لا مكان للثقة المطلقة داخل الأحزاب الأمريكية، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بتسليم مستقبل الولايات المتحدة لمرشح تفوّق على نفسه في ارتكاب أخطاء وعثرات مر الكثير منها دون صدى خلال سنوات حكمه الأربعة، لكن الأحوال الآن قد تبدلت والسباق الانتخابي المحموم يجعل غلطة الشاطر بألف خاصة إذا كان المنافس هو دونالد ترامب؛ الصياد المحترف لزلات جو بايدن.

يصر الرئيس الأمريكي على أنه تحدث مع زعماء الحزب الديمقراطي، وعلى أنهم أكدوا له ضرورة بقائه في السباق الانتخابي، حيث يرى الثمانيني في نفسه المرشح الأقوى الذي يستمر في طمأنة الشعب حول حالته الصحية، على الرغم من أنف الإشاعات التي لا تتوقف حول زيارة أطباء الأعصاب بشكل متكرر للبيت الأبيض، لكن شبكة "CBS NEWS" الأمريكية تغرد خارج سرب حلفاء بايدن بقولها نقلا عن مصادر مطلعة إن عشرات من المشرعين الديمقراطيين سيقدمون خلال الـ 48 ساعة القادمة بيانات لدعوة الرئيس جو بايدن للانسحاب من السباق الانتخابي، ما يفسر وجود حالة من الانقسام والتصدع الآخذ في الاتساع في البيت الديمقراطي، وسط محاولات بايدن المرهقة لتقديم دلائل للعالم حول أهليته لأداء مهام الرئيس.  

من تكساس، أريزونا، إلينوي، وغيرها من الولايات، خرج العديد من النواب الديمقراطيين لمطالبة بايدن بالانسحاب "بأسلوب أقرب إلى الدبلوماسية الناعمة" أجمعوا فيه على أن تاريخ بايدن لا يجب أن ينتهي بهذا الشكل، خاصة بعد سلسلة من المواقف المحرجة بدأت بمناظرة رئاسية كارثية، وربما لن تنتهي بذاكرته التي خانته مجددًا، فقدم نائبته كامالا هاريس باسم ترامب، ونادى زيلينسكي بالرئيس بوتين قبل مؤتمر صحفي لحلف شمال الأطلسي، لتلاحقه نظرات الخيبة والإحراج التي ارتسمت على وجه وزرائه في الصفوف الأمامية.

وعلى الرغم من محاولات بايدن في إقناع الحلفاء بأن ولاية جديدة لترامب ستكون بمثابة كارثة على العالم، وعلى حلف الناتو، وأنه مستعد للتعامل مع نظيريه الروسي والصيني وغيرها من الأوراق التي يحاول الحصول من خلالها على فرصة للوصول إلى سدة الحكم مرة جديدة، إلا أن الأصوات المعارضة التي ترى في طريق ترشحه "طريقا خاسرًا" بدأت تتعالى، فهل يفجر رفض الانسحاب المتكرر لبايدن أزمة في الحزب الديمقراطي، أم أن الأيام القليلة المقبلة ستكون كافية لإيجاد حل للخروج من عنق الزجاجة؟.