المغرب يتهم الجزائر باختطاف وتعذيب سكان"مخيمات تندوف"

اتهم السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، الجارة الشرقية الجزائر بـ"اختطاف وتعذيب" سكان مخيمات تندوف جنوب التراب الجزائري، معبراً عن بالغ قلقه إزاء الحالة الإنسانية "المأساوية" لسكان المخيمات.

جاء ذلك خلال الاجتماع السنوي للجنة الـ24 (لجنة تصفية الاستعمار) في الأمم المتحدة.

وقال السفير المغربي، ملوحاً بصورة الصحراوي "مرابيح أحمد محمود" لممثل الجزائر لدى الأمم المتحدة نادر العرباوي، خلال الاجتماع السنوي للجنة الـ24، إن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أصدرت، يوم أمس الاثنين، بياناً بشأن صحراوي "اختطفتموه وحجزتموه وعذبتموه".

وأضاف أن "اللجنة طلبت منكم توضيحات بشأن اختفاء مرابيح، وجددت التأكيد على مسؤوليتكم بصفتكم البلد المضيف لمخيمات تندوف، وذلك في خرق سافر للمادة الثانية للجنة".

وخاطب هلال الدبلوماسي الجزائري – وفق ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء (الرسمية) - "أنتم لا تحترمون الشرعية الدولية ولا القانون الدولي. لقد فرضتم على المغرب نزاعا دام لـ45 عاماً، وتسببتم في شلّ المغرب الكبير".

وتقع مخيمات تندوف، التي تحمل نفس اسم المدينة المتواجدة فيها، في عمق الصحراء الجزائرية في جنوبها الغربي على الحدود مع الأقاليم الجنوبية للمغرب وشمال موريتانيا.

وتضم المخيمات التي أنشأتها جبهة "البوليساريو" في سبعينيات القرن الماضي المئات من المواطنين الصحراويين المغاربة الذين اقتادتهم إليها، وأعلنت أنهم "لاجئون"، بينما تعتبرهم الرباط "محتجزين".

ومن حين لآخر تدعو الرباط المجتمع الدولي إلى التحرك من أجل حمل البلد المضيف (الجزائر) على احترام التزاماته، لا سيما تمكين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من تسجيل وإحصاء عدد سكان مخيمات تندوف.

قضية الصحراء وأزمة القبايل

واستطرد السفير هلال بلهجة حادة: "تطالبون (الجزائر) بتقرير المصير وإنهاء الاستعمار عن الصحراء وتتناسون إنهاء استعمار القبايل التي توجد تحت الاحتلال الجزائري منذ أن أصبحت الجزائر دولة، مضيفا أن "القبايل سجن بسماء مفتوحة، فأنتم تحرمون سكانها من أبسط حقوقهم الأساسية".

وأشار السفير المغربي إلى أن مغربية الصحراء تؤكدها الحقائق التاريخية الثابتة، والأسس القانونية التي لا جدال فيها، مخاطبا السفير الجزائري أن "الصحراء مغربية وستظل مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها".

وأوضح الدبلوماسي المغربي أن المملكة متمسكة بعملية الموائد المستديرة المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن 2468 و2494 و2548 و2602 بمشاركة فعالة للمغرب والجزائر وموريتانيا و"البوليساريو".

واعتبر هلال أن "رفض الجزائر العودة إلى الموائد المستديرة، بعد مشاركتها في أول جولتين، يعد إهانة لمجلس الأمن وانتهاكا للقانون الدولي"، لافتاً إلى أن هذه العرقلة "لن تعفيها أبدا من مسؤوليتها التاريخية في هذا النزاع الإقليمي".

كما شدد على أن الحل السياسي الواقعي والعملي وذا المصداقية والقائم على التوافق الذي طالب به مجلس الأمن لا يمكن أن يتحقق إلا بالمخطط المغربي للحكم الذاتي، في إطار سيادة المغرب ووحدته الترابية.

وأبرز الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة أن "مخطط الحكم الذاتي يتمتع بدعم دولي متنامٍ، حيث أعلنت كل من ألمانيا وإسبانيا ورومانيا وهولندا والفلبين وصربيا وهنغاريا، على سبيل المثال لا الحصر، مؤخرا، دعمها لمبادرة الحكم الذاتي، باعتباره الحل الوحيد الجاد وذا المصداقية".

ومقترح الحكم الذاتي في الصحراء الغربية هو مبادرة طرحها المغرب سنة 2007، كحل لإنهاء نزاع الصحراء، وتمنح الأقاليم الجنوبية حكمًا ذاتيًا موسعًا، مع الاحتفاظ برموز السيادة كالعَلم، والسياسة الخارجية، والعملة، وغيرها.

والعلاقات بين المغرب والجزائر متوترة منذ عقود لأسباب أهمها قضية الصحراء الغربية والحدود المغلقة بين البلدين منذُ عام 1994، وتدهورت العلاقات المغربية الجزائرية بشكل كبير عندما أعلنت الجزائر في شهر أغسطس/آب من عام 2021 قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط، متهمة المملكة بارتكاب "أعمال عدائية" ضدها، وأعربت المملكة حينها عن أسفها للقرار الجزائري، ورفضت "مبرراته الزائفة".

كما اتهمت الرئاسة الجزائرية، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2021، المغرب بقصف شاحنتين جزائريتين وقتل 3 من مواطنيها في الصحراء الغربية المتنازع عليها بين الرباط وجبهة "البوليساريو"، لكن المغرب التزم الصمت إزاء الموضوع.

وتدعم الجزائر جبهة "البوليساريو" التي تسعى إلى استقلال الصحراء الغربية، التي يراها المغرب جزءا من أراضيه.

وكان النزاع حول الصحراء الغربية قد بدأ في 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول الخلاف بين المغرب وجبهة "البوليساريو" إلى نزاع مسلح، استمر حتى 1991، وانتهى بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، وفي أواخر 2020، قالت "البوليساريو"، التي تصفها الرباط بـ"الانفصالية"، إنها "استأنفت الكفاح المسلح".

وتصر الرباط على أحقيتها في الصحراء، وتقترح حكما ذاتيا تحت سيادتها، بينما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير المصير.