مئات الفلسطينيين يتظاهرون في شمال قطاع غزة ويرددون هتافات ضد حماس
تذكرة ذهاب دون عودة، لطالما كان هذا عرضا رفضه الغزيون لترك أرضهم عبر التاريخ، الحلم الإسرائيلي الأمريكي الذي لا ينام، استيقظ مجددا هذا العام، على أنغام كلمات ترامب " سنشتري غزة – ويمكن لشواطئ القطاع أن تكون ريفييرا الشرق الأوسط".
مقترح ترامب بضم غزة وتهجير الفلسطينيين، ليس الأول ولن يكون الأخير في رحلة طرد الفلسطينيين من أرضهم، والتاريخ يروي قصة 77 عاما من المحاولات التي كانت تتجدد بين الفينة والأخرى، على اختلاف طبيعتها بين تصريحات وخطط رسمية انتهت جميعها بفشل التنفيذ حتى يومنا هذا، فماذا تغير منذ نكبة عام 1948، وما أبرز المحطات التاريخية التي كانت فيها مساحة الـ 360 كم مربع لقطاع غزة، هدفا إسرائيليا بدعم أمريكي خالص؟
النكبة وخطة سيناء.. 5 سنوات بين "تغريبة 1948" ومقترح التهجير الأول
في عام 1948 وبعد انتهاء معارك الجيوش العربية ضد إسرائيل بالخسارة وإعلان حرب النكبة في ذلك العام، هُجر أكثر من 750 ألف فلسطيني من أراضيهم التي أقامت إسرائيل دولتها عليها، نحو غزة وحيفا والناصرة ويافا وبيت لحم وغيرها، قبل أن يحمل عام 1953 أول خطة رسمية لتوطين الفلسطينيين خارج أرضهم، حينما اقترحت إسرائيل ترحيلهم من سيناء المصرية، ضمن مخطط أطلقت عليه اسم "خطة سيناء" بدعم أمريكي كامل، وهو المشروع الذي كان يقضي بتوطين 12 ألف أسرة من لاجئي قطاع غزة على أراض شمال غرب صحراء سيناء.
مثل مقترح عام 1953 أول اختبار جدي لفكرة تُرجمت عبر خطة رسمية قُدمت لمصر التي رفضتها، وبوابة لمشاريع أخرى وخطط تهجير بقيت كلاما على ورق، كما أنها حملت الرسالة الفلسطينية الثابتة بالرفض القاطع لأي عملية تهجير خارج حدود أرضهم.
3 مقترحات إسرائيلية عسكرية.. الرفض الفلسطيني ينتصر
في يوليو من عام 1967 وبعد أيام من نكسة حزيران الشهيرة، تواصلت محاولات التهجير التي حظيت بطابع رسمي للمرة الأولى بعد عام 1953، حينما طرح السياسي والعسكري الإسرائيلي "إيجال ألون" على مجلس وزراء بلاده، خطة لفرض تسوية إقليمية تهدف لترحيل الفلسطينيين إلى الأردن ومصر.
بعدها بثلاث سنوات، تقدم قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، أرئيل شارون، الذي أصبح لاحقا رئيسا للوزراء، بخطة لتفريغ قطاع غزة من سكانه، ونقل المئات منهم لسيناء ومدينة العريش، قبل أن يأتي مقترح عام 2000 الذي قدمه الجنرال الإسرائيلي غيورا إيلاند، الذي شغل منصب رئيس قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي ورئيس مجلس الأمن القومي، والذي يصب في الفكرة نفسها، نقل الفلسطينين إلى سيناء تحديدا، فشل المشروع، بل إنه وبعد هذا بخمس سنوات وافق الكنيست الإسرائيلي في فبراير 2005 على مقترح الانسحاب من قطاع غزة، في حين لازال كلام شارون عالقا في الأذهان حينما أقر بأن معدل المواليد في قطاع غزة، غير اللعبة الديمغرافية، وكان أحد أسباب قرار الانسحاب الإسرائيلي.
من "صفقة القرن" إلى "شواطئ ريفييرا".. ترامب يرى غزة "دولارات"
لم يكن ما ذكرنا سوى جزء من مقترحات عديدة منها ما كان رسميا ومنها ما كان على هيئة تصريحات ماتت بعد قولها، لمحاولات تهجير الغزيين خارج قطاعهم، لكن ما أرخت به أحداث السابع من أكتوبر من تداعيات على الشرق الأوسط والمنطقة، قد يجعل حلم ترامب هذه المرة أكثر جدية وفق مراقبين.
تجاوز ترامب سريعا حاجز التلميحات وكأن حلم "صفقة القرن" التي أعلن عنها في ولايته الأولى عام 2016، خطأ يريد أن يتداركه سريعا، هو قرار أمريكي اتخذه ترامب، رغم الرفض المصري والأردني العلني لفكرة التهجير، بل إنه اختار الصومال مثلا كأرض بديلة لأهالي غزة ريثما تنتهي عمليات ما قال عنه "إعادة إعمار".
الرفض الدولي والعالمي والعربي وحتى في بعض الأوساط الأمريكية لمقترح ترامب، تقف خلفه أسباب عزاها محللون لأطماع ترامب في غاز غزة الاحتياطي، حيث مليارات الأمتار المكعبة في سواحل غزة، هذه السواحل ذاتها التي تسعى أمريكا لإعادة إحياء مشروع قناة بن غوروين فيها، ليكون ربما بديلا لقناة السويس مع الوقت، فالملياردير الجمهوري يرى غزة دولارات، وفق توصيف الغارديان البريطانية.
"مرحباً في عالم ترامب، حيث يرى رجل العقارات أنقاض غزة دولارات".
تقول الأرقام إن أكثر من 5 ملايين ونصف المليون فلسطيني، أغلبهم أبناء أو أحفاد من هُجروا سابقا، يعيشون اليوم في الأردن ولبنان وسوريا، والكثير منهم يقطن مخيمات اللجوء، نصفهم وفق وزارة الخارجية الفلسطينية دون جنسية، ونصفهم الآخر لا تتجاوز فلسطينتهم حاجز حبر على ورق.
هكذا كان رد الغزيين على مقترح ترامب بترحيلهم مؤقتا، فكيف سيكون إذا ما أقدم بحق على شراء وتملك قطاع غزة، بما لا يسمح للغزيين بالعودة إليه مجددا؟