"شيخ المجاهدين" و"أسد الصحراء".. معلم  تحول إلى جنرال.. اشتُهر عند الجنود بالقداسة والاحترام.. صال وجال ضد احتلال بلاده.. نجا آلاف المرات من الموت ومات في النهاية معدوماً.. من هو عمر المختار أشهر مناضل ضد الاحتلال فى ليبيا؟

ولد عمر بن المختار بن عمر المنفي عام 1862 وقيل عام 1858 في قرية جنزور بالبطنان في منطقة الجبل الأخضر ببرقة شرقي ليبيا، والده المختار بن عمر من قبيلة المنفة من بيت فرحات، توفي في رحلته إلى مكة لأداء فريضة الحج.

التحق بمعهد واحة الجغبوب التي كانت آنذاك عاصمة للدعوة السنوسية شرقي ليبيا فدرس فيه 8 سنوات العلوم الشرعية من فقه وحديث وتفسير..

تميز بثقافة دينية عميقة وبشخصية قيادية عززتها نشأته في الصحراء، حيث خبر القبائل وحروبها، وتعلم وسائل فض الخصومات البدوية، كما أصبح ماهرا بمسالك الصحراء.

تربى المختار منذ صغره على مبادئ الدعوة السنوسية ذات المنزع العلمي الجهادي، وشق طريقه نحو الزعامة مبكرا حين حاز ثقة مشايخ الدعوة السنوسية فأسند إليه محمد المهدي السنوسي شيخ الدعوة مشيخة "زاوية القصور" بالجبل الأخضر واختاره ليرافقه إلى تشاد عندما قرر نقل قيادة الزاوية السنوسية.

في 29 سبتمبر/أيلول 1911 أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية التي كانت ليبيا حينذاك جزءا منها يومها سارع عمر المختار بالعودة إلى "زاوية القصور" لتنظيم حركة القتال ضد  الإيطاليين فشارك في معركة السلاوي أواخر 1911، وتولى قيادة "المجلس الأعلى" للعمليات القتالية الذى أدار أعظم المعارك في التاريخ الليبي مع الإيطاليين، خاصة بعد انسحاب الأتراك من البلاد عام 1912 بموجب معاهدة لوزان التي تخلوا فيها لإيطاليا عن ليبيا.

ألحق عمر المختار وجنوده بالايطاليين هزائم مريرة فقتلوا مئات الضباط والجنود، وخاضوا مئات المعارك في حرب استمرت 20 عاما، وعندما حاصره الإيطاليون سنة 1926 في الجبل الأخضر لجأ إلى حرب العصابات فأجبرهم على طلب مفاوضته سنة 1929 لكنه رفض مطالبهم بوقف القتال والخروج من البلاد واستأنف قتالهم حتى وقع في الأسر وأعدم عام 1931.

في 11 سبتمبر 1931، تمكن الإيطاليون من أسر عمر المختار بعد معركة قتل فيها حصانه وتحطمت نظارته، وفي 14 سبتمبر وصل القائد الإيطالي جرازياني إلى بنغازي، وأعلن أن المحاكمة في اليوم التالي وفي الخامسة من مساء 15 سبتمبر حكم على المختار بالإعدام شنقا وتم إعدامه في 16 سبتمبر ومن أشهر ما قاله أسد الصحراء لقادة الاحتلال الإيطالي حينما طالبوه بالاستسلام والكف عن مقاومتهم: "نحن لن نستسلم، ننتصر أو نموت".

 الجنرال غرازيانى الحاكم والقائد العسكرى الإيطالى لبرقة يذكر فى مذكراته "برقة الهادئة": "هذا الرجل أسطورة الزمان الذي نجا آلاف المرات من الموت ومن الأسر، واشتهر عند الجنود بالقداسة والاحترام لأنه الرأس المفكر والقلب النابض للثورة العربية في برقة..

كان عمر المختار كرئيس مؤمن بقضية وطنه، وله تأثير كبير على أتباعه.. كان عمر المختار من المجاهدين الكبار؛ لما له من مكانة مقدسة بين أتباعه ومحبيه إن عمر يختلف عن الآخرين فهو شيخ متديِّن دون شك قاسٍ وشديد التعصب للدين ورحيم عند المقدرة.. ذنبه الوحيد أنه يكرهنا كثيراً.. وفي بعض الأوقات يسلط علينا لسانه ويعاملنا بغلظة.. كان دائماً مضادّاً لنا ولسياستنا في كل الأحوال.. لا يلين أبداً ولا يهادن إلا إذا كان الموضوع في صالح الوطن العربي الليبي، ولم يخن أبداً مبادئه.