاً وثيقاً برؤية واشنطن الجديدة للشرق الأوسط خاصة فيما يتعلق بإيران، فهذه الضربات التي تبدو للوهلة الأولى مجرد استجابة لمخاطر تهدد الأمن البحري قد تكون بداية لتحول استراتيجي أوسع وفقاً لمحللين غربيين، وتعكس تغيرات عميقة في سياسة الإدارة الأمريكية على الساحتين الإقليمية والدولية.

"إرهابيون" مرة أخرى


في اليوم التالي لتنصيبه في يناير 2025 أصدر ترامب أمراً تنفيذياً بإعادة تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية أجنبية"، ليعيد العمل بتصنيف كانت إدارته قد فرضته قبيل انتهاء ولايته الأولى.. وكان الرئيس السابق، جو بايدن، قد ألغى هذا التصنيف في 2021.

أخبار ذات علاقة

مصادر يمنية لـ"إرم نيوز": غارات ترامب ضد الحوثيين "أحدثت فارقا"

 لكن في 4 مارس 2025 أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تصنيف الحوثيين مجدداً "منظمة إرهابية"، مبررة ذلك بأن أنشطتهم تهدد أمن المدنيين الأمريكيين في الشرق الأوسط فضلاً عن تعريض استقرار التجارة البحرية للخطر.. وهذا الإعلان جاء تمهيداً لشرعنة الهجمات العسكرية.

وفي 8 مارس 2025 هدد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي باستئناف الهجمات البحرية ضد إسرائيل إذا استمرت في منع المساعدات الإنسانية لغزة.. وكان الحوثيون قد توقفوا عن الهجمات في يناير 2025 بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل.. هذا التهديد الحوثي الذي يُعتقد أنه بتوجيه إيراني  منح الولايات المتحدة المبرر لشن ضرباتها ضدهم؛ مما يفاقم الوضع الإقليمي ويزيد تعقيد المشهد.

حدود النار.. ما هي أهداف الضربات الأمريكية؟


امتدت الغارات على 6 محافظات يمنية يسيطر عليها الحوثيون، وهي: صنعاء، صعدة، حجة، ذمار، البيضاء، ومأرب.. استخدمت فيها صواريخ توماهوك كروز، وقنابل MK84 الخارقة للتحصينات الجبلية ومقاتلات "إف 35سي" وحاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان".

 وشمل بنك الأهداف للغارات الأمريكية المكثفة مقار سياسية وعسكرية إضافة إلى منشآت مدنية مثل محطة كهرباء وشركة النفط اليمنية، كما استهدفت غارات أخرى مواقع عسكرية تحوي منصات صواريخ وورش تصنيع أسلحة، ومخازن ذخيرة.

أخبار ذات علاقة

بسبب الحوثيين.. 75% من حركة الشحن الأمريكية تتجنب البحر الأحمر

  ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مصادر أمريكية قولها إن هناك ثلاثة أهداف للضربات الأمريكية الأخيرة على الحوثيين في اليمن، أبرزها منصات إطلاق صواريخ حوثية كانت تُنقل نحو الساحل استعداداً لهجمات جديدة على السفن، وقيادات الحوثيين، ورسالة إلى إيران مفادها أنها قد تكون التالية.

لكن محللين يرون أن الهدف الأول للعمليات الأخيرة قد يتعدى الشأن الحوثي الداخلي إلى الارتباطات والتعقيدات الإقليمية في المنطقة، ويصب كل ذلك في مجال السعي الأمريكي-الإسرائيلي من أجل تحجيم إيران والقضاء على أذرعها في المنطقة قبل أي تفاوض مستقبلي.

طهران ترفض التهديد وترد بحزم


كان لافتا خلال الهجمات الأمريكية الأخيرة على الحوثيين تهديد ترامب المباشر لإيران لوقف دعمها للحوثيين، وكتب على منصة تروث سوشيال: "إن القيادة الإيرانية ستُعتبر من الآن فصاعداً مسؤولة عن كل طلقة أطلقها الحوثيون الذين طالما دعمتهم طهران ولو فعلتم فعليكم الحذر لأن أمريكا ستحاسبكم".

استدعى هذا الموقف ردود فعل في طهران ما يؤشّر إلى اندلاع سجال بين البلدين؛ فقد رد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على ما قاله ترامب مؤكداً أنه " لا يحق لواشنطن إملاء سياسة الجمهورية الإسلامية الخارجية، في حين توعد قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي بأن إيران ستردّ على أي هجوم يستهدفها.

ويعد مراقبون أن المستهدف بالدرجة الأولى من الهجمات الأمريكية الأخيرة على الحوثيين إيران التي تتعرض حاليا لضغوط متصاعدة من قبل واشنطن، التي تسعى إلى جلبها لطاولة المفاوضات بخصوص برنامجها النووي.

أخبار ذات علاقة

"فرص وتهديدات".. ماذا بعد مرحلة "اختبار النوايا" بين ترامب وإيران؟

 

رد الحوثيين.. تصعيد مقابل تصعيد


لا أحد يعرف حتى الآن إلى أين ستمضي المواجهة بين أمريكا والحوثيين، بعد أن أخذ ترامب على عاتقه شخصياً محاربة الجماعة.. وقد أجمعت كل الردود الصادرة عن قادة الحوثيين في اليمن على أن الحركة ستصعّد في مواجهة التصعيد الأمريكي معلنةً استهداف السفن الأمريكية.

وتأتي هذه التهديدات في وقت حساس للغاية، فقد نقلت إيران عبر وسطاء رسائل تفيد بأنها لا ترغب في التصعيد الآن بل تفضل الدخول في المفاوضات.. لكن في المقابل يبدو أن إدارة ترامب عازمة على إخراج "الأذرع الإيرانية"، بما في ذلك الذراع الحوثية، من أي مفاوضات مقبلة.

وفي قلب هذه التحولات تكمن استراتيجية "السلام من خلال القوة"، وقد تكون هي الرسالة التي يريد ترامب توجيهها، لكن ما إذا كانت هذه الرسالة ستثمر أم ستؤدي إلى مزيد من التصعيد، يبقى سؤالاً مفتوحاً، إذ تزداد المخاطر في ظل تعقيدات الصراع.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC