عاجل

الأمم المتحدة: استهداف الآلاف دون معرفة من كانت بحوزته الأجهزة ينتهك القانون الدولي الإنساني

logo
العالم العربي

اغتيال هنية.. عملية استخبارية نوعية تؤكد هشاشة النظام الأمني الإيراني

اغتيال هنية.. عملية استخبارية نوعية تؤكد هشاشة النظام الأمني الإيراني
وقفة احتجاجية على اغتيال القيادي في حركة حماس إسماعيل هني...المصدر: رويترز
01 أغسطس 2024، 12:37 م

المحلل الأمني والخبير الإستراتيجي أحمد صالح خلف

بعيدًا عن التقليدية بتناول الأبعاد السياسية لعملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، التي لم تتبنها إسرائيل تبنيًا معلنًا حتى الآن، وردود الأفعال المتوقعة من قبل الأطراف المعنية كإيران وحماس وباقي الأذرع الإيرانية في المنطقة وانعكاسات العملية على واقع حرب غزة، السؤال الأبرز في خضم هذه الأحداث هو كيف تمكنت إسرائيل من تنفيذ عملية اغتيال هنية، ولماذا نُفِّذت في قلب العاصمة الإيرانية طهران؟

أخبار ذات علاقة

اغتيال هنية.. أزمة مبكرة لبزشكيان الساعي لتحسين العلاقات مع الغرب

 

تدل عملية اغتيال، هنية بما لا يدع مجالًا الشك، على أن الساحة الداخلية الإيرانية هشة من ناحية استخبارية وأمنية، ومخترقة اختراقًا عميقًا، ولا يأتي قرار الموساد بتحديد مكان التنفيذ واختياره مفاجئًا للمختصين في الشأن الاستخباري؛ نظرًا لكم العمليات الاستخبارية النوعية التي نفذها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) في إيران خلال السنوات القليلة الماضية، إذ نفذت إسرائيل عمليات في الداخل الإيراني ما كان لها أن تنجح إلا من خلال اختراق استخباري يعتمد على وجود محطات وخلايا استخبارية نشطة ومستقرة مددًا طويلة تصل لسنوات، إضافة لحقيقة وجود عملاء على الأرض من الداخل الإيراني وصلت حد تجنيد عناصر أمنية وعسكرية إيرانية بمستويات قيادية مختلفة حسب روايات رسمية إيرانية. 

قد يعتقد كثير من المتابعين أن هذا النوع من العمليات الاستخبارية يُحَضَّر له خلال أيام أو أسابيع ليُنَفَّذ كما حصل في اغتيال إسماعيل هنية، ولكن حقيقة الأمر في العلم الاستخباري أن هذه العمليات تأتي ثمارًا لعمليات اختراق وتجنيد عملاء استمرت سنوات طويلة، ونستدل على ذلك بأمثلة وشواهد أبرزها عملية اغتيال العالم النووي الإيراني الملقب بـ "أبي القنبلة النووية الإيرانية"، محسن فخري زاده الذي اغتيل في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020م في أثناء سيره في موكب تحت حماية الحرس الثوري الإيراني، إذ تعرض لإطلاق نار بسلاح رشاش يعمل بالتحكم عن بعد بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، حينئذٍ صرح وزير الأمن الإيراني محمود علوي، أن الذين خططوا للعملية كانوا "من القوات المسلحة الإيرانية".

وفي أواخر العام 2018م، اقْتُحِمَت منشأة تخزين نووية ذات نظام أمني عالي المستوى، وحراسة مشددة قرب العاصمة الإيرانية طهران، وسُرِقَت وثائق ومحفوظات نووية ظهرت في إسرائيل بعد 3 أشهر، وأعلنت الحكومة الإسرائيلية عن امتلاكها للوثائق، وزعمت إيران حينئذٍ أنها وثائق مزورة وغير صحيحة، وفي إثر هذه العملية اعتقلت السلطات الإيرانية أحد أبرز ضباط المخابرات الإيرانية، وهو المسؤول عن مكافحة التجسس ضد إسرائيل في وزارة الأمن الإيرانية، وحُكِم عليه بالإعدام من قبل المحكمة الثورية إيرانية.

أخبار ذات علاقة

لماذا تمثل عملية اغتيال هنية "إحراجا" لإيران؟

 

وفي السياق ذاته صرح الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد أن الموساد قد اخترق وزارة استخباراته، وقال: "هل من الطبيعي أن يكون أكبر ضابط مسؤول عن السيطرة على الجواسيس الإسرائيليين، والمسؤول عن مواجهة المؤامرات الإسرائيلية في إيران هو نفسه عميلاً لإسرائيل؟". 

هنية لم يمكث في إيران لسنوات أو حتى أشهر حتى يُتَتَبَّع استخباريًّا ويُراقب روتينه اليومي وتُحدد خطوط سيره وعلاقاته ونشاطاته، إذ يتطلب تنفيذ هذه المتابعات الاستخبارية مدة زمنية طويلة، تاليًا فإن التمكن من تحديد مكان إقامته والغرفة التي ينام فيها في أثناء وجوده في زيارة قصيرة جدًّا لإيران يدل على أن الخلايا الاستخبارية الإسرائيلية المستقرة في إيران منذ سنوات، وعملاء الموساد من العناصر الإيرانية في المنظومة الأمنية الإيرانية مررت المعلومات اللازمة، ونفذت كل ما يلزم من تحديد موقعه، والساعة والدقائق التي يوجد فيها في المبنى والغرفة التي يقطنها، وهي مبانٍ للمحاربين القدامى (العسكريين السابقين في الجيش الإيراني) ومحروسة من قبل الحرس الثوري الإيراني.

والصواريخ الذكية الموجهة التي تستخدم في اغتيال واستهداف أفراد أو سيارة تحتاج إلى وضع شريحة صغيرة الحجم بشكل متناهٍ على الشخص المستهدف، أو في الغرفة أو السيارة التي يوجد فيها، أو وضع مادة مشعة لا ترى بالعين المجردة لإنشاء مسارات إرسال واستقبال بين الصاروخ الموجه والهدف؛ لضمان التوجيه الصحيح ودقة التنفيذ، ويتطلب ذلك تنفيذ عنصر أو عميل لذلك.

تاليًا، فعملية اغتيال هنية لا يمكن تنفيذها إلا من خلال عملاء إيرانيين يعملون في المنظومة الأمنية والعسكرية الإيرانية، إضافة لعناصر مجندين للموساد في صفوف الحرس الثوري الإيراني، وغالبًا أن الصاروخ الذكي والموجه أُطلق من داخل إيران، وضمن محيط منطقة التنفيذ؛ وذلك لأن هذه الأنواع من الصواريخ صغيرة الحجم، والتي تستخدم في اغتيال الأفراد، تتطلب مسافات قصيرة للانطلاق؛ لضمان دقة التنفيذ وتجنب كشفه أو إسقاطه قبل الوصول للهدف. 

بالنتيجة يبدو جليًّا أن الموساد اختار تنفيذ العملية في إيران ليس فقط لأن العملية ستمثل كسرًا واختراقًا للسيادة الإيرانية ولإحراج النظام السياسي الإيراني الذي عجز عن حماية رئيس حركة حماس والمطلوب الأول لإسرائيل، بل لأن الساحة الإيرانية تمثل للموساد الساحة الأكثر اختراقًا، والأضعف والأسهل مقارنة بالدول كلها التي يتنقل بينها هنية منذ السابع من أكتوبر.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC