ترامب: اليابان ستأتي اليوم للتفاوض بشأن الرسوم الجمركية وتكلفة الدعم العسكري
تسعى تركيا إلى تحقيق أهداف استراتيجية كبيرة في سوريا تشمل القضاء على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وفرض هيمنتها العسكرية والإقليمية، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً لأمن أنقرة القومي، وفقًا لمحللَين.
هذه التحركات، التي تشمل بناء تحالفات مع الحكومة السورية وإنشاء قواعد عسكرية مثل قاعدة التيفور، أثارت توترات كبيرة مع إسرائيل، التي ترى في هذه الخطوات تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، على ما تحدث به خبراء لـ"إرم نيوز".
على الجانب الآخر، يعكس الصراع في سوريا أيضًا تنافسًا حول السيطرة على الثروات والموارد، حيث تسعى تركيا لفرض سيطرتها على الحدود البحرية في البحر المتوسط، في خطوة تتصادم مع المصالح الإسرائيلية.
ويشير الخبراء إلى أن هذه التحركات التركية تمثل تحولًا في معادلة النفوذ الإقليمي، حيث تتزايد المخاوف الإسرائيلية من توسع تركيا في المنطقة، ما يهدد استقرار الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط.
وأشار الخبراء إلى أن إنشاء تركيا لهذه القواعد العسكرية، وتحديداً في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية يتصادم مع المصالح الأمنية الإسرائيلية، وتستند هذه المخاوف إلى التطورات العسكرية الأخيرة، فقد ردت القوات الجوية الإسرائيلية على هذه التحركات عبر ضربات جوية استهدفت مواقع عديدة في سوريا.
ولا يقتصر الصراع في سوريا على التحركات العسكرية فحسب، بل يشمل أيضاً صراعاً حول السيطرة على الثروات والموارد، خاصة فيما يتعلق بمشاريع ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط، هذا التوتر يشير إلى صراع متعدد الأطراف بين تركيا، إسرائيل، حيث يسعى كل طرف إلى تحقيق مكاسب استراتيجية على حساب الآخر.
وقال الكاتب والباحث السياسي محمد هويدي إن أهداف تركيا الاستراتيجية كبيرة في سوريا، تتمثل أولها في تطويق قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والقضاء عليها، باعتبارها تهديدًا لأمنها القومي.
وأضاف هويدي لـ"إرم نيوز" أن الهدف الثاني يتمثل في التعاون بين وزارتي الدفاع التركية والسورية لإبرام اتفاقية دفاع مشترك. وكشفت تقارير صحفية عن نية أنقرة إنشاء ثلاث قواعد عسكرية في سوريا، لا سيما في مطار التيفور، نظرًا لأهميته الاستراتيجية، حيث يمنح السيطرة عليه القدرة على التحكم في المجال الجوي السوري.
وأكد أن هذا التطور يعد "خطًا أحمر" لإسرائيل، إذ يعيق تحركاتها الجوية بحرية ويشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
وأشار هويدي إلى أن السيطرة على مطار التيفور تحد من قدرة إسرائيل على تنفيذ ضربات جوية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما دفع تل أبيب إلى الإعلان صراحة عن رفضها القاطع لإنشاء قواعد عسكرية تركية في سوريا، معتبرة أن ذلك يشكل تهديداً استراتيجياً خطيراً عليها، وأن الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على سوريا جاءت كرسالة مباشرة إلى تركيا، ردًا على دخول قواتها وتعزيز وجودها العسكري في المنطقة.
وأضاف أن هذه الخطوة الإسرائيلية تعكس موقفاً حاسماً، فقد صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن "إسرائيل لن تسمح بأي تهديد لأمنها القومي"، في إشارة واضحة إلى استعداد تل أبيب لاتخاذ خطوات تصعيدية في حال استمر التمدد التركي في سوريا.
وبيّن هويدي أن الهدف الثالث لتركيا هو ترسيم الحدود البحرية، وهو أمر تواجهه معارضة شديدة من إسرائيل واليونان وقبرص، بالإضافة إلى الفيتو الأمريكي، مؤكداً أن القوى الفاعلة في المنطقة لن تسمح لأنقرة بفرض سيطرتها على سوريا ومواردها وثرواتها، أو تحقيق مكاسب استراتيجية على حساب اللاعبين الدوليين الآخرين، خاصة فيما يتعلق بوصولها إلى شرق المتوسط وإعادة تقسيم الحدود البحرية بما يخدم مصالحها.
وأضاف أن تركيا، وفق مشروعها لترسيم الحدود، لا تعترف باتفاقية البحار لعام 1982، وتسعى لإعادة رسم الحدود وفقاً لرؤيتها الخاصة، ما يزيد من حدة التوتر والصراع الجيوسياسي بينها وبين إسرائيل، مشيراً إلى أن تركيا تخطط لتدريب الجيش السوري وإعادة تأهيله، ما يعني أنها ستكون لاعباً رئيسياً على الحدود الشمالية لإسرائيل، وهو تحول استراتيجي يثير قلق تل أبيب بشكل كبير.
ولفت إلى أن الصراع في سوريا يتجه نحو معادلة جديدة، خرجت منها إيران لتحل محلها تركيا، ما يفسر تصاعد التهديدات الإسرائيلية الموجهة للإدارة السورية الجديدة، كما أن هذه التهديدات تشبه إلى حد كبير التصعيد الذي واجهه بشار الأسد سابقاً، عندما حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو قائلاً: "إن الأسد يلعب بالنار".
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي عماد يوسف إن الوجود التركي في سوريا خلال السنوات الماضية لم يكن مجرد تدخل عسكري، بل امتد ليشمل تغييرات ديموغرافية، ومحاولات لترسيخ نفوذ سياسي، ودعم فصائل مسلحة ومعارضة سورية، في إطار ما وصفه بـ"صراع المشاريع" في المنطقة.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن هناك ثلاثة مشاريع متنافسة في سوريا، يتمثل الأول في المشروع الإيراني الذي فشل، والثاني المشروع التركي الذي تسعى أنقرة من خلاله إلى فرض هيمنتها الإقليمية عبر دعم الإسلام السياسي، فيما يمثل المشروع الإسرائيلي الطرف الثالث في هذا الصراع، حيث تسعى تل أبيب إلى تكريس نفوذها الإقليمي والتصدي للتمدد التركي.
وأشار إلى أن سقوط النظام السوري جعل سوريا محوراً رئيسًا في معادلة الصراع في الشرق الأوسط، حيث تعزز السيطرة على بعض المناطق نفوذ المشاريع المتنافسة، كما أن الوجود التركي في سوريا يندرج تحت هذا الإطار، حيث تحاول أنقرة إنشاء قواعد عسكرية في العمق الاستراتيجي السوري، لا سيما في قاعدة التيفور التي استهدفتها إسرائيل، في محاولة لوقف النفوذ التركي المتزايد.
وأكد يوسف أن إسرائيل، في مواجهة هذا التحرك التركي، تعمل على بناء تحالفات إقليمية مع قبرص واليونان وبعض الدول العربية، بهدف تطويق النفوذ التركي والحد من تمدده في سوريا ومنطقة شرق المتوسط.