كبير المفاوضين: أوكرانيا تحتاج إلى قوات أوروبية "جاهزة للقتال" لا لقوات حفظ سلام
بعد نحو 8 أعوام من انقطاعها، تعود مرتبات قطاعات الدولة في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثيين إلى الواجهة، بعد تمرير "تشريع قانوني" غير دستوري، يهدف إلى التلاعب بحقوق الموظفين وامتصاص غضبهم المتصاعد، في ظل التبريرات التي تسوّقها الميليشيا.
وسنّ الحوثيون الشهر الماضي، "قانون الآلية الاستثنائية المؤقتة لدعم فاتورة المرتبات" لموظفي قطاعات الدولة المختلفة، المتوقفة رواتبهم منذ العام 2016 في مناطق سيطرتهم، على نحو مخالف لنصوص الدستور والقانون.
وصنّف "القانون" قوائم صرف المرتبات إلى 3 فئات: شهرية، ونصف مرتب شهري، ومرتب كل 3 أشهر، بناء على "ما لدى الوحدات من موارد ذاتية أو دعم حكومي أو من الصناديق"، مع إضافة الوحدات المحرومة التي ليس لها دخل شهري أو موارد كافية.
ويشير "مشروع القانون" الذي أقرّه البرلمان غير المعترف به في غضون 3 أيام فقط، إلى إنشاء حساب خاص من البنك المركزي اليمني غير المعترف به في صنعاء، ليكون وعاءً لجمع الإيرادات المالية تحت تصرف "وزارة المالية" في حكومة الحوثيين، على أن يتم التوريد إليه من حساب الحكومة العام، ونسبة مساهمة مفروضة على الجهات الحكومية، إضافة إلى تحويل موارد "صندوق المعلم" إلى حساب "الآلية الاستثنائية".
وإلى جانب ذلك، تورد نسبة لا تتجاوز 20% من النفقات والتعزيزات الشهرية الحكومية لوحدات الخدمة العامة، ونسبة لا تتجاوز 10% من تكلفة البرامج الاستثمارية لوحدات القطاع العام، بالإضافة إلى المبالغ المرتجعة من حساب "الآلية" نفسها.
يقول رئيس منظمة "سام للحقوق والحريات"، توفيق الحميدي، إن هذا "القانون" – وفق اطلاعه الأولي عليه - سيؤدي إلى خلق فجوات وانقسام بين فئات موظفي قطاعات الدولة في مناطق سيطرة الميليشيا.
وأشار في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن الحوثيين يحاولون امتصاص غضب الشارع اليمني، الذي بدأ ينتفض في حراك شعبي حقوقي للمطالبة بمرتباته المنقطعة، قبل اندلاع الحرب في قطاع غزة.
وذكر أن الحوثيين يخشون عودة هذه المطالب بعد أن أوشكت الحرب في غزة على وضع أوزارها بعد الاتفاق الأخير، "ومن ثم فإن الحوثيين لن يجدوا مبررا لإسكات أصوات الموظفين الجائعين والنقابات وتحديدا نقابة المعلمين، بحجة إسناد فلسطين والمواجهة مع أمريكا وإسرائيل".
وبحسب دراسة بحثية نشرها مركز "المخا للدراسات الاستراتيجية" الخميس الماضي، فإن هذه الآلية " المتعارضة مع نصوص الدستور والقانون وقواعد صرف المرتبات، تهدف إلى التلاعب بحقوق الموظفين واستبدال حقهم في المرتبات بقوائم جديدة أعدتها الجماعة، تخضع لمزاجها وشروطها، وتبرئ ذمة الحكومة من أية مرتبات خارجها".
وتشير الدراسة إلى أن الحوثيين "يريدون مد أيدهم إلى جميع الشركات ووحدات القطاع الحكومية، للاستيلاء على مواردها تحت ذريعة سداد المرتبات، دون الالتزام بتقييد المبالغ كديون على الحكومة".
متطرقة إلى استغلال الحوثيين هذه الآلية "لتمرير ضريبة مقطوعة جديدة على السلع الكمالية والسلع التي ليس لها مثيل ينتج محليا، وكذلك فرض ضريبة الدخل على المرتبات، بما يفوق 25 ألف ريال يمني، أي ما يعادل 47 دولارا".
وترى الدراسة، أن هناك محاولة من قبل الحوثيين لفرض واقع جديد فيما يتعلق بالمرتبات، التي تعدّ إحدى نقاط الخلاف في المفاوضات مع الحكومة اليمنية، "تقوم بالأساس على القوائم التي يقدمونها والتي تشمل الكثير من عناصرهم الذين تم إحلالهم محل الموظفين العموميين، سواء المهجرون منهم أو النازحون المنقطعون".
وأعلن "نادي المعلمين اليمنيين" أمس السبت، رفع الشارات الحمراء في صنعاء وعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وتقديم طلب للمحكمة الإدارية بصنعاء برفع دعوى قضائية مستعجلة ضد "وزارتي المالية والخدمة المدنية"، احتجاجا على إسقاط عشرات الآلاف من الكادر التربوي، من استحقاق "نصف الراتب".
وطبقا لوثيقة صادرة عن "مكتب التربية والتعليم" في إحدى المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الحوثيين استثنوا آلاف الموظفين الذين يعملون كإداريين وموجهين ومفتشين وفنيين لدى القطاع التربوي، من كشوفات المرتبات، وهو ما يتطابق مع تقارير محلية أخرى تشير إلى أن جميع هذه الكوادر في مناطق الحوثيين، لا تشملهم قوائم المرتبات.
ويعتقد الخبير الاقتصادي، وفيق صالح، أن ما يجري من شرعنة للآلية الجديدة، "هو تحايل مفضوح، وتنصل علني عن مسؤولية دفع رواتب الموظفين الذي يحدده دستور الجمهورية اليمنية، عبر آلية مثيرة للجدل، تفصح عن نوايا الميليشيا في عدم جديتها في حلّ هذا الملف المعقّد وإعادة الحقوق لأصحابها".
وبيّن صالح لـ"إرم نيوز"، أن هذه الآلية "تعمل على إضفاء مزيد من الأعباء المالية على المؤسسات الاقتصادية وتنهك الاقتصاد والمواطنين، فضلا عن نهبها لأموال الصناديق العامة والمختلطة، تحت مسمى دفع رواتب الموظفين".
وأشار إلى أن "القانون" يلزم المرافق العامة والمختلطة بـ"المساهمة في تنفيذ آلية صرف الرواتب بخمسين في المئة شهريا سواء من الاعتمادات العامة لها أو من مواردها الذاتية، ويمنع المساهمة من عوائد ضريبة الأرباح أو غيره، كما يشرعن فرض ضريبة على استيراد الكماليات توجه لصالح المساهمة في صرف نصف راتب شهري لوحدات الخدمة العامة، بينما تُصرف الرواتب وبنسبة 100% فقط لمجلس النواب والشورى والقضاء".
وذكر أن ذلك يفاقم معاناة المواطنين؛ إذ إن مضاعفة الضرائب على تجارة الاستيراد والمواد الكمالية، ستنعكس على شكل جرعات سعرية في الأسواق، يدفع ثمنها المستهلكون.
واختتم صالح حديثه بالتأكيد على أن "هذه الآلية المجحفة، تكرّس التمييز الطبقي بين الموظفين، من خلال تحديد فئات تتقاضى راتبا كاملا وأخرى تتلقى نصف مرتبها الشهري، بينما يتسلم الموظفون الآخرون مرتباتهم كل ثلاثة أشهر".