logo
اقتصاد

"الارتفاع الوهمي" لقيمة الليرة مقابل الدولار يثقل كاهل السوريين

"الارتفاع الوهمي" لقيمة الليرة مقابل الدولار يثقل كاهل السوريين
الليرة السوريةالمصدر: أ ف ب
09 فبراير 2025، 8:51 ص

يرى خبراء اقتصاديون أن ارتفاع قيمة الليرة السورية مقابل الدولار "وهمي"، إذ لم يقابله انخفاض الأسعار، وهو ما أثقل كاهل المواطنين، معزين ذلك إلى سياسة سحب الليرة من السوق، أو ندرتها في البنك المركزي.

ومنذ الأيام الأولى لسقوط النظام يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، بدأت الليرة السورية بالارتفاع مقارنة بالدولار. فبعد أن كان الدولار الواحد يساوي 15 ألف ليرة، ارتفعت قيمتها لتصبح كل 7500 ليرة تساوي دولاراً.

ورغم أن المحاكمة المنطقية تقول، إن ارتفاع قيمة الليرة يعني هبوط الأسعار في السوق، إلا أن مؤشر الليرة كان يرتفع، في حين يبقى مؤشر الغلاء على حاله، مما أثر سلبياً على القدرة الشرائية عند المستهلكين.

أخبار ذات علاقة

الليرة السورية تتعافى من أدنى مستوياتها على الإطلاق

"ارتفاع وهمي"

وازداد ضرر المستهلكين السوريين من هذا الارتفاع الوهمي بسعر الليرة، لأن معظمهم يعيش على الحوالات المرسلة من الأبناء في الخارج. فمن كان يحصل على 3 ملايين ليرة، مقابل 200 دولار أرسلها الابن كمصروف شهري للعائلة، بات يصرفها اليوم مقابل 1.5 مليون ليرة فقط.

ويبدو التباين كبيراً في سعر صرف الليرة، بين سعر البنك المركزي الذي حدد قيمة الدولار بـ13000 ليرة، والسعر المتداول في السوق حيث هبط الدولار إلى 7500 ليرة.

ويقول الباحث الاقتصادي محمد عيد، لـ"إرم نيوز": "ارتفعت قيمة الليرة مقابل الدولار بشكل وهمي، وربما يعود ذلك إلى سياسة سحب الليرة السورية من السوق، أو قلتها في البنك المركزي".

"عجز عن صرف رواتب الموظفين"

ويرى عيد، أن ندرة العملة السورية، يؤكدها عدم صرف رواتب الموظفين بمواعيدها المحددة، ويضيف: "في البداية تحدثت الحكومة عن زيادة 400% في رواتب الموظفين، لنتفاجأ بأنها لم تستطع صرف الرواتب بقيمتها القديمة المتدنية".

وكان وزير المالية محمد أبازيد، قد أكد لوسائل الإعلام في بداية يناير/كانون الثاني الماضي، أن الحكومة ستزيد رواتب العديد من موظفي القطاع العام 400%، بعد شهر، عند استكمال إعادة الهيكلة الإدارية للوزارات لتعزيز الكفاءة والمساءلة.

ويحتار السوريون اليوم في استيعاب هذه المعادلة الاقتصادية الغريبة، التي تجعل قيمة الليرة ترتفع، بينما يشحّ تواجدها بين العملاء والمستهلكين، وفي المقابل تضعف القدرة الشرائية عند المواطن، بسبب عدم هبوط الأسعار انسجاماً مع ارتفاع قيمة الليرة.

أخبار ذات علاقة

معركة الليرة السورية.. هل تسحب تركيا البساط من روسيا وإيران؟

"ارتفاع غير حقيقي"

الباحث الاقتصادي محمد الأسمر، أكد لـ"إرم نيوز"، أن ارتفاع سعر الليرة أمام الدولار، ليس حقيقياً، والدليل هو استمرار غلاء المواد الاستهلاكية، وأضاف: "هناك تجار كبار يمكنهم التلاعب بالسوق، ومن الصعب السيطرة عليهم إذا لم يتدخل البنك المركزي".

ويرى الأسمر أن غياب الرقابة فاقم من تردي الوضع الاقتصادي للمواطن، بسبب ندرة العملة المتوفرة، وارتفاع قيمتها نظرياً فقط. مؤكداً أن ذلك تسبب بإفقار شريحة كبيرة من السوريين الذين يعيشون من الحوالات الخارجية.

ويربط الأسمر، نقص السيولة المتوفرة في السوق، بموضوع حل جيش النظام السابق وتسريح مئات الآلاف وتوقف رواتبهم، ويضيف: "هذا الأمر حرم السوق من قرابة 250 مليار ليرة شهرياً".

مضاربات التجار

وكان وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال السورية، باسل عبدالحنان، قد اعترف لوسائل الإعلام، بأن التذبذب في صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية، هو نتيجة للمضاربات بين التجار، واصفاً الأسعار الحالية بأنها "وهمية".

ورغم أن الوزير عبد الحنان، وعد بتدخل المصرف المركزي والجهات المعنية، لتثبيت سعر الصرف، إلا أن المقتدرين من أصحاب رؤوس المال، اتجهوا لشراء الذهب، اعتقاداً منهم بأنه أكثر استقراراً.

وبموازاة الارتفاع الوهمي في قيمة الليرة السورية، برزت مشكلة التأخير في صرف رواتب الموظفين في الدولة، وهو ما دفع الباحث الأسمر للتأكيد بأن هناك مشكلة في توفر السيولة الكافية من العملة السورية.

ورغم انقضاء أكثر من أسبوع من شهر فبراير/شباط الجاري، إلا أن معظم الموظفين لم يقبضوا رواتبهم، وخاصة فئة المتقاعدين، حيث تم تحديد مهلة يومين للصرف وهي فترة غير كافية لأن عدد المتقاعدين بالآلاف.

وتظهر الصور المتداولة لجموع المتقاعدين المتزاحمين بانتظار صرف الرواتب، حجم المعاناة التي يتعرض لها كبار السن، بسبب الوقوف طويلاً أثناء المطر والبرد، أملاً بالحصول على الراتب.

ولا يبدو أن حل مشكلات الاقتصاد السوري المنهار، سيكون سهلاً على الحكومة المؤقتة، في ظل البنية التحتية الضعيفة وتوقف عملية الإنتاج في المؤسسات التي تعاني مشكلات كبرى من الترهل الإداري والفساد. لكن الباحث الأسمر يقول، إن الموظفين لا يمكنهم البقاء بلا رواتب، بانتظار حلّ تلك المشكلات الكبرى!.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات