قصف مدفعي عنيف ومتزامن على مناطق شمال وشرق مدينة غزة
تسببت مطالب إسرائيلية تتعلق بوجود عسكري دائم مستقبلا في غزة، وبالاحتفاظ بممر نتساريم والبقاء بمحور "فيلادلفيا، بعرقلة التوصل إلى اتفاق بشأن غزة في الوقت الحاسم، بحسب عشرة مصادر مطلعة على جولة المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة، واختتمت الأسبوع الماضي.
وتقول مصر: إن الأنفاق التي كانت تستخدم للتهريب إلى غزة أغلقت أو دمرت، وإن من الضروري وجود الفلسطينيين في رفح، وإن محور "فيلادلفيا"، يشكل منطقة عازلة بموجب معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979.
وأشارت مصادر في حماس إلى أن "وُجود القوات الإسرائيلية في محوري نتساريم وفيلادلفيا يعني استمرار الاحتلال الإسرائيلي، وتقييد حرية المدنيين في التنقل".
وكشفت، من بينها اثنان من مسؤولي حماس وثلاثة دبلوماسيين غربيين لـ "رويترز"، أن الخلافات نشأت من مطالب قدمتها إسرائيل منذ وافقت حركة حماس على نسخة من مقترح لوقف إطلاق النار كشف عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن في مايو\ أيار.
وأجمعت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها حتى تتحدث بحرية في الأمور الحساسة، على أن حماس تشعر بالقلق خصوصا من أحدث مطلب، والذي يتعلق بالاحتفاظ بقوات إسرائيلية على طول ممر نتساريم، وهو شريط ممتد من شرقي القطاع إلى غربه يمنع حرية حركة الفلسطينيين بين شمالي قطاع غزة وجنوبه، وأيضا وجود قوات إسرائيلية في ممر "فيلادلفيا"، وهو شريط حدودي ضيق بين غزة ومصر.
وتسمح قبضة إسرائيل الحالية على ممر "فيلادلفيا"، بالسيطرة على حدود غزة مع مصر، حيث يوجد المعبر الوحيد للقطاع الذي لا يقع على حدود مع إسرائيل.
وقال مصدر مقرب من المحادثات لـ "رويترز": إن حماس ترى أن إسرائيل غيّرت شروطها وتوجهاتها "في اللحظة الأخيرة"، وتخشى أن تقابل أي تنازلات تقدمها بمزيد من المطالب.
ولم يرد المكتب الإعلامي لحركة حماس على طلبات التعليق، كما لم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أسئلة حول المحادثات.
وقال دبلوماسي غربي، بشأن أحدث مطالب إسرائيل: إن واشنطن قبلت فيما يبدو التعديلات التي اقترحها نتنياهو التي تتضمن استمرار الانتشار العسكري الإسرائيلي في الممرين.
ورفض مسؤول أمريكي هذا قائلا: إن مفاوضات "التنفيذ"، تستهدف حسم الخلافات حول ممري "فيلادلفيا ونتساريم"، وعدد السجناء الفلسطينيين، ومن سيطلق سراحهم من بين موضوعات أخرى.
ورفض وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال جولته في المنطقة، أي إشارة إلى احتلال القوات الإسرائيلية لغزة على المدى الطويل، قائلا في المؤتمر الصحفي "إن المواقع والجدول الزمني للانسحاب واضحان جدا في الاتفاق".
وقالت حماس، في بيان صحفي صدر يوم الأحد: إن المقترح الذي برز في محادثات الأسبوع الماضي، كان يتماهى مع مواقف نتنياهو، وشروط جديدة وضعها أخيرا.
وحثت حماس الوسطاء على الالتزام بتنفيذ نسخة يوليو/تموز من اتفاق إطار العمل وليس بدء مفاوضات جديدة.
وفي بيان صدر قبل محادثات الأسبوع الماضي، نفى مكتب نتنياهو، تقديم أي مطالب جديدة، قائلا إن موقفه مبني على المقترح السابق.
