"العقدة والحل".. تناقضات السنوار تضع حرب غزة أمام المجهول

تباينت آراء المحللين حول تداعيات اختيار حركة حماس  يحيى السنوار رئيسًا لمكتبها السياسي، خلفا لإسماعيل هنية، مشيرين إلى "تناقضات" في شخصية السنوار ستلقي بظلالها على مستقبل حرب غزة.

 فمن جهة وصف محللون اختيار السنوار بأنه "قفزة في الهواء"، لا سيما أن مصيره غير معروف، عدا عن عدم وجود قنوات تواصل له مع الوسطاء الإقليميين والدوليين.

وأوضحوا أن هذا الوضع يصعّب مهمة السنوار إلى حد بعيد، ويجعلها شبه مستحيلة في ظل الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ أكثر من 10 أشهر.

بينما يرى محللون آخرون أن اختيار السنوار يضيف للحركة فرصة أكبر لتحقيق صفقة تبادل والذهاب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو إنهاء الحرب، مشيرين إلى أنه يتمتع ببراغماتية عالية وجدية في عقد اتفاقات والتزام بها.

رسالة تحد

الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور قال إن قرار اختيار السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس كان سريعاً ومفاجئاً حتى داخل أروقة الحركة.

وأضاف منصور في حديث لـ "إرم نيوز" أن الاختيار يحمل رسائل تحدٍ لإسرائيل، ويعد رداً قوياً على اغتيال إسماعيل هنية.

 

واستدرك بالقول إن الحركات السياسية لا تتخذ قراراتها على شكل رسائل، خاصة إذا كانت الرسالة ليست إيجابية، وقد ينظر إليها البعض على أنها تعقيد للحل الذي تبحث عنه حركة حماس.

وأشار منصور إلى أن أبرز ما تبحث عنه الحركة في هذه الأوقات هو الوحدة الداخلية والتحرر من الضغط واستقطاب المحاور، وهذا ما استطاع أن يؤمنه السنوار للحركة، فهو رجل يحظى بإجماع واسع، كما أصبح ذا رمزية، ويعتبر المطلوب رقم واحد لإسرائيل، كما أنه الممثل للجناح العسكري الذي يقود المعركة حاليا.

وتابع المختص في الشأن الإسرائيلي بالقول "إن حصار السنوار وحياته التي أصبحت في الظل تسهل خلق إجماع حوله، كما أن كل ذلك سينطوي على رسالة معنوية مهمة للشارع وجمهور الحركة ورد الاعتبار لهيبة القائد فيها".

 وأكد منصور أن السنوار يوحد جميع الأقطاب داخل الحركة؛ لأنه قادر على تجنيبها لعبة وتجاذبات المحاور، موضحا أن اختيار أي شخص آخر سيعني الانحياز لمحور وخلق تيارات وتعارضات لها تداعيات سلبية على الحركة في هذه اللحظة الحاسمة التي تمر بها وحرب الوجود التي تتعرض لها.

مشروع الحركة

من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد نعيم إن اختيار السنوار جاء لتوافر عدة صفات تخدم مشروع الحركة بالدرجة الأولى.

وأوضح نعيم في حديث لـ "إرم نيوز" أن السنوار خبير في المجتمع الإسرائيلي، ويعرف طريقة تفكيره، ويتقن لغته بطلاقة، كما أنه يعتبر صاحب قرار يجمع بين يديه عناصر القوة، فهو متحرر من ضغط "المضيفين"، وهذه الصفات تؤهله لأن يتخذ قرارات مصيرية، وأن يقدم تنازلات إذا لزم الأمر.

ومن جهة أخرى قال نعيم إن السنوار مطلوب واسمه مدرج على قوائم الإنتربول والقوائم السوداء في الغرب والولايات المتحدة ومعزول عن العالم، وقد جهدت إسرائيل كي تشيطنه وتحمله مسؤولية السابع من أكتوبر، وهذا يقيده ويصعب عليه اتخاذ القرارات.

ولفت إلى أن هذه المواصفات المتناقضة تجعل اختيار السنوار العقدة والحل في الوقت نفسه.

فرصة الحل

ورأى نعيم أن "هذا الاختيار ألقى الكرة في ملعب نتنياهو، وإذا ما قرر العالم أن هذه الحرب يجب أن تنتهي واستطاع أن يفرض إطار حل، فسيجدون في السنوار الرجل المناسب".

وذكر أن موقع السنوار الرسمي وتنصيبه رئيساً للمكتب السياسي للحركة قد يعطيه مخرجا لاتخاذ قرار شخصي جريء حول بقائه في غزة أو مغادرتها إذا ما قرر ذلك.

وأشار المحلل السياسي إلى أن من يعطل التوصل إلى صفقة هو  نتنياهو وليس السنوار، وأن هذا الاختيار قد يمنح نتنياهو ذريعة جديدة للتهرب من الصفقة والتصلب في مواقفه.

وأكد أن من الصعب أن توافق إسرائيل على عقد اتفاق مع الرجل الذي ترى فيه كل ما تخشى منه، وهو الذي تسعى ليلا ونهارا لتصفيته، إلى الدرجة التي ارتبطت بها الحرب عملياً باسمين فقط ورأسين هما السنوار ونتنياهو، وأصبح وجود أي منها كسرا لإرادة الآخر وانتصارا عليه.

وبيّن نعيم خلال حديثه أن إسرائيل قد ترى أن وجود السنوار في هذا الموقع هدية لها؛ لأنها في حال أرادت الاتفاق ستجد من يستطيع أن يبرمه ويلتزم به، وفي حال اختارت التصعيد واغتالته، ستعتبر هذه ذروة نجاحاتها في حربها وضربة مهمة تمهد لها الطريق لتحقيق جزء من أهدافها.

وختم بالقول: "الكثير مما يخفيه المستقبل القريب مرتبط بهذا الاسم، سواء في هذا الاتجاه أو ذاك، لكن الشيء المؤكد أن حماس اتخذت قرارا غير عادي يرحل استحقاقات وأزمات داخلية وأخرى مع الإقليم، ويؤمن لها فترة من الهدوء الداخلي، لكنه ينطوي على مغامرة كبيرة جداً".