ترامب: نحن قريبون للغاية من التوصل إلى اتفاق بشأن الحرب في أوكرانيا
فجر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفاجأة جديدة على الساحة التجارية والسياسية، بإعلانه فرض رسوم جمركية بنسبة 41% على البضائع المستوردة من سوريا، في أعلى نسبة تُفرضها واشنطن على دولة عربية.
القرار الذي وصف بأنه يتجاوز الحسابات الاقتصادية البحتة، فتح باب التساؤلات حول مغزاه الحقيقي، خاصة في ظل السياق السياسي المتوتر وتبدّل خارطة التحالفات في المنطقة.
اختلفت آراء الخبراء بشأن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على البضائع السورية، فبينما يرى فريق أن هذه الخطوة جزء من سياسة اقتصادية عامة تنتهجها واشنطن تجاه مختلف دول العالم، يذهب آخرون إلى أن القرار يتجاوز البعد الاقتصادي ويحمل دلالات سياسية صريحة تجاه السلطات السورية الجديدة.
ويشير البعض إلى أن هذه الرسوم تأتي كردٍّ مناظر للضرائب الجمركية التي تفرضها سوريا على المنتجات الأمريكية، والتي تبلغ نحو 81%، مما يجعل القرار الأمريكي أقرب إلى معادلة تجارية منه إلى موقف سياسي.
في المقابل، يرى آخرون أن اختيار سوريا لتكون في رأس قائمة الدول المتأثرة بهذه الرسوم، رغم ضآلة تبادلها التجاري مع واشنطن، يحمل رسالة رمزية مفادها عدم رضا الإدارة الأمريكية عن التوجهات السياسية الجديدة في دمشق.
حول هذا الموضوع، قال مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات، الدكتور آصف ملحم، إن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة المفروضة على المستوردات من الدول الأخرى، بما في ذلك سوريا، تُعد عملية ردٍّ مناظر للإجراءات الجمركية التي تتخذها هذه الدول بحق البضائع الأمريكية، موضحاً أن أغلب دول العالم أصبحت مشمولة بهذا القرار.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن المرسوم الأمريكي يحدد نسب الرسوم بناءً على درجة "الصداقة" التي تربط الولايات المتحدة بهذه الدول، حيث تبدأ النسبة من نحو 10% للدول الصديقة، وتصل حتى 49% للدول التي تُعتبر "غير صديقة"، وفي حالة سوريا بلغت النسبة 41%.
وأوضح أن سوريا تفرض رسوماً جمركية مرتفعة تصل إلى 81% على جميع البضائع الأمريكية، لذلك فإن الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة تُعد مناظرة في المنطق الاقتصادي، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين ضئيل للغاية، إذ بلغ حجم واردات الولايات المتحدة من سوريا في عام 2024 حوالي 11.18 مليون دولار فقط، بحسب بيانات الأمم المتحدة، فيما صدّرت الولايات المتحدة إلى سوريا ما لا يتجاوز 2.2 مليون دولار.
وهو ما يعني أن الميزان التجاري بين الطرفين لا يشكّل أكثر من 1% من حجم التجارة الخارجية الأمريكية، التي تتركز وارداتها من سوريا في سلع محدودة مثل القطع الفنية الأثرية، والقهوة، والشاي، والتوابل.
وتساءل ملحم عن الغاية الفعلية من هذا القرار، خاصةً وأن سوريا تخضع أصلاً لعقوبات اقتصادية تجعل من التبادل التجاري معها أمراً بالغ الصعوبة. فالولايات المتحدة تسعى من خلال القرار إلى استهداف قطاع النفط السوري، في ظل تصريحات وزير الخارجية الأسبق مايك بومبيو عام 2020 بشأن عقود استثمار أمريكية أُبرمت مع "قوات سوريا الديمقراطية"، إلى جانب تأكيد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أن مظلوم عبدي وقّع عقودًا مع شركات أمريكية لاستثمار حقول النفط والغاز.
وأشار إلى أن الأمر الآخر يرتبط بمحاولة استهداف مستلزمات صناعة المخدرات، لا سيما أن سوريا تُعد منذ فترة طويلة معبراً رئيساً لتجارة المخدرات، مما قد يجعل المعدات والمستلزمات الكيميائية في دائرة الاستهداف.
وفيما يخص البعد السياسي للقرار، أوضح أن قرار ترامب لا يرتبط برسالة سياسية محددة تجاه سوريا، بل يأتي ضمن سياسة شاملة تطال معظم دول العالم، فهذا الإجراء يندرج تحت ما وصفه ترامب بـ"العدالة في توزيع الرسوم الجمركية"، ويهدف إلى دعم الاقتصاد المحلي الأمريكي وتشجيع المواطن على الاعتماد على المنتجات الوطنية بدلاً من المستوردات.
في المقابل، يرى المحلل السياسي أحمد الأشقر أن فرض رسوم بنسبة 41% على البضائع السورية لا يمكن فصله عن الدلالات السياسية، خاصةً وأنه يُعد الأعلى بين الدول العربية، مما يشير إلى موقف أمريكي متشدد تجاه السلطات السورية الجديدة، وربما يُعد وسيلة ضغط تعكس عدم الرضا عن توجهاتها وتحالفاتها الإقليمية والدولية.
وأضاف الأشقر لـ"إرم نيوز" أن هذه الرسوم تُشكّل عبئًا كبيرًا على الصادرات السورية، التي تعاني أصلاً من ضعف الإنتاج وتدهور البنية التحتية بفعل الحرب، ما يجعلها أقل قدرة على المنافسة في السوق الأمريكية، ويؤدي إلى انخفاض حجم التبادل التجاري، ونتيجة لذلك تُحرم سوريا من مصدر مهم للعملات الأجنبية، مما يفاقم العجز المالي ويُضعف قدرتها على تمويل مشاريع إعادة الإعمار وتأهيل القطاعات الحيوية.
وأشار إلى أن القرار الأمريكي يأتي في مرحلة دقيقة تحاول فيها السلطات السورية الجديدة إعادة بناء الدولة، وإنعاش الاقتصاد، وجذب الاستثمارات، إلا أن الرسوم الجمركية المرتفعة تقف عائقاً أمام هذه الأهداف، وتُضعف ثقة المستثمرين في البيئة الاقتصادية السورية.
وختم بالقول إن استمرار هذه السياسات سيُقلّص من فرص دمج الاقتصاد السوري في الأسواق العالمية، ويجعله مرتهناً لعلاقات تجارية محدودة، ما يزيد هشاشته في مواجهة أي تغيرات سياسية أو اقتصادية مستقبلية.