المالديف: منع دخول الإسرائيليين ردا على الإبادة التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين
يتصدر جامع المولوية بدمشق، شارع النصر المتجه إلى القلعة وسوق الحميدية، وتظهر مئذنته القديمة البيضاء وقد اعتلاها طربوش الدراويش عوضًا عن الهلال، كرمز لأصحاب الطريقة الصوفية والرقصة المولوية.
ويرتبط الجامع، بالتكية المولوية المبنية في القرن السادس عشر، وهي ملاصقة للجامع، حيث يعتبر البناءان موئلًا للدراويش وجلسات التعبد الصوفية المشهورة بدمشق منذ أمد بعيد.
ودرج بناء التكايا، في العهد العثماني في مناطق بلاد الشام وغيرها من المناطق التي استولى عليها العثمانيون. وكان الهدف منها أن تكون ملجأ للفقراء والعجزة والغرباء الذين لا يجدون مكانًا يبيتون فيه داخل المدينة.
وعندما انتشرت المولوية وكثر أصحاب الطريقة الصوفية، صارت بعض التكايا، أمكنة يجتمع فيها الدراويش من أجل العبادة والتأمل وتأدية الرقصات الدائرية المولوية كأسلوب روحي للتقرب إلى الله.
ويظهر على جامع المولوية والتكية الملاصقة له، أسلوب العمارة العثمانية والشامية مع النقوش والزخارف الإسلامية، واستخدام الحجر الأبيض والأسود المسمى "الأبلق" في البناء.
وتشير بساطة مسجد المولوية ومساحته الصغيرة، إلى صفته الصوفية. وتظهر على جدرانه الزخارف الإسلامية التي تزين حرم الصلاة والمحراب مع آيات القرآن الكريم، حيث يعتبره الكثيرون مسجدهم المفضل للصلاة وقضاء وقت طويل في التأمل.
وتحظى مئذنة الجامع باهتمام من العابرين، فهي الوحيدة من بين مآذن سوريا، التي يتربع في أعلاها طربوش الدرويش وليس الهلال الذي يزين مآذن المساجد الأخرى، فيدخل بعضهم إلى المسجد للاستفسار عن بناء الجامع والطريقة الصوفية.
ويتوسط جامع المولوية، منطقة مليئة بالأبنية الأثرية، مثل جامع تنكز وبناء محطة الحجاز والتكية السليمانية القريبة من جهة الغرب. كما تشكل إطلالته من جهة الشرق على قلعة دمشق والشام القديمة مزيدًا من الثراء التاريخي في تلك المنطقة.
وشهد جامع المولوية عدة تبدلات خلال تاريخه، فيما يتعلق بحضور الطريقة الصوفية فيه. فقد حظر أتاتورك بعد الحرب العالمية الأولى، الطريقة المولوية، وهدم الكثير من التكايا وأغلق جزءًا منها، وحول بعضها إلى متاحف.
ورغم أن الطقوس الصوفية والرقص المولوي، عادا إلى المسجد لاحقًا، إلا أن تبدل القرارات كان يتسبب بغياب المولوية عن الجامع مرة أخرى، واليوم تقضي قرارات وزارة الأوقاف بإقامة المولوية في أماكن خارج الجامع.
وظلت الطريقة الصوفية والمولوية، تبعث على التوجس عند العامة، نتيجة عدم الإلمام بمعانيها وتاريخها، خاصة عندما تمت مهاجمتها من قبل بعض الفقهاء الذين اعتبروها من البدع الدخيلة على الدين.
ولم تغب الصوفية ومساجدها عن بلاد الشام، رغم المعارضات الكثيرة؛ نظرًا للتنوع الثقافي الذي يطبع المنطقة، ونتيجة اتصالها المباشر مع رموز الصوفية مثل جلال الدين الرومي، ووجود الكثير من أضرحة الصوفيين مثل مقام ومسجد الشيخ محي الدين بن عربي.
ويختزل جامع المولوية بالنسبة لمرتاديه، الكثير من معاني الصوفية، فقد أصبح للمكان دلالات تجذب المهتمين ومحبي الطقوس الروحية، ممن يحاولون الاستزادة في اكتشاف الصوفية وتعلم طرقها وخباياها الحاضرة بقوة خلال شهر رمضان.