غواصة "أوهايو" النووية.. رسالة ردع لإيران أم استعراض أمريكي في المنطقة؟

أرسلت القيادة المركزية الأمريكية للمرة الأولى منذ عقود، غواصة نووية من طراز "أوهايو" لتعزيز وجودها في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب حاملتي طائرات أمريكيتين موجودتين بالفعل في المنطقة.

وتوجد الغواصة في منطقة عمليات الأسطول الخامس، وفق قول المتحدث باسم البنتاغون، البريجادير جنرال بات رايدر، في إشارة إلى منطقة تشمل الخليج والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وتنضم الغواصة إلى آلاف القوات الأمريكية، وعشرات الطائرات المقاتلة، لردع إيران ومليشيات حزب الله اللبنانية من الانضمام إلى الحرب بين "حماس" وإسرائيل.

           

ويُعدُّ إعلان البنتاغون نادرًا، لأنه لا يُعلن عادة عن تحركات الغواصات أو مواقعها لأسباب أمنية، فيما يرى المراقبون أن هذه الخطوة "تحذير واضح ومباشر" لطهران وحزب الله بشأن ردٍ واشنطن إذا هاجمتا إسرائيل.

في هذا الصدد، قال الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور حامد فارس، إن "إرسال الولايات المتحدة الأمريكية الغواصة إلى منطقة الشرق الأوسط يحمل الكثير من الرسائل، سواء لإيران لعدم توسيع دائرة الصراع، أو تهديد أمن إسرائيل في حربها على غزة".

وأضاف فارس لـ"إرم نيوز" أن "هذه الخطوة تأتي ضمن سياسة الردع الأمريكية، لكيلا يتسع الصراع، كما تأتي رسالة إلى روسيا التي تمتلك غواصات مماثلة، حتى لا تدعم بعض الأطراف، ما يُهدد المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط".

وأردف أن "الانجرار إلى حرب إقليمية يحتاج إلى عوامل عدة، وعلى رأسها استمرار أمد الصراع في غزة، ومحاولة استهداف المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة".

تأجيل المواجهة

وبشأن فرص دخول إيران على خط المواجهة في الصراع الراهن، رأى الخبير المصري في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد عباس ناجي، أن "طهران لا تريد توسيع نطاق الحرب مباشرة لأمور عدة، أهمها الانتخابات الرئاسية المرتقبة، بينما ترى طهران أن أي محاولة لتوسيع نطاق التصعيد الحالي في غزة، سيؤدي إلى عواقب وخيمة في غنى عنها، وأن طهران غير مستعدة لاحتمالات أكثر في المرحلة الحالية".

وقال ناجي لـ"إرم نيوز"، إن "وصول الغواصة النووية أوهايو الأمريكية إلى المنطقة، يُمثّل رسالة ردع لإيران للابتعاد عن الحرب الحالية الدائرة في قطاع غزة"، متوقعًا أن "تؤجل طهران الصدام المباشر مع إسرائيل والولايات المتحدة إلى مرحلة لاحقة".

           

ويأتي قرار تعزيز الوجود العسكري في المنطقة بعد أيام من مهاجمة إيران وحزب الله، والميليشيات الموالية لطهران التي تعمل في كل من سوريا والعراق، القواعد الأمريكية في المنطقة، والتهديد بتكثيف "هجومهم" ضد قوات التحالف الدولي.

وتتمتع غواصات الصواريخ الباليستية من فئة أوهايو بالقدرة على استيعاب 13 ضابطًا و140 ضابط صف و66 بحارًا، الذين يقسّمون عادةً بين مشاة البحرية وقوات العمليات الخاصة، ولديهم أيضًا مساحة هائلة للإمدادات، وفق صحيفة "ConfidencialEl" الإسبانية.

ولدى البحرية الأمريكية 4 غواصات صاروخية موجهة من طراز أوهايو، أو SSGNs، وهي غواصات سابقة للصواريخ الباليستية جرى تحويلها لإطلاق صواريخ كروز توماهوك بدلًا من الصواريخ الباليستية ذات الرؤوس الحربية النووية.

وحسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" يمكن لكل غواصة من طراز أوهايو أن تحمل 154 صاروخ كروز توماهوك، أي أكثر 50% من مدمرات الصواريخ الموجهة الأمريكية، وما يقرب من 4 أضعاف ما تحمله أحدث الغواصات الهجومية التابعة للبحرية الأمريكية.

أما المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا في مصر، العميد خالد فهمي، فأشار إلى أن "أمريكا تنتهج أسلوب استعراض القوة في المنطقة العربية بأسلحتها التي ترسلها عبر البحر، في ظل التطورات الراهنة التي تدعو للقلق".

           

وقال فهمي لـ"إرم نيوز" إن "استخدام الأسلحة النووية في المنطقة أمر ليس سهلًا، وإن تصريحات مسؤولي الولايات المتحدة المتصاعدة أو قرار إرسال غواصة نووية للبحر المتوسط، ما هي إلا استعراض قوة لردع إيران ووكلائها لعدم الدخول في حرب متعددة الأطراف"، منوهًا إلى أن "تداعيات هذه الأمور تزيد من التوتر في المنطقة، وقد ينتج عنها حرب باردة لتحقيق أهداف عديدة.

وبشأن المخاطر المحتملة من استعراض القوة النووية، ربطت الخبيرة المصرية في العلاقات الدولية، الدكتورة سارة كيرة، إرسال الولايات المتحدة الأمريكية "أوهايو" بتأييد خيارات الحلول العسكرية الإسرائيلية في غزة.

وأشارت إلى تصريحات وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، التي أثارت جدلًا واسعًا بشأن إمكانية ضرب قطاع غزة بـ"قنبلة نووية".

في هذا الشأن، ترى أن تصريح وزير التراث الإسرائيلي لا يأتي من فراغ، على أساس أنه يأتي في ظل وجود الغواصة الأمريكية النووية بالبحر المتوسط، ما يجعل كل الخيارات بشأن الحرب على غزة مطروحة بدعم أمريكي.

           

وحال تصاعد الأمور في غزة، تتوقع "كيرة" أن تنجر المنطقة إلى "حرب عالمية ثالثة"، في ظل وجود القوة النووية الكبرى التي تمتلكها العديد من الأطراف الدولية في العالم، لافتة إلى أن "سوريا تُعدُّ نقطة انطلاق محتملة لهذه الحرب، لوجود أكبر قاعدة عسكرية روسية في طرطوس، وهي موضع رصد الولايات المتحدة الأمريكية".

وتمتلك الولايات المتحدة نوعين من الغواصات من طراز أوهايو، ولديها نموذج منه 4 نسخ جرى تحويلها لإطلاق صواريخ كروز توماهوك، ويمكنها تخزين ما يصل إلى 154 من هذه الذخيرة، كما أن لديها نموذج ترايدنت -14 نموذجًا- الذي يمكنه إطلاق صواريخ نووية باليستية، وتستخدم غواصة أوهايو الطاقة النووية للتحرك، وتتميز هذه الغواصات بقدرتها على عدم ملاحظة الرادارات، فهي غير قابلة للاكتشاف تقريبًا، وهي صامتة للغاية، ما يعطي ميزة كبيرة عند نشرها وشن الهجمات، وفق صحيفة"La política" الإسبانية.