وقال المكتب: إن المقترح الإسرائيلي المقدم في مايو/أيار الماضي، ينص على أنه لن يسمح إلا بعودة المدنيين العزل إلى شمالي غزة عبر ممر نتساريم.
وأضاف المكتب: أن المقترح الإسرائيلي الجديد الذي طُرح لأول مرة في اجتماع للوسطاء في روما في 27 يوليو/تموز، يقضي بإنشاء آلية متفق عليها لضمان ذلك، وهو ما يعني، ضمنا وليس صراحة، وجودا عسكريا إسرائيليا في "نتساريم"، لمنع تحرك مقاتلي حماس.
وقال مصدر ثان مقرب من المحادثات: إن إسرائيل "اقترحت تأجيل الاتفاق"، حول عودة المدنيين إلى الجزء الشمالي "إلى موعد لاحق".
وأضاف المصدر: أن بعض الوسطاء وحماس اعتبروا ذلك تراجعا من إسرائيل عن التزام سابق بالانسحاب من ممر "نتساريم"، والسماح بحرية الحركة داخل غزة.
واختتم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الثلاثاء، زيارة سريعة إلى المنطقة كان يسعى من خلالها إلى تحقيق انفراجة.
وبعد اجتماعه مع نتنياهو، قال بلينكن: إن إسرائيل قبلت مقترحا أمريكيا جديدا يستهدف تقريب "هوّة الخلافات"، بين أحدث مواقف إسرائيل وحماس.
وحثّ بلينكن، حماس على أن تقبل أيضا هذا المقترح.
وقال بلينكن في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء "بمجرد حدوث ذلك، يتعين علينا أيضا استكمال اتفاقات التطبيق بشكل تفصيلي، والتي تترافق مع تنفيذ وقف إطلاق النار".
ولم ينشر أي طرف ما وصفه بلينكن بـ"مقترح سدّ الفجوات".
محادثات جديدة
ومن المتوقع عقد الجولة التالية من المحادثات في القاهرة في الأيام المقبلة، استنادا إلى مقترح سدّ الفجوات الأمريكي.
وقال المصدر المقرب من المحادثات: إن من المتوقع أن يشارك في هذه الجولة بيل بيرنز كبير المفاوضين الأمريكيين، مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.أيه)، ونظيره الإسرائيلي دافيد برنياع، رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وكبير المفاوضين المصريين.
وأضاف المصدر: أن من المتوقع أن يزور رئيس الوزراء القطري طهران قبل أن يتوجه إلى القاهرة.
وقال مصدر إيراني: إن من المقرر أن يزور الشيخ محمد طهران يوم الاثنين.
ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على الأسئلة، فيما رفضت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، التعليق، تماشيا مع سياستها بعدم الكشف عن تحركات بيرنز.
وقال اثنان من مسؤولي حماس: إن المقترح الأمريكي يتضمن بعض التعديلات الإسرائيلية التي يرفضونها، ومنها السماح بوجود عسكري إسرائيلي على طول الممرين وإرسال بعض السجناء الفلسطينيين المفرج عنهم إلى المنفى، وليس إلى غزة أو الضفة الغربية، في أي مبادلة للرهائن.
لكنّ مسؤولا كبيرا في الإدارة الأمريكية قال: إن "مقترح سد الفجوات"، لا يتضمن أي شيء يغير الالتزامات المتفق عليها سابقا حول ممر نتساريم.
وقال المسؤول: إن أي ترتيبات مؤقتة حول ممر فيلادلفيا، يتعين أن تتسق مع النص الذي قدمته إسرائيل في 27 مايو/أيار، والإطار العام الذي طرحه بايدن وأيده مجلس الأمن الدولي.
وقال المسؤول: إن المقترح يتضمن "فوائد هائلة وفورية" لسكان غزة، ويتضمن عددا من مطالب حماس السابقة.
وقال اثنان من المصادر، وهما مسؤولان أمنيان في مصر: إن إسرائيل وحماس مستعدان فيما يبدو لحسم الخلافات في جميع المجالات، بخلاف ما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي.
وقال مكتب نتنياهو في بيان اليوم الخميس: إن أهداف الحرب الإسرائيلية تشمل "تأمين الحدود الجنوبية"، في إشارة إلى محور فيلادلفيا".
وحول الخلافات حول أحدث مقترح لوقف إطلاق النار، أشارت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، إلى التصريحات الرسمية أخيرا التي تؤكد مواصلة السعي، للتوصل إلى اتفاق في محادثات القاهرة والدوحة.
ولم يعلّق مكتب الإعلام الدولي القطري على الأمر، لكنه أشار إلى بيان صدر في وقت متأخر من يوم الثلاثاء بعد أن تحدث رئيس الوزراء القطري مع بلينكن.
وحث البيان على بذل الجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
محور فيلادلفيا
تعد السيطرة على محور "فيلادلفيا"، ومعبر رفح الحدوديين بين غزة ومصر، مسألة حساسة جدا للقاهرة.
وقالت مصادر أمنية مصرية "إن القاهرة مستعدة لزيادة الإجراءات الأمنية في محور فيلادلفيا، لكنها ترفض وجود قوات إسرائيلية هناك.
وسيطرت إسرائيل على المحور الاستراتيجي في مايو/أيار، وقالت "إن حماس تستخدمه لتهريب الأسلحة والمواد المحظورة إلى غزة عبر الأنفاق".
وأدى التقدم الإسرائيلي داخل المنطقة، إلى إغلاق معبر رفح، ما قلّص بشكل حاد كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة، وأوقف معظم عمليات الإجلاء الطبي، وربما يكون قد حرم مصر من دور الوسيط للوصول إلى المعبر الحدودي الوحيد في غزة الذي لا يخضع لسيطرة إسرائيل المباشرة.
السجناء والسلام
وقال مسؤولا حماس لـ"رويترز": إن الخطة الأمريكية "لا تتضمن وقفا دائما لإطلاق النار".
وصرح الرئيس الأمريكي جو بايدن في اقتراح قدمه في مايو/أيار، أن وقف إطلاق النار المؤقت، سيتحول إلى دائم "، طالما تفي حماس بالتزاماتها".
وذكر مسؤولا حماس، أن إسرائيل رفضت أيضا الإفراج عن نحو مئة سجين فلسطيني اقترحت حماس أسماءهم، بعضهم من المسنين، تبقّى في عقوبتهم أكثر من 20 عاما.
وأصبحت قضية الإفراج عن سجناء فلسطينيين في صفقة تبادل بالرهائن الذين تحتجزهم حماس في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أسهل من ذي قبل.
وقال الدبلوماسي الغربي ومسؤولا حماس: إن نقطة الخلاف الرئيسية حاليا هي تمسك إسرائيل بضرورة ترحيل العديد من السجناء الذين ستفرج عنهم إلى المنفى بعيدا عن إسرائيل أو الضفة الغربية أو غزة.
وقال أحد المسؤولين: "لهذا رفضت حماس قبول الورقة الأمريكية الإسرائيلية".
وهناك إطار من ثلاث مراحل للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مطروح على الطاولة منذ أواخر ديسمبر/كانون الأول، لكن تعدد الخلافات بين إسرائيل وحماس على التفاصيل الرئيسية جعلت الاتفاق مستحيلا.
وتحاول الولايات المتحدة وقطر ومصر، الحفاظ على استمرار المفاوضات، لإنهاء الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وإعادة بقية الرهائن الذين تحتجزهم حماس وحلفاؤها.
وشنّت إسرائيل حملتها على غزة، ردا على هجوم حماس عليها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وأسفر هجوم حماس عن قتل نحو 1200 شخص، واحتجاز نحو 250 رهينة، وفقا لإحصاءات إسرائيلية.
وتقول السلطات الصحية الفلسطينية: إن أكثر من 40 ألف شخص قتلوا في الحملة الإسرائيلية على غزة منذ ذلك الحين".