logo
العالم

سقوط التابوهات.. "حزب البديل" المتطرف يحتل المرتبة الثانية في ألمانيا 

سقوط التابوهات.. "حزب البديل" المتطرف يحتل المرتبة الثانية في ألمانيا 
10 يونيو 2024، 9:45 ص

صعد حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، وهو الحزب الوليد الذي تأسس قبل عقد من الزمان، إلى المرتبة الثانية على مستوى ألمانيا في الانتخابات الأوروبية.

وفي ضوء هذه النتيجة، لم يعد منتسبو الحزب مجرد أشخاص غاضبين من سياسات الأحزاب التقليدية، ولا مجرد نازيين جدد مخدوعين، أو مجموعة من حليقي الرؤوس الناقمين على الأوضاع، بل بات هؤلاء في قلب المشهد السياسي الألماني، بل والأوروبي بصورة عامة.

وحصل التحالف المسيحي (المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري) على 30% من الأصوات، ليحصل على المركز الأول على مستوى ألمانيا، فيما حصل حزب البديل على 15.9 في المئة من الأصوات، ارتفاعا من 11% في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2019.



 وهذه النتيجة المدوية لم تقتصر على ألمانيا فحسب، بل تكرر صعود أحزاب اليمين في أكثر من بلد لتعبر عن مزاج الناخب الأوروبي الذي ضجر من الأحزاب التقليدية وبات يميل الى النهج الراديكالي في النظر إلى ملفات عدة كالهجرة، مثلا، والسياسات الاقتصادية المتعثرة، والرعاية الصحية والتعليم.

واللافت في صعود اليمين في المثال الألماني هو أن الناخب الألماني وعلى مدى العقود الماضية كان يتجنب التصويت للجماعات اليمينية المتطرفة بسبب وصمة العار التاريخية المرتبطة بالنازية، والسياسات المدمرة التي اتبعها زعيمها أدولف هتلر؛ ما ترك جرحا غائرا في الذاكرة الجماعية للألمان، غير أن ذلك الجرح بدأ يندمل، فلم يعد "التطرف" مستهجنا.

ويعزو خبراء صعود اليمين في أوروبا، وألمانيا بصورة خاصة، إلى تزايد أعداد المهاجرين، القادمين في غالبيتهم من بلدان إسلامية، وبعض الحوادث الأمنية التي صاحبت هذا الوجود وساهمت في تغذية "الإسلاموفوبيا".

وثمة عوامل أخرى منها الآثار الاقتصادية السلبية للحرب الأخيرة في أوكرانيا، إذ لا تخفي الكثير من الأحزاب اليمينية مناهضتها لدعم أوكرانيا، والتعبير عن الإعجاب بشخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يحاربه الغرب.

ووسط هذه الأجواء، استطاع حزب البديل أن يكتسب زخما في الشارع الألماني خلال فترة قصيرة، من خلال الترويج علنا لأجندة مناهضة للمهاجرين والدعوة إلى ترحيلهم وعدم استقبال المزيد منهم.

ولا يتردد الحزب الألماني في تسليط الضوء على الهوية الإسلامية للكثير من الوافدين الجدد، إذ حذر الحزب في بيان سابق من أن تزايد عدد السكان المسلمين "يشكل تهديدا لأمن الأمة والمجتمع والقيم الأساسية"، حسب ما يرد في أدبيات حزب البديل.

وثمة عامل آخر ربما لعب دورا غير مباشر في تحديد خيارات الناخب الأوروبي والألماني، بحسب خبراء، وهو افتقار القارة إلى شخصيات كاريزمية من قبيل الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، او المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل التي تصدرت المشهد السياسي الألماني لنحو عقدين، فانساق الناخب خلف شعارات مبالغ بها تعويضا عن غياب زعيم تاريخي يقود البلاد نحو بر الأمان.

التابوهات أصبحت متاحة

صعود حزب البديل في ألمانيا، وصعود أمثاله في دول أوروبية، يكشف أن ما اعتبر من التابوهات والخطوط الحمراء حتى وقت قريب، أصبح خطابا متاحا في المنابر الإعلامية، ووسائل التواصل الاجتماعي والفضاء العام.

ولم تعد المجاهرة بالعداء للمهاجرين ومحاربة الإسلام مثلا من المحرمات، بل إن من يدعو لذلك بات من المشرعين وسيسهم في صوغ سياسات القارة العجوز، كما أن الهجوم على لون وثقافة ومعتقدات جزء من مكون النسيج المجتمعي الأوروبي، أصبح أمرا قابلا للنقاش في الفضاء العام.

علاوة على ذلك، فإن الأحزاب التقليدية التي امتلكت السلطة لعقود ونظرت بازدراء إلى أحزاب اليمين المتطرف، أصبحت الآن شريكة لتلك الأحزاب التي فرضت حضورها عن طريق صناديق الاقتراع، فتلاشت التحفظات السابقة حيال أحزاب متطرفة تقترب من الحكم لا مجرد ظواهر خطابية شعبوية واحتجاجية عابرة.

ولا تبدو واشنطن مستاءة من صعود اليمين، بل أن بروز الأحزاب المتطرفة في ألمانيا وأوروبا عموما، تخدم على نحو ما السياسة الأمريكية، فهي تمثل، كما يذهب خبراء، أوراق ضغط على الأحزاب التقليدية الحاكمة حتى تقدم المزيد من فروض الطاعة والتبعية للبيت الأبيض.

وعودة إلى النتائج، فقد جاء في المرتبة الثالثة، على مستوى ألمانيا، الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه المستشار أولاف شولتس بحصوله على 13.9 في المئة.



وبذلك يسجل الحزب الاشتراكي الديمقراطي أسوأ أداء في انتخابات ديمقراطية على مستوى ألمانيا منذ أكثر من قرن لتيار يسار الوسط، الذي كان تاريخيا أحد الأحزاب المهيمنة في السياسة الألمانية. وهذه أيضا مفارقة، ذلك أن الحزب البديل بات يتفوق على الحزب الحاكم في ألمانيا.

وحل في المرتبة الرابعة حزب الخضر بحصوله على 11.9 في المئة متراجعا من 20.5 التي سجلها في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2019.

في المقابل، حصل الحزب الديمقراطي الحر، الشريك الثالث الأصغر في الائتلاف الحاكم، على 5.2 في المئة.

وحصل الحزب الشعبوي الذي تأسس حديثا "تحالف زارا فاغنكنشت" على نسبة 6.2 في المئة، في حين حصل حزب "اليسار" على 2.7% فقط.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC