تصعيد الناتو ضد روسيا يستحضر "شبح الحرب العالمية"

حذر محللون سياسيون من أن تجاوز حلف شمال الأطلسي "الخطوط الحمراء" في الحرب الروسية الأوكرانية، قد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة ومواجهة نووية تغير النظام الدولي.

وفي ختام قمة لحلف شمال الأطلسي في واشنطن الأربعاء، تعهد قادة الدول الأعضاء بمنح  أوكرانيا مساعدات عسكرية، واتهموا الصين بلعب دور رئيس إلى جانب روسيا في الحرب.

وخلال القمة أعلنت الولايات المتحدة أن طائرات مقاتلة من طراز "إف -16" قدمتها دول أوروبية ستصل إلى أوكرانيا قريبا.

وقال المحلل السياسي الروسي المتخصص في العلاقات الدولية، ديمتري بريجع، لـ"إرم نيوز" إن "التصعيد العالمي قد يؤدي إلى تحول المعركة في أوكرانيا إلى معركة واسعة النطاق أشبه بحرب عالمية".

وأضاف أن "العقيدة العسكرية الروسية النووية لها ارتباط بهذه السياسة، لأن روسيا تحذر دائما من استهداف أراضيها وتهديد الأمن القومي الروسي"، مشيرا إلى أن أي تهديد للأمن القومي الروسي قد يدفع الدولة إلى استخدام "السلاح النووي التكتيكي".

وتابع : "عندما يتغير النظام العالمي تحدث هناك حروب كبيرة"، لافتا إلى أن الأمم المتحدة شكلت بعد الحرب العالمية الثانية.

 

 

 

"خطوط حمراء"

ويؤيد المحلل السياسي الفرنسي، جيل إيمانويل جاكيه، أن "تورط الناتو المتزايد في الصراع الروسي الأوكراني قد يؤدي إلى تصعيد ومواجهة مفتوحة تقود إلى حرب عالمية ثالثة وحرب نووية".

وقال جاكيه وهو باحث في معهد بحوث السلام في جنيف، إن الغرب تجاوز "الخطوط الحمراء" بعد استخدام أسلحته، وتدخله في أوكرانيا.

ويرى أن زيادة التوترات في آسيا بسبب تايوان قد تشعل صراعا مع الصين.

"تغيير عالمي"

ويعتقد الخبير الروسي في الشؤون الأمنية والاستراتيجية بافل سكورنيكولف، أن "إعلان الناتو يدل على نيته بالتصعيد مع الدول الراغبة بإنشاء عالم متزن متعدد الأقطاب".

وقال سكورنيكولف لـ"إرم نيوز" إن "الناتو يحاول إيصال رسائل للصين بأن ملف تايوان لن يمر كما تشاء الصين بعد أن استطاعت روسيا أن تتقدم في موضوع أوكرانيا، وحققت إنجازات كبيرة، ولم يستطع الغرب أن يردعها".

ولفت إلى أن العالم يعيش انقساما منذ عقود، متهما "الغرب بالسعي لتقسيم العالم إلى جزأين أعداء وأصدقاء وفرض إرادتهم وهزيمة الطرف الآخر الذي يريد أن يتطور ليصبح جزءا من المطبخ السياسي العالمي".

 وأضاف أن "الغرب يتدخل في الصراع بشكل مباشر أكثر وأكثر، وهذا سيدفع روسيا لتوسيع خططها الحالية".

وأضاف: "إذا كانت أوكرانيا تشعر أنها مدعومة من دول عدة، أيضا روسيا ليست لوحدها بالمقابل ولديها حلفاء وأصدقاء، لكنها لا تريد توسيع الصراع، وإذا كان الطرف الآخر مصراً على ذلك سيدفع ثمنا باهظا".

في مقابل ذلك، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، د.نبيل ميخائيل إن "روسيا تركز بشكل رئيس في هذه الحرب على أوكرانيا، والغرب لا يملك الجرأة لتوسيع الحرب لا سيما أن شعوبهم لا تريد أن تكون بلدانهم طرفا في هذه الصراع".

وبعد قرارات الناتو الأخيرة، يعتقد ميخائيل في حديث مع "إرم نيوز" ألا "يخرج الأمر عن حرب إقليمية حتى الآن، في ظل عدم استعداد الدول الأوروبية حتى من هم أعضاء حلف الناتو، لخوض حرب ضد روسيا".

وبين أن "ما حدث في قمة الناتو يعتبر تصعيدا مع روسيا التي بحسب المعادلة السياسية والاستراتيجية، لن تهاجم الدول الأوروبية التي مدت أوكرانيا بالـ"إف -16".

وبشأن موافقة دول أوروبية على تزويد أوكرانيا، بمقاتلات "إف-16"، لفت ميخائيل إلى أن ذلك "يأتي ضمن استجابة لضغوط أمريكية بضرورة مساهمة أوروبا بدعم عسكري أكبر في الحرب مع روسيا".
 
واستبعد المحلل السياسي اندلاع حرب بين الناتو وروسيا، في ظل توقعات بعقد مفاوضات سلام بين موسكو وكييف حال وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وبشأن الصين، أوضح أن دعم بكين لموسكو يأتي لتعويض الخسائر الاقتصادية التي لحقت بالأخيرة جراء توقيع العقوبات الغربية، وقد يصل إلى التعاون العسكري دون تدخل مباشر من جانب العملاق الآسيوي.

وبعد اجتماع الناتو يشير ميخائيل إلى "سؤال مهم ينتظر الحديث عنه من جانب قمة واشنطن، يدور حول علاقات التحالف الغربي مع الصين، ومدى دعمهم لتايوان، ومدى وجود محاولات لتكوين ناتو آسيوي".
 
وتساءل أيضا إن كانت الأسلحة التي قدمها الرئيس الأمريكي جو بايدن قادرة على مساعدة أوكرانيا في استعادة الأراضي التي احتلتها روسيا.

وحذر ميخائيل من تنامي قوة ألمانيا، للعب دور دفاعي قوي ضد روسيا، مذكرا بـ "اعتداءات الدولة على القارة العجوز في الحربين العالميتين الأولى والثانية".