مصر تجدد التأكيد على رفضها لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من غزة قسرا أو طوعا
حدد خبراء استراتيجيون وسياسيون أسباب تأخر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فرض الرسوم الجمركية على الصين، وفي مقدمتها إدراكه أن معاملة بكين بالمثل سينتج عنها إلحاق خسائر ضخمة بشركات أمريكية كبرى، فضلًا عن التخوف من تأثير ذلك في الصناعات التكنولوجية والعسكرية الأمريكية التي تعتمد على معادن نادرة يتم استيرادها من الصين، والتي قد تقلل بكين تصديرها ردًّا على قراراته.
وكان ترامب فرض رسوما بنسبة 25% على السلع القادمة من كندا والمكسيك، إلى جانب رسوم جمركية بنسبة 10% على الصين، في انتظار تنفيذ وعيده بفرض خطوة مشابهة على دول الاتحاد الأوروبي.
وأرجع الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، هذا التأخر إلى عدة أسباب، منها استراتيجية وجيواقتصادية، أبرزها تأثير هذه الخطوة في الاقتصاد الأمريكي، ولا سيما أن بعض الشركات الصينية خفضت أسعارها لتعويض آثار الرسوم الجمركية، ما قلل انعكاس ذلك المباشر على بكين، بينما زاد الأعباء على المستهلكين والشركات الأمريكية.
ومن بين أسباب التردد، وفقًا للمختصين، تجنب التعقيدات الاستراتيجية الناجمة عن فرض الرسوم، في ظل اعتماد بكين بشكل غير مباشر على تصدير منتجاتها إلى أمريكا عبر دول مثل المكسيك وفيتنام، بعد إجراء التجميع النهائي هناك. إضافةً إلى ذلك، هناك رغبة في عدم تكرار الارتباك الإجرائي الذي نتج عن تنفيذ الاتفاق المرحلي بين البلدين عام 2020، والذي صب في مصلحة الصين.
ويأتي ذلك في وقت هددت فيه الصين، في وقت سابق، بفرض ضرائب مماثلة على الشركات الأمريكية العاملة على أراضيها، ومنها "تسلا" المملوكة لإيلون ماسك، الذي تربطه علاقة وثيقة بترامب. وتمتلك بكين إمكانيات وأدوات قوية للرد على إجراءات واشنطن، بما في ذلك التعريفات الجمركية المفروضة مؤخرًا على الواردات الصينية.
ويقول الخبير في الدراسات الجيوستراتيجية، الدكتور الشرقاوي الردواني، إن تردد ترامب في فرض الرسوم الجمركية على الصين يعود إلى عدة أسباب استراتيجية واقتصادية وجيواقتصادية متداخلة، في مقدمتها تأثير ذلك في الاقتصاد الأمريكي.
وأوضح الردواني لـ"إرم نيوز"، أن بعض الشركات الصينية خفضت أسعارها لتعويض آثار الرسوم الجمركية؛ ما قلل تأثيرها المباشر في الصين، وزاد الأعباء على المستهلكين والشركات في الولايات المتحدة.
وأضاف أن من بين أسباب التردد أيضًا تأثير هذه الإجراءات في سلاسل التوريد العالمية، ولا سيما في قطاعات التكنولوجيا والصناعات التحويلية الأمريكية التي تعتمد على المكونات الصينية.
كما أن ترامب يرغب في مراجعة أبعاد الإجراءات بشكل كامل، لتجنب تكرار ما حدث خلال ولايته السابقة، حينما واجهت واشنطن صعوبة في التعامل مع الرسوم الجمركية بسبب محدودية الصادرات الأمريكية مقارنة بالواردات الصينية، ما دفعه لتوقيع اتفاق مرحلي في يناير 2020 لتهدئة الأوضاع، ومع ذلك ظلت معظم الرسوم الجمركية قائمة؛ ما جعله أكثر حذرًا هذه المرة.
وبيّن الردواني أن الاعتماد المتبادل بين الاقتصادين الأمريكي والصيني يعد أمرًا بنيويًّا، فرغم الفائض التجاري الكبير لصالح الصين، تعتمد بكين بشكل غير مباشر على السوق الأمريكية عبر دول، مثل: المكسيك وفيتنام، حيث يتم من خلالهما إعادة تصدير السلع الصينية إلى الولايات المتحدة بعد التجميع النهائي؛ ما يجعل فرض رسوم على هذه الدول أمرًا معقدًا.
وذكر أن هناك ضغوطًا سياسية يواجهها ترامب من قطاعات أمريكية متضررة من الرسوم الجمركية، مثل: القطاع الزراعي والصناعات التي تعتمد على الواردات الصينية الرخيصة، وقد تدفع هذه الضغوط إلى اتخاذ نهج أكثر اعتدالًا في فرض الرسوم، خاصة مع وعوده الانتخابية بدعم هذه القطاعات.
وأشار الردواني إلى أن هناك أيضًا رهانًا استراتيجيًّا كبيرًا مع الصين، حيث يدرك ترامب أن بكين قد تلجأ إلى إجراءات مضادة أكثر حدة، مثل: تقليل تصدير المعادن النادرة الضرورية للصناعات التكنولوجية والعسكرية الأمريكية؛ ما قد يعطل سلاسل الإنتاج الحيوية.
ومن جانبه، يرى المحلل السياسي الصيني، نادر رونج، أن من بين أسباب تردد ترامب إدراكه لحجم وقوة الأدوات التي تمتلكها بكين للرد على هذه الإجراءات.
وأكد رونج، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الصين ترفض الحرب التجارية، لكنها لا تخشاها إذا أصرت الولايات المتحدة على هذه المواجهة، في ظل قدراتها الكبيرة على الرد، وهو ما قد يلحق خسائر مباشرة بالشركات الأمريكية.
ولفت إلى أن الصين، رغم تفكيرها في فرض المزيد من الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية، لا تزال تؤكد ضرورة تحمل البلدين المسؤولية تجاه التنمية الاقتصادية الدولية، باعتبارهما أكبر اقتصادين في العالم.
وأضاف رونج أن الصين ما زالت مقتنعة بأن المزيد من التعاون، بدلًا من النزاعات التجارية، هو الأفضل، ولا سيما في ظل التداعيات السلبية للإجراءات الأمريكية على سلاسل التوريد العالمية.
واختتم رونج حديثه بالتأكيد أن فرض المزيد من الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية قد يؤدي إلى تصعيد الحرب التجارية بين البلدين، وهو أمر شددت بكين مرارًا على أنه لن يكون فيه فائز، بل سيضر بمصالح الطرفين وكذلك الاقتصاد العالمي، ولن يساعد على حل المشاكل الاقتصادية الأمريكية.