وزير خارجية إيران: منفتحون على مفاوضات نووية غير مباشرة مع واشنطن
عادت قضية غجر العراق أو"الكيولية" باللهجة المحلية، إلى الواجهة مجددًا بعد أن وجدت مناشدة جديدة منهم، استجابة أحد الزعماء السياسيين والاجتماعيين في البلاد.
وتلقى رجل الدين العراقي، مقتدى الصدر، رسالة من أحد أبناء الغجر، يشكو فيها من غياب أي حل رسمي لقضية تلك الشريحة العراقية التي تعاني من تمييز حكومي وتهميش اجتماعي.
وتعهد الصدر في رده على تلك الشكوى بالاستجابة وإرسال وفد للاطلاع على حالتهم الاجتماعية.
وسرعان ما أعلن المكتب الخاص للصدر عن تشكيل وإرسال الوفد للاطلاع على حالة الغجر الذين يشتكون وفق الرسالة من الإقصاء والاستبعاد من فرص العمل والتعليم والسكن وغياب الخدمات الأساسية في مناطق تجمعاتهم.
ووجد ذلك التحرك، ردود فعل واسعة في المجتمع العراقي، شارك فيها نشطاء ونخب ثقافية وإعلاميين معروفين بمساندتهم الدائمة للغجر في العراق طوال السنوات الماضية.
وقوبلت مبادرة الصدر بتأييد واسع عبر سيل من تعليقات الدعم والثناء على صور الوفد الذي زار الغجر بعد أن نشرها المكتب الخاص للزعيم السياسي والديني عبر الحساب الرسمي للمكتب في "فيس بوك".
كما دفعت تلك المبادرة، الصحفية العراقية، منار الزبيدي، للتذكير بحملتها الشهيرة لدعم الغجر، قبل سنوات، والتي حملت عنوان "الغجر بشر"، ونجحت فيها في إثارة قضية تلك الشريحة أمام الرأي العام العراقي.
وتلقت الزبيدي بدورها الكثير من عبارات المساندة لإثارتها قضية الغجر مجددًا بالتزامن مع مبادرة الصدر.
وقال الإعلامي حاتم الموسوي، في تعليق على مبادرة "الغجر بشر" التي أعادت التذكير بها زميلته الزبيدي: "فعلًا بشر ومواطنين ومن يشجع على المواطنة نرفع له القبعة، بالتالي هم أبناء البلد وليس لديهم ذنب بوجودهم غجر".
من هم غجر العراق؟
يشكل الغجر العراقيون أقلية في العراق، سواء عرقية أو اجتماعية بالنظر لتعدد روايات التاريخ حول أصولهم. ولا توجد إحصائية رسمية لهم، لكن يُعتقد أنهم بعشرات الآلاف، وتقول تقارير صحفية محلية، إن تعدادهم ما بين 50 ألف إلى 200 ألف نسمة.
ويسكن الغجر في قرى وتجمعات بشرية عادة ما تكون منعزلة على أطراف المدن والبلدات، في محافظات بغداد والبصرة ونينوى وديالى والديوانية وغيرها.
ويعاني الغجر في العراق، مثل غجر الدول المجاورة، من التهميش الاجتماعي والنظرة الدونية تجاههم من باقي شرائح المجتمع في العراق، على الرغم من كونهم غير عدوانيين أو من حملة السلاح.
وأسهم امتهان البعض من غجر العراق، في الماضي، مهن مرفوضة في المجتمع المحافظ، مثل الغناء والرقص الشعبي، وحتى البغاء، في نفور السكان منهم ورفض مجاورتهم والتعامل معهم.
ويقول نشطاء من الغجر وداعمون عراقيون لهم، إن الغالبية من الغجر تخلوا عن تلك المهن، لكنهم لا يستطيعون الاندماج في المجتمع، والحصول على وظائف حكومية أو في القطاع الخاص.
ويدفع ذلك الواقع، كثير من الغجر لامتهان التسول، والذي يعرض نسائهم للتحرش الجنسي والاعتداء كما يقولون، بينما يشتكون من انتشار الأمية بينهم وصعوبة الالتحاق بالمدارس التي يتعرض فيها أبناءهم للتنمر والازدراء.
ونجحت مبادرات وحملات دعم عديدة قادها النشطاء في السنوات الماضية، بتحقيق بعض المكاسب، مثل إزالة إشارة "غجري" من بطاقات إثبات الشخصية التي يحملونها، عقب صدور القانون الجديد للجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006، وحلّت محلها إشارة "استثناء".
كما نجح البعض منهم بمبادرات فردية في الابتعاد عن تجمعات الغجر، والانخراط في العمل بالمدن، وقطع التواصل مع ذويهم لعدم إثارة شبهات الجيران حول كونهم غجر بلا امتداد عشائري مثل غالبية السكان.
وتتعدد روايات التاريخ حول أصول الغجر، وبينها كونهم هنود رُحل هاجروا قبل مئات السنين وانتشروا في بلدان العالم، وبينها العراق الذي يصعب في كثير من الأحياء تمييز غجره على أنهم ليسوا عراقيين بالنظر للهجة وملابس من تمكن منهم تجاوز الفقر الذي يدفع الغالبية للتسول.