تساءل تقرير لمجلة "فورن أفيرز" الأمريكية، عمّا إذا كان المرشد الأعلى القادم لإيران سيكون الأخير؟
يأتي هذا التساؤل، وفق المجلة، بفعل ما يمر به الشعب الإيراني من صحوة ترتبط بسخط شديد على ما وصلت إليه البلاد من تدهور اجتماعي واقتصادي؛ وحتى عسكري، وقالت إن ولاية المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، أصبحت حتمًا في أيامها الأخيرة.
وأضافت: "في حين يشتد النقاش حول من سيخلف خامنئي، 85 عامًا، تنتظر طهران لا محالة معضلة كبيرة في اختيار المرشد القادم؛ خصوصًا وأن خامنئي لم يُعين خليفة له؛ على الأقل علنًا، ورغم أن كل الترجيحات تذهب باتجاه نجله "مجتبى" بعد أن مات أكبر منافسيه رئيسي، وقلت حظوظ منافسه لاريجاني".
وبغض النظر عمن سيخلف خامنئي، مجتبى أو أي شخص آخر، فإن إيران ستمر بفترة عصيبة أخرى؛ حيث تُعد البلاد موطنًا لسكان متعلمين تعليمًا عاليًا ومجتمعًا شديد النقد، وفق المجلة.
وتابعت: "كما أصبحت المعلومات الخارجية متاحة بشكل متزايد؛ في هذه الأيام، على سبيل المثال، تتم ترجمة كل الكتب الرئيسية التي يتم نشرها تقريبًا، بما في ذلك كتب الروائيين الإسرائيليين، إلى اللغة الفارسية على الفور تقريبًا".
واستكملت: "يريد شعب إيران الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية. وقد أدت الفجوة بين هذه الرغبات وقمع الدولة إلى احتجاجات حاشدة في الأعوام 1999، و2009، و2017، و2019، و2022".
ووفق التقرير، فإن "هذا الغضب لا يستهدف خامنئي فحسب، بل يستهدف النظام بأكمله؛ فخلال مظاهرات عام 2009، على سبيل المثال، احتج الإيرانيون على مجتبى بعد أن ساعد خامنئي الأصغر أحمدي نجاد في تأمين إعادة انتخابه. وهتفوا: مجتبى، عساك أن تواجه الموت قبل أن ترى القيادة".
ورجحت المجلة أن "يكون الضغط على المرشد الأعلى المقبل أكبر؛ إذ أصبح الإيرانيون أكثر حزمًا. وإذا حافظ خليفة خامنئي على حكم رجال الدين، فسوف يطالب المجتمع الإيراني بتغييرات كبيرة".
و"على حين قد ينجح المرشد الأعلى القادم في قمع مثل هذه الاضطرابات، من خلال مزيج من القوة والتنازلات الهامشية، لكن يمكن أن يفرض الإيرانيون حسابات أوسع نطاقا، فيغتنمون الفرصة الحتمية التي يُتيحها لهم التغيير في القيادة"، بحسب المجلة.
ومن المؤكد، وفق المجلة، أن "التغيرات الاقتصادية وحدها لن تكون كافية لإشباع السكان؛ إذ إنه خلال الأعوام الستة والأربعين التي تلت ثورة 1979، أصبح المجتمع الإيراني ساخطاً إلى حد كبير؛ ولا تقتصر مطالب الناس على الرفاهية المادية".
وأشارت المجلة إلى أن "العقوبات الغربية الاقتصادية القاسية، التي فرضها الغرب وتهدف إلى إبقاء طهران ضعيفة، أصابت المجتمع المدني الإيراني بالشلل وحرمت الإيرانيين العاديين من الوصول إلى رأس المال، وخلقت سلطة مركزية أقل شفافية".
وأضافت: "لذا يتعين على صناع السياسات في الولايات المتحدة وأوروبا رفع هذه القيود للانتقال من حكم رجال الدين إلى ديمقراطية ملتزمة بحقوق الإنسان، ويكون فيها المجتمع الإيراني أقوى وأكثر ثراءً؛ وبحيث يتمتع الناس العاديون بالقوة الاقتصادية اللازمة لتنظيم احتجاجات سياسية سلمية".
واستطردت: "على حين أنه ليس من الواضح ما إذا كان الرئيس الأمريكي سيرفع أيًّا من القيود الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على طهران، وبينما يقول الرئيس ترامب إنه يود التوصل إلى اتفاق تتخلى فيه إيران عن الهجمات على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، والهجمات على إسرائيل، والأسلحة النووية مقابل المساعدات الاقتصادية؛ فإن التوصل إلى اتفاق قد يكون ممكنًا".
وأضافت المجلة: "على الرغم من أن خامنئي قام تاريخيًّا بتوجيه السياسة الخارجية الإيرانية نحو الصين وروسيا ومنافسين آخرين للولايات المتحدة، لكن سياسته تفتقر إلى الدعم الشعبي القوي. ويبدو أن موقفه قد خُفف؛ إذ سمح، على سبيل المثال، للرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بيزشكيان بالدعوة إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع واشنطن".
وخلُصت المجلة إلى أنه "في عالم مثالي، سيتحدث الجانبان، أمريكا وإيران، ويتوصلان إلى اتفاق. ومن شأن اتفاق السلام أن يخدم المصالح الوطنية للولايات المتحدة، والتي ستكون أكثر أمانا إذا وضعت إيران برنامجها النووي جانبا".
وأضافت: "على حين أنه سيخدم أيضًا مصالح طهران، التي لا تستطيع تحمل تكاليف الحرب مع واشنطن، لكن الأهم من ذلك كله أنه سيخدم مصالح الشعب الإيراني، الذي يريد الديمقراطية ووضع حد للتمييز".
ورأت المجلة أنه "من المؤكد أنها ستساعدهم أكثر مما سيفعله المرشد الأعلى المقبل، أيا كان".