إسرائيل تأمر بوقف التدريس الثلاثاء في المناطق المتاخمة لقطاع غزة
مرت ساعات على أكبر عملية عسكرية تشهدها الحرب السورية منذ سنوات، اعتقد فيها السوريون بأن الحرب فوق الأرض انتهت، ولم يبقَ سوى تسويات السياسة، لكن معركة حلب، وبخلاف أنها أعادت للأذهان مشاهد حروب الشوارع التي شردت ملايين السوريين، إلا أن أحدًا لم يفهم حقًا كيف حدث هذا، وكيف لفصائل مسلحة خمدت لسنوات في إدلب الحدودية مع حلب، أن تسيطر على ثاني أكبر محافظات سورية، وأكثرها أهمية وفق رأي الأغلبية، وفي غضون ساعات فقط.
بدأت المعارك في القرى الحدودية بين إدلب وحلب، وانتقلت بظرف ساعات إلى داخل المدينة، حيث بدأت، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، بتفجير بعض من المركبات العسكرية التي مهدت الطريق لدخول العناصر حلب المدينة، تحديدًا بعد استهداف السكن الجامعي على أطراف حلب قبل أيام.
وفي ظل غياب أي تفسير أو تصريح من جهة رسمية هنا وهناك توضح حقيقة ما جرى حقًا في بداية ما أسمته الفصائل المسلحة عملية "ردع العداون"، فإن مقاطع الفيديو التي انتشرت على وسائل التواصل تحكي جزءًا من القصة لعناصر من الجيش السوري أخلت قواعدها وثكناتها العسكرية على الفور، وفي هذا دليل مبدئي على أوامر الإخلاء التي تلقّاها الجيش السوري فور بدء العملية، والتي يرجح محللون أنها تعود لأسباب كثيرة.
قبل الخوض في أسباب انسحاب جيش أنهكته الحروب على مدى قرابة الـ15 عامًا، فإن الفصائل الداعمة للجيش السوري كالفصائل الإيرانية، وحزب الله اللبناني، لم تعد قادرة على تقديم الدعم اليوم كما الأمس، فحزب الله استنزفت الحرب الإسرائيلية قادته أولاً، وجزءًا كبيرًا من ترسانته العسكرية ثانيًا.
بينما في روسيا فإن اتفاق خفض التصعيد للعام 2020، أعطى روسيا مساحة استراحة عسكرية كبيرة في سورية، ونقلت تركيزها العسكري إلى الحرب الضارية التي تخوضها ضد أوكرانيا على جبهات مختلفة، ومنذ مدة تقارب عامها الثالث، ما دفع بالانسحاب ليكون خيارًا أكثر منطقية للجيش السوري، حيث يركز قواته، الآن، في محافظة حماه على الحدود مع إدلب وحلب، تحضيرًا لما قال إنه هجوم مضاد مقبل.
سنوات من غياب المعارك الفعلية للجيش السوري، اقتصرت فيها العمليات على ضرب معاقل هيئة تحرير الشام عن بعد بواسطة المدفيعة والطيران الحربي، بينما قابل هذا تحضير عسكري كبير، وتخطيط لعملية واسعة من قبل هيئة تحرير الشام، أظهرت الفوارق بين الطرفين، وأجبرت -وفق محللين- القوات الحكومية على الانسحاب، فضلاً عن مواجهة عشرات آلاف المسلحين الذين دخلوا حلب.
أما النقطة الثانية فهي التنظيم الذي أظهرته هذه الفصائل، حيث إن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، تعد من أكثر الفصائل المسلحة فاعلية وفتكًا من بين الجماعات المقاتلة في سورية، كما أن أيديولوجيتها الجهادية كانت قوتها الدافعة بدلاً من الحماسة الثورية، ونجحت بضم من كانوا أعداء لها كقوات الجيش الحر وغيرها، أما عن ترسانتها العسكرية، فإن هيئة تحرير الشام طورت كثيرًا من قوتها عسكريًا، فبدأت عملياتها عبر مسيّرات انقضاضية استهدفت ثكنات الجيش السوري.
وحصلت خلال سنوات تحضيرها على مدرعات، وعربات ثقيلة، ومدافع من مختلف الطرازات، والآن أصبحت تمتلك جزءًا من الطائرات الحربية في المطارات العسكرية التي سيطرت عليها في حلب وريف إدلب، كما أنها قد تستولي على مواقع إستراتيجية شمال سوريا، خاصة تلك التابعة لمركز الدراسات والبحوث العلمية السوري (سيرس)، المعروف بتطويره أسلحة كيماوية، يمكن تركبيها على صواريخ سكود، أيضًا فإن عمليات الاستهدافات التي تنشرها هيئة تحرير الشام توضح مرحلة مختلفة وصلت إليها هذه الفصائل إعلاميًا، على مستوى توثيق العملية بالصوت والصورة.
بعد يومين من بدء العملية العسكرية في الشمال السوري، يقول وزير الخارجية التركية هاكان فيدان، إن ما يجري على الأرض في سورية ينبع من مشاكل "لم تحل"، بينما تُبرّئ أمريكا نفسها مما يجري تمامًا، في مرحلة تبقى التكهنات فيها سيدة الموقف، ريثما تظهر دوافع عملية كهذه، وحقيقة محركيها.