إصابة 4 عناصر من الأمن العام السوري في اشتبكات مع فلول النظام السابق في حمص
أحيت مناطق شمال شرق سوريا وبعض المناطق في الساحل والداخل، أول عيد "نوروز" بعد رحيل نظام بشار الأسد، بشكل مميز يختلف عن الأعوام السابقة.
واجتمع عشرات الآلاف من السوريين الأكراد في مدن عامودا، والدرباسية، والحسكة، والقامشلي، وكوباني، والرقة، وحلب وغيرها، دون خوف، مرددين أناشيد السلام والحرية احتفاءً برأس السنة الكردية.
ويعتبر "النيروز" أو "النوروز"، عيدًا شعبيًّا يحتفل به العديد من المناطق السورية في الساحل والداخل. فهو يتوافق مع الاعتدال الربيعي يوم 21 مارس، ويُجسد دلالات أسطورية تتعلق بالخصب والتجدد والانبعاث.
وشهدت قرى مدينة جبلة، لأول مرة منذ أكثر من 60 عامًا، احتفالات بعيد النيروز، بعد أن مُنعت هذه الطقوس في زمن الوحدة ونظام الأسد. حيث تم إشعال النار في قمم الجبال، وتبادل الناس الحنطة المحمصة، كعلامة على التفاؤل بالخير والعطاء.
وأخذ عيد النوروز بعدًا سياسيًّا ثوريًّا مع مرور الوقت؛ وذلك بسبب الاحتفاء الكبير به من قبل الأكراد في سوريا والعراق وتركيا وإيران. إذ تتحول الاحتفالات إلى شعارات تطالب بالحقوق والحرية، ويلقي ممثلو الأحزاب كلمات حماسية احتفاءً بهذه المناسبة.
وتبدأ طقوس الاحتفال بعيد النوروز لدى الأكراد بإيقاد شعلة ضخمة ترمز للنور والحرية والسلام، يشعلها ذوو الشهداء، وترافقها أهازيج شعبية وهتافات تشارك فيها مكونات الشعب السوري الأخرى مثل السريان والآشوريين والأرمن.
ووفقًا لوكالة "هاوار" الكردية، تم تخصيص 11 مدينة للاحتفال هذا العام، وشهدت تلك المدن حشودًا ضخمة وغير مسبوقة من جميع المناطق في شمال شرق سوريا.
ويتزامن احتفال الأكراد هذا العام بعيد النوروز مع أحداث ضخمة في المنطقة، خاصة بعد صدور نداء الزعيم عبد الله أوجلان إلى حزب العمال الكردستاني بإلقاء السلاح، وتمكن الأكراد من تأسيس الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا بالتشارك مع مكونات الشعب الأخرى.
كما أن سقوط نظام الأسد، الذي حرم الأكراد من حقوقهم لفترة طويلة، جعل احتفال هذا العام بعيد النيروز يشهد نقلة نوعية في القضية الكردية.
ومن الناحية التاريخية، فإن عيد النوروز يعود إلى ما قبل الإسلام، وقد مر عليه آلاف السنين. وحرصت شعوب المنطقة على الاحتفاء به كرمز للخير والعطاء، مع تجدد الأرض وانبعاث الربيع.
وتناولت الأساطير القديمة هذا العيد بقصص شعبية ومرويات تختلف في التفاصيل، لكنها تتفق في الجوهر، كما يوضح الدكتور عبد الوهاب أبو صالح، في حديثه لـ"إرم نيوز".
وتشهد احتفالات الأكراد هذا العام بعيد النوروز حالة من الابتهاج والمشاركة الواسعة، مع تجدد الآمال في تحقيق الحقوق، وذلك بعد توقيع الاتفاق بين مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، والرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع، رغم الخلافات التي نشأت بعد صدور الإعلان الدستوري.
ويقول المحلل السياسي عزام شعث، لـ "إرم نيوز": "لقد حققت القضية الكردية تقدمًا جيدًا رغم المخاطر المستمرة، فقد عادت القضية إلى الواجهة، وأصبحت الظروف مهيأة لتحقيق مطالب الأكراد التي ناضلوا من أجلها طويلًا".
ومنذ ساعات الصباح الأولى، شهدت ساحات المدن في شمال شرق سوريا توافد حشود الأهالي بلباسهم الشعبي ذي الألوان الزاهية، حيث ردد الجميع الأغاني الكردية والشعارات المطالبة بحرية القائد عبد الله أوجلان والمناصرة للديمقراطية.
وبعدها، وقف المشاركون دقيقة صمت على أرواح الشهداء، ثم أُوقدت نار العيد أو شعلة الحرية، إيذانًا ببدء الاحتفال بعيد النيروز.
وكان اللافت هذا العام مشاركة بعض قرى الساحل في احتفالات النوروز، حيث كان هذا العيد من الطقوس الشعبية في المنطقة قبل أن يمنع نظام الأسد الاحتفاء به؛ بسبب دلالاته على القضية الكردية.
ويقول الدكتور أبو صالح، إنه من المتوقع أن تعود العديد من الأعياد السورية القديمة إلى الحياة مجددًا بعد رحيل النظام، مثل العيد الرابع وعيد رأس السنة السورية "الأكيتو"، لافتًا إلى أن هذه الأعياد تتقارب في التواريخ والمعاني؛ لأنها تنطلق من ثقافة واحدة.
وفي الموروث الشعبي والأدبيات الكردية، تمثل شخصية البطل الأسطوري (كاوا الحداد) المحور الرئيس في معاني عيد نوروز. وتُنسب له واقعة "الثورة على الظلم"، عندما انتفض ضد السلطان المستبد (ضحاك) أو (آزادهاك) بالكردية، ثم أوقد نارًا هائلة كإعلان عن الانتصار.